الأنباط -
الأنباط -في كل شهر رمضان، ينجح عمل درامي "بإشعال" وسائل التواصل الاجتماعي، بسبب محتواه الفني الذي يتجاذب الاستحسان والاستهجان من فئات مختلفة.
وهذا العام، خلق مسلسل "أم هارون" حالة من الجدل الواسع، إذ لمس أوتاراً تتعلق بسياقات تاريخية، لكن ما لبثت أن تحولت إلى نقاشات سياسية، بشأن التطبيع مع إسرائيل، بحسب ما جاء على موقع (سكاي نيوز).
وبدأت يوم الجمعة، أولى حلقات مسلسل "أُم هارون"، وهو مسلسل تلفزيوني، يدور حول مجتمع متعدد الديانات في دولة عربية خليجية، لم تُذكر بالاسم، من ثلاثينيات وحتى خمسينيات القرن الماضي.
وأثار المسلسل الجدل حتى قبل إطلاق أول حلقاته، فقد تعرض المسلسل للنقد لأنه محاولة للترويج لـ "التطبيع" العربي مع إسرائيل، بسبب إظهاره لمجتمع يهودي وسط المسلمين، بينما تعرض للثناء لتطرقه بشكل نادر للتاريخ الاجتماعي لمنطقة الخليج.
وقال مؤلف وكاتب العمل، علي شمس لـ (سكاي نيوز عربية): "الهدف هو أن نظهر كيف كانت تتعايش الناس مع بعضها البعض، وكيف كانت محبتهم لبعضها البعض. الصراعات والمشاكل موجودة في كل زمان وفي كل ديانة، لكن هدفنا الرئيسي هو إظهار التعايش في ذلك الزمان".
يذكر أن البحريني علي شمس عمل مع شقيقه محمد شمس، على تأليف وكتابة العمل الدرامي، بينما أخرجه المصري محمد العدل، الذي سبق أن أخرج مسلسل "حارة اليهود" قبل عدة أعوام.
ونفى شمس بشكل قاطع، أن يكون "التطبيع مع إسرائيل"، من أهداف المسلسل، مشيراً إلى أن "قضية فلسطين" لا تقبل الجدل.
وقال شمس: "الناس حكمت على المسلسل قبل مشاهدة العمل حتى، ولا يوجد أي شيء من هذا القبيل، فتوجهنا ليس سياسياً أبداً ولا نريد أن ننجرف لهذا الموضوع، قضية فلسطين هي قضية كل العرب، لذلك ليس لدينا أي توجه نحو التطبيع".
حالة جدل
وصب المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الزيت على نار الجدل، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي بموقع (تويتر)، انتقد فيها المعادين لليهود ولمسلسل "أم هارون".
وقال أدرعي: "الخلاصة التي نخرج منها بعد كل الردود الكارهة لليهود، أثناء بث مسلسل أم هارون، هي أننا اليوم لسنا شعباً مغلوباً على أمره يستغيث بالآخرين، وإنما دولة عاقدة العزم على النضال من أجل سلامة وأمن مواطنيها".
وقالت الممثلة الكويتية المخضرمة حياة الفهد، التي تقوم بدور أم هارون في المسلسل لوكالة (رويترز): "لازم نقول إن هذه الفئات موجودة بيننا. يعني إحنا بالكويت عندنا كنيسة والحين قاعدة تبني الثانية، عندنا مسيحيون كويتيون والنعم فيهم. فيه فئات لازم، يمكن القليل يعرف عنهم، لازم نذكرهم. لازم التعايش، لازم يكون فيه تسامح ديني. إحنا ضد الصهاينة، ضد التهجير، ضد اغتصاب الدول؛ لكن ما نقدر ننكر، إن هذا كتاب الله".
ونشرت مجموعة منظمات إقليمية تعارض التطبيع مع إسرائيل ملصقاً على وسائل التواصل الاجتماعي يحث المشاهدين على مقاطعة المسلسل، مضيفاً أن "الدراما الخبيثة تتسلل إلى كل بيت.. قاطعوا مسلسل أم هارون".
ومن ناحيته، أشار شمس إلى أن "حالة الجدل" هي أمر صحي للمسلسل: "ردود الفعل اليوم بين المؤيد والمعارض، وهذا شيء جدا صحي وجدا طبيعي، ومن علامات العمل الناجح. العمل الذي لا يتكلم عنه الجمهور يعني أنه لم ينجح، والعمل الذي تحيطه حالة جدل، هو العمل الذي ينجح".
أم هارون الحقيقية
وقال كاتب المسلسل إن الشخصية الرئيسية فيه، أم هارون، التي يحمل العمل الدرامي اسمها، مستوحاة بشكل كبير من قابلة يهودية حقيقية تدعى "أم جان" وصلت إلى البحرين من العراق في ثلاثينيات القرن الماضي.
وقال شمس: "استلهمنا الفكرة من شخصية كانت موجودة في يوم من الأيام في البحرين، باسم "أم جان"، اعتمدنا عليها كشخصية وكفكرة، لنخرج عملاً درامياً".
وأضاف: "قصة أم هارون مختلفة جداً، لكن قصة "أم جان" ألهمتنا لكتابة هذه القصة "أم جان" كانت تعيش في مجتمع لا يعرف أحدا ديانتها، وكانت تدخل منازل الجميع من دون أي تفرقة عنصرية بأي شكل من الأشكال".
وهرع البعض في البحرين لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث نشروا صوراً "لأم جان" ومقابلة تلفزيونية، أُجريت معها عام 1977.
ويُنظر لأم جان على نطاق واسع باعتبارها رمزاً للخدمة العامة في البحرين.
ووجه شمس رسالة للمنتقدين: " كل كاتب اليوم يطمح أن يصل لقلوب الناس ويدخل بيوتها، وأتمنى من كل من ينتقدنا أن يشاهد العمل، لأنه فعلاً إذا كان متابعا للمسلسل لن يكون من المنتقدين، ونحن بعيدون عن التطبيع من أول حلقة لآخر حلقة".