يحتار العاقل بما يقرأ ويسمع ويرى في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي والتحليلات المحلية و العالمية والتي تتحدث عن الأردن بصيغة الغائب الذي لا وجود ولا وزن له. وبين مشكك في كيان الوطن وطاعن بظهرمقدرات هذا الوطن وهادم للإنجازات التي تمت بالسواعد الوطنيةعلى مدى عقود، وأعمى قد أضله الله عن جادة الطريق، تقف الأغلبية الصامتة، والتي أنتمي اليها، مكتوفة اليدين تنظر الى ما يجري وتتحين الفرصة لتنطق بصوت الوطن.
صوت الوطن الذي يترفع عن المصالح الشخصية ويتسامى عن المكاسب الآنية وعن صغائر الطروحات التي ضللت الناس وزرعت في العديد منهم روح اليأس و القنوط حتى ظنوا أنهم هالكون لا محالة، وأن أقصى المنافع عندهم ما ينتزعوه من لحم هذا الوطن ودمه. صوت الوطن الذي يؤمن بالثوابت الوطنية والتي ترسخت منذ تأسيس إمارة شرق الأردن مرورا بتأسيس المملكة واستمرارا بالمملكة التي نعيش فيها أيامنا هذه بسلام و طمأنينة.
صوت الوطن الذي يتذكر شغف العيش و كدر الأيام و تكالب المؤامرات على هويته، فكانت هبته كرجل واحد يتكاتف ابنائه، من رأس الهرم حتي أدنى شخص في قاعدة الهرم، لبناء هذا الوطن لبنة لبنة باذلين التضحيات ومزيدا من التضحيات ليبقى الوطن عزيزا كريما مهاب الجانب شامخا في انجازاته و مؤسساته.
صوت الوطن الذي يؤمن بأن الدستور هو مظلتنا التي نحتمي بها و نلجأ اليها في الملمات والذي يحدد لنا معالم طريقنا الوطني.
صوت الوطن الذي يقوم بفرز الكم الهائل من المعلومات الكاذبة و الإشاعات المزيفة و الأخبار المضللة وهي الأخبار التي تشكو منها حتى كبريات الدول كأمريكا و دول أوروبا العظيمة كألمانيا و بريطانيا و فرنسا وإيطاليا.
أجل لقد بدأت الأغلبية الصامتة بمحاولات مبتكرة لفرز و تحليل الزيف و الضلال وتمييز المتسلقين و العابثين و الغوغائيين تمهيدا لعزلهم و محاصرتهم وتخطي طروحاتهم لإن الوطن أهم منهم جميعا و غالب بأمر الله فالله غلب على أمره. كما أن الثوابت الوطنية تعلو على كل الأصوات و الطروحات التي لا تصب في مصلحة الوطن.
تؤمن الأغلبية الصامتة بأن الدولة الأردنية يجب أن تبقى قوية، و أن تتجاوز ما حل بها من نخر وفساد و إفساد، وأنه لا يجوز المساس بمقدرات الوطن وبنائه الذي بذلنا في سبيله التضحيات تلو التضحيات.
فكما أن هناك بعض الأشخاص في موقع المسؤولية عاجزين عن ادارة شؤون الدولة ومؤسساتها، فإن هناك طوابير من المتسلقين و النفعيين و المرجفين الذين ينتظرون القفز على هذا الكرسي أو ذاك وهمهم النهب و المكاسب الشخصية ولسان حالهم يقول " سفينة تحترق وغرقانة في بحر" وهؤلاء يجب منعهم من الوصول لمبتغاهم التخريبي. ومن هنا فان صوت الوطن والثوابت الوطنية ترفض المحاصصة و الشليلية و الإقليمية فالوطنية تقاس بما تبذل للوطن لا بما تأخذ منه.
إن من ثوابتنا الوطنية عزة هذا الوطن وشعبه و انتمائه الى أمته العربية العظيمة فيفرح لفرحها و يغضب لغضبها و يحزن لما حل و يحل بها من التمزيق و التفتيت ومحاولات وأد الروح القومية العزيزة. وعلى راس ثوابتنا الوطنية، القضية الفلسطينية والدولة الفلسطينية المستقلة. وتمثل القدس و المسجد الأفصى بالنسبة لنا ذروة الثوابت. ومن هنا نقف بثبات وتأييد تام خلف طروحات جلالة الملك وخاصة تلك المرتبطة بالقضية الفلسطينية و القدس و الأقصى وبالذات في هذه المرحلة.
نعم تؤمن الأغلبية الصامته بأن الأردن قوي عزيزفي ثوابته وإرادته السياسية و الوطنية. وإذا ظن البعض أننا ضعفاء فهم مخطئون فقوتنا تكمن في عزتنا و استعدادنا للتضحيات للحفاظ على هذا الوطن. نعم سيرى الجميع عند النفير أن جبهتنا الداخلية قوية متماسكة تتكسر على جدرانها كل المؤامرات. أقول نعم فهي وإن بدت في ظاهرها هشة ركيكة فهي دون أدنى شك قوية متماسكة راسخة البنيان لإن انسان هذا الوطن لا تثنيه الصعاب و لن تزيده التحديات الإ مزيدا من البذل و العطاء و التضحية.
و بهذه المناسبة الوطنية التي تمثل كبرياء هذا الوطن، مناسبة عيد الإستقلال أقول مرحى للأغلبية الصامتة من الوطنيين و الشرفاء ، فهيا الى العمل و التحدي فلم يعد لدينا مزيد من الوقت للتفرج و الإنتظار. هيا ننهض لخدمة هذا الوطن الغالي ليرى المرجفون و الغوغائيون و ذوي النفوس المريضة أن للأردن رب يحميه و شعب يفديه وأنه عصي على المخربين.
الأستاذ الدكتور عبدالله عويدي العبادي
أستاذ أمراض الدم والسرطان،
مدير مركز العلاج بالخلايا،
الجامعة الأردنية.