المهندس هاشم نايل المجالي
يعتبر العنف ظاهرة اجتماعية إنسانية سلبية عانت منها المجتمعات الإنسانية كافة في الدول المتقدمة أو المتخلفة ، ولا زالت تعاني حتى يكاد يتنامى لمستوى الجريمة ، حتى كاد أن يكون إن لم يكن سمة من سمات المستقبل إن لم يوضع له حد ، وتختلف شدته باختلاف المجتمعات ومدى أو درجة تحضرها ووعيها ودرجة ثقافة أبنائها السائدة هناك ، كذلك باختلاف مستوى الطبقات الاجتماعية وأنماط الحياة في تلك المجتمعات ، حيث يعتبر العنف بأنواعه مرضاً اجتماعياً واضطراباً اجتماعياً أكثر منه جريمة .
وهذا يحتاج إلى تضافر كافة الجهود وتآزرها لمحاصرة هذه الظاهرة حتى لا تستفحل وتدمر العلاقات المجتمعية وتقضي على النسيج المجتمعي والبناء المجتمعي السليم ، إذن فهي صيحة انذار أو رسالة خطر على المجتمع يجب بحثها ودراستها بتمعن .
ومن أشكال العنف هو العنف الأسري هذه المؤسسة البالغة في حياة الفرد بالنظر لأهميتها ووظيفتها في إشباع الحاجات الأساسية لدى الفرد فيها ، بالإضافة للتنشئة الاجتماعية والأخلاقية والسلوكية والفكرية التي تساعده على الاندماج بإيجابية في المجتمع الواسع ، أي أن نمو الطالب من المحيط الأسري أولاً حيث يتعلم الانضباط والسلوك ، والأدب والأخلاق والنمو النفسي والانفعالي والعقلي والمعرفي والتكييف والتعايش السلمي مع الآخرين وهكذا .
أما إذا عانى من التفكك الأسري لسبب أو لآخر ومن الحرمان والإحباط والصراعات وغيرها ، فإن ذلك سيؤثر سلباً على شخصيته والتي ستنعكس على سلوكياته في المدرسة والمجتمع وتعامله مع أستاذه ومؤسسته التربوية لإثبات رجولته وحقوقه واستقلاليته فالمكون الرئيسي لشخصية الطفل والشاب هو الأسرة ومكانته فيها وأسلوب التعامل فيها ، ومدى درجة ثقافة الوالدين وأفراد الأسرة ووعيهم وثقافتهم ، وحتى لا يكون البيت تعسفياً على الأطفال لأن العنف يولد العنف ، بل يجب أن تكون معدلة للسلوك ويتفق ذلك مع القيم والمعايير الدينية والمجتمعية ، ويكون بصحة نفسية سليمة .
حيث ان البيئة المجتمعية والاسرية متبدلة ومتغيره بين حين وآخر فالحالة النفسية لها دور وتأثير ايجابي لجعله قادر على مزاولة نشاطه باقتدار وحيوية ونشاط والتغلب على الضغوط المتنوعة ، فالعمليات النفسية هي إقبال وإدبار ورضا ونفور وحيل نفسية من أجل التعامل مع الواقع لتفادي الأزمات والتحديات والمواجهة ، في ظل بيئة مجتمعية وتعليمية تعاني من العديد من الأزمات والتحديات والانحرافات .
فالشخص عندما يكون بتوافق نفسي حينها يكون في حالة اتزان داخلي راضياً عن نفسه متحرراً من التوترات التي ترتبط بمشاعر سلبية عن الذات ويصاحبها سلوك وتعامل مع الواقع ومع الآخرين ، ويستطيع أن يعمل بتوافق اجتماعي بعلاقات وطيدة مع الآخرين .
لذلك من المهم والضرورة أن يكون هناك برامج إعلامية وغيرها للإرشاد الأسري ، خاصة التي تحدث مع أبنائها حالات عنف ، وتوعيهم بأساليب الرعاية الوالدية والتوجيه السليم ومعالجة اضطرابات الحالة المزاجية والقلق والاكتئاب بكل فرد أسري وإادراك لدوافع أبنائهم ورغباتهم .
حتى يتم تجاوز نقاط ضعفهم وتقويم سلوكهم وتنمية الإحساس والاحترام والشعور بالطمائنينه لإيجاد علاقات وصداقات حميمية وطيبة مستدامة وواقعية ، وحسن التعامل والتعاطي مع الآخرين بالفهم والحوار والحكمة ، وتدريبهم على القدرة على السيطرة للسلوك السلبي ، فالحياة ليست كلها أيام يسر ففيها صعوبات وفيها الحلو والمر ، والنضج يحتاج إلى رعاية وممارسات صحية سليمة وتكيف وتوافق نفسي .
فلقد شاهدنا كثيراً من الظواهر السلبية للعنف في المدارس والجامعات كان لها أثر سلبي وواقع مؤلم راح ضحيتها شباب في مقتبل العمر من أجل كلمة أو تصرف أو سلوك بقصد أو بغير قصد ، كل ذلك لافتقارنا لبرامج الإرشاد الأسري والتربوي والتعاون على التوعية والإرشاد ، والمشاركة بين الطلبة في نشاطات لا منهجية تعزز أواصر الصداقة بين الطلبة كذلك ضعف المعسكرات التطوعية الخدماتية للمجتمع المحلي وغيرها .
فإننا في ظل الظروف الأسرية الصعبة التي تمر بها الاسرة والمجتمعات والتي تنعكس على الابناء والطلبة ، بحاجة لبرامج إرشادية وتوعوية لهم أعلامية وتطبيقات عملية ، في بيئة أخذ يسودها الاعتصامات والعنف وتجارة المخدرات وزيادة في حجم البطالة خاصة بين الطلبة المتعلمين المتخرجين من الجامعات ، أي أننا أمام مشكلة حقيقة يجب أن نعترف بها ويجب أن تتضافر الجهود لمحاصرتها والسيطرة عليها حتى لا تستفحل .//
hashemmajali_56@yahoo.com