ارتفاع على درجات الحرارة خلال الايام الثلاث المقبلة نعي استاذ و عالم جليل صناعة الأدوية البشرية ركيزة أساسية في رؤية التحديث الاقتصادي وفيات السبت 4-1-2025 الحكم على ترمب بقضية شراء الصمت في العاشر من الشهر الحالي ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية وانخفاض الذهب اجواء باردة نسبيًا اليوم وعدم استقرار جوي مساء الغد يتم تخزين الوقود في أجنحة الطائرة لعدة أسباب: ريال مدريد يقتنص فوزاً ثميناً من أرض فالنسيا الأردن 2025: عام الذكاء الاصطناعي وصناعة المستقبل وزير الخارجية السوري سيزور الاردن وقطر والإمارات الاسبوع المقبل الجمهوري مايك جونسون يفوز برئاسة مجلس النواب الأمريكي رئيسُ الجامعةِ الأردنيّةِ: حقّقنا وفرًا ماليًّا بلغ 6 ملايين دينار في 2024 ""نداء خاص"." الشيء الرئيسي الذي قاله توكاييف الصفدي يجري اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني أسواق الأسهم الأوروبية تغلق على انخفاض معكرونة لانتشو مع لحم البقر" تدفع التوظيف والنهوض الريفي في شمال غربي الصين مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي الشوابكة والرديني ومطالقة غزة: ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45658 شهيدًا جلالة الملك عبدالله الثاني يشارك في تشييع جثمان سمو الأميرة ماجدة رعد، زوجة سمو الأمير رعد بن زيد، إلى مثواها الأخير في الأضرحة الملكية

هل ينقذ حكماء الملك الصحافة المستقلة ؟!!

هل ينقذ حكماء الملك الصحافة المستقلة
الأنباط -

هل ينقذ حكماء الملك الصحافة المستقلة ؟!!

بقلم النائب السابق: د. رلى الحروب

 

الزملاء والزميلات أعضاء مجلس الأعيان الموقر،

 

يقول المثل الشعبي: " البل لما تهج تهج على أهلها"، وحين تغيب الحكمة، وتطهى بعض التشريعات على طريقة الوجبات السريعة، تغدون أنتم ملاذنا الوحيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه!

ستعرض عليكم للتصويت في الجلسة القادمة تعديلات قانوني التنفيذ وأصول المحاكمات المدنية والمتعلقة بقصر نشر الإعلانات القضائية على صحيفتين يوميتين من بين الصحف الثلاث الأكثر انتشارا، وهو التعديل الذي تقدمت لكم به الحكومة ووافق عليه مجلس النواب مع الاسف الشديد.

إن التعديلات التي تطلب الحكومة من مجلسكم التصويت عليها في القانونين المذكورين مجافية لأسس العدالة والقانون ولا تتفق مع قواعد حسن الصياغة التشريعية، وكلنا ثقة في أن مجلسكم الموقر لن يقع في ذات الخطأ الذي وقع فيه مجلس النواب حين صوت على هذه التعديلات باعتبارها بسيطة، في حين أنها في الواقع عوار تشريعي بيـّن وستؤدي إلى استحداث سنة قبيحة في تفصيل القوانين لصالح ( س) ضد ( ص) من الأفراد أو المؤسسات الصحفية، وهذا زلل تشريعي وتعسف في استخدام السلطة ، يخالف أبسط قواعد العدالة التي وجدت من أجلها القوانين، ويهرب الاستثمار في قطاع صناعة الصحافة الورقية، كما سيتسبب في إغلاق صحيفة الأنباط وفصل موظفيها وخسارة الاستثمار الذي وضع فيها على مدار ثلاثة عشر عاما منذ الثاني من مايو 2005 حين انطلقت الصحيفة لتنافس في سوق ضيق محتكر وبفرص إعلانية محدودة وضمن سياسات حكومية غير داعمة للإعلام المستقل، بل ويمكننا القول إنها تحاربه بكل السبل!

 

ما هي قصة هذه التعديلات؟

 

خلفية تاريخية:

كانت قوانين التنفيذ وأصول المحاكمات المدنية منذ إقرارها في الستينات من القرن الماضي تنص على نشر الإعلانات القضائية في صحيفتين يوميتين دونما تحديد شروط لهما باستثناء الصدور اليومي، واستمر الحال على ما هو عليه، إلى أن خرجت علينا في عالم الصحافة في الأعوام الخمس الأخيرة صحف فصّلها ناشروها خصيصا لنشر الإعلانات القضائية، وهي ليست باليومية حتى وإن كان ترخيصها كذلك لأنها تصدر خمسة أيام في الاسبوع وليس سبعة، كما أنها محدودة الانتشار ولا توزع في كل المحافظات ولا تباع في نقاط البيع المختلفة في المملكة وليس لديها اشتراكات ولا توجد في المؤسسات الرسمية، ولا تملك اسما تجاريا يميزه الأردنيون.

 تسببت هذه الصحف في الطعن في صحة بلاغات التنفيذ وفسخها جراء عدم انتشارها، ما حدا باللجنة الملكية لتطوير القضاء إلى اقتراح نص معدل على القانونين المذكورين أعلاه لقصر نشر الإعلانات القضائية على الصحيفتين اليوميتين المحليتين الأوسع انتشارا، وهو التعديل الذي أقره مجلس الأمة في سنة 2017، تاركا لوزير العدل صلاحية تحديد هاتين الصحيفتين بقرار ينشر في الجريدة الرسمية في مطلع كل عام .

ولكن وزير العدل السابق رعاه الله شكل لجنة لتحديد معايير الأوسع انتشارا، ولم تنشر تلك اللجنة معاييرها للعلن، واكتفى الوزير بنشر اسماء صحف ثلاث اعتبرتها اللجنة الأوسع انتشارا، وهي الرأي والغد والدستور، دونما أي توضيح أو تسبيب لقراره، مخالفا بذلك جملة من الأعراف القانونية، أولها النص القانوني ذاته الذي حصرصلاحياته بتحديد الصحيفتين الاوسع انتشارا، فقام هو بتوسيعها إلى صحف ثلاث، وثانيها عدم تسبيب قراره، وثالثها عدم الشفافية في المعايير التي اعتمدتها اللجنة، ورابعها إساءة استخدام السلطة، وأسباب أخرى كثيرة وردت في الطعن، علما بأن اليومية الرابعة التي لم يشملها قرار الوزير، هي صحيفة الأنباط، وهي الصحيفة التي تحمل اسما تجاريا قائما منذ سنة 2005، وتصدر سبعة أيام في الاسبوع، وتنطبق عليها معايير الاوسع انتشارا لأنها توزع في جميع نقاط التوزيع في كل المحافظات ( وعددها 3200 نقطة بيع في المملكة) ، وتوجد في كل الدوائر الرسمية، ولها اشتراكات منزلية وتجارية، وتوظف صحفيين أعضاء في النقابة، ولها موقع الكتروني واسع الانتشار، وتطبع أكثر من خمسة عشر ألف نسخة يوميا.

وما كان من إحدى الصحف اليومية إلا أن طعنت في قرار الوزير أمام المحكمة الإدارية وفسخته، بعد أن اعتبرت المحكمة قرار الوزير باطلا واكتسب حكمها الدرجة القطعية في القرار رقم (31) الصادر بتاريخ 31/ 12/ 2018، وهو ما دعا الحكومة إلى الإقدام على تعديل القانونين مجددا بعد أقل من سنة على اعتماد التعديلات السابقة في 2017، لا لشيء إلا لشمول صحيفة الدستور ضمن الصحف التي يحق لها نشر الإعلانات القضائية، مخرجين صحيفة الأنباط اليومية من المنافسة المشروعة ومصدرين أحكاما بالإعدام على المستثمر والصحفيين والموظفين فيها، خاصة وإن علمنا أن الأنباط تعتمد على الإعلانات القضائية بنسبة 80% من دخلها، في ظل احتكار الرأي والغد والدستور للإعلانات الحكومية، وسيطرتها على معظم الإعلانات في القطاع الخاص.

 

السادة والسيدات أصحاب الدولة والمعالي والسعادة الكرام،

 

لقد أرسلت لكم الحكومة تعديلات على المادة 12 من قانون أصول المحاكمات المدنية لتغيير النص التالي من:

"1. إذا وجدت المحكمة أنه يتعذر إجراء التبليغ وفق الأصول المنصوص عليها في هذا القانون جاز لها أن تقرر إجراء التبليغ بنشر إعلان في صحيفتين محليتين يوميتين الأوسع انتشارا وفقا لما يحدده وزير العدل، على أن يتضمن الإعلان إشعارا بضرورة مراجعة المطلوب تبليغه قلم المحكمة لتسلم المستندات إن وجدت"

إلى :

" إذا وجدت المحكمة أنه يتعذر إجراء التبليغ وفق الأصول المنصوص عليها في هذا القانون جاز لها أن تقرر إجراء التبليغ بنشر إعلان في صحيفتين محليتين يوميتين من الصحف الثلاث الأوسع انتشارا المحددة وفقا للأسس والمعايير والآليات الواردة في التعليمات التي يصدرها وزير العدل لهذه الغاية".

 

وهو ذات التعديل الذي أحدثته الحكومة على قانون التنفيذ في المواد( 61 و83 و87 و116 ) ، والتي تم استبدال النص فيها من : " ..........الصحفيتين اليوميتين المحليتين الأكثر انتشارا، ...." إلى "......الصحف اليومية المحلية الثلاث الأوسع انتشارا.......".

إن أبسط قواعد حسن الصياغة التشريعية أن يجري المطلق على إطلاقه، وأن تصلح القاعدة العامة للتطبيق في كل زمان ومكان مع تغير الظروف، وأن تراعي جميع التطبيقات المحتملة في الموقف الواحد، وأن لا تخالف هذه الصياغة الدستور فتحابي أفرادا طبيعيين أو معنويين على حساب آخرين أو تنحاز إلى مواطنين ضد مواطنين، وهو ما فعلت عكسه تماما هذه الصياغة التشريعية، فالنص السابق الذي أقره مجلس الأمة في 2017  كان موضوعيا وحسن الصياغة، ولكنه لم يكن محققا لقواعد العدالة، فهناك أربع صحف يومية تعد جميعها واسعة الانتشار كما أسلفنا أعلاه وتصدر سبعة أيام في الاسبوع، والنص السابق استثنى اثنتين وشمل اثنتين، أما النص الجديد الذي تقترحه الحكومة على مجلسكم الموقر، فهو نص معيب، لأنه مفصل على مقاس صحيفة واحدة لإدخالها ضمن دائرة الإعلانات القضائية لتحقيق أرباح تجارية، وهي صحيفة  أقرضتها الحكومة ومؤسسة الضمان الاجتماعي، وتعينان مع شركة راما (الذراع الاستثماري للضمان) خمسة من مجلس إدارتها وتحددان سياساتها التحريرية، على حساب صحيفة مستقلة هي الأنباط يملكها ويعمل فيها مواطنون أردنيون شرفاء ملتزمون بقضايا الوطن ومصلحته العليا ومكافحون، ولكنهم غير مدعومين من الحكومة التي استمرأت حصار الإعلام المستقل وخنقه لتحتكر الحقيقة!

 

المقترح:

إن منطق العدالة والحس التشريعي القويم يدعو مجلسكم الموقر إلى شطب كلمة ثلاث الواردة في المادة 12 من قانون أصول المحاكمات المدنية، بحيث يقتصر النص على ما يلي :

" إذا وجدت المحكمة أنه يتعذر إجراء التبليغ وفق الأصول المنصوص عليها في هذا القانون جاز لها أن تقرر إجراء التبليغ بنشر إعلان في صحيفتين محليتين يوميتين من الصحف الأوسع انتشارا، المحددة وفقا للأسس والمعايير والآليات الواردة في التعليمات التي يصدرها وزير العدل لهذه الغاية".

وإجراء التعديل على نصوص المواد (61 و83 و87 و 116) من قانون التنفيذ لتصبح كالتالي:

المادة 61/ ب:

يعلن عن البيع بالنشر في إحدى الصحف اليومية المحلية الأوسع انتشارا. 

 

المادة 83/ أ:

يعلن عن وضع العقار للبيع بالمزاد العلني في إحدى الصحف اليومية المحلية الأوسع انتشارا، .......

 

المادة 87:

 ينشر المأمور قرار الإحالة القطعية فور صدوره في إحدى الصحف اليومية المحلية الأوسع انتشارا،.............

 

المادة 116/ أ:

ينشر وزير العدل في الشهر الأول من كل عام إعلانا في الجريدة الرسمية لتحديد الصحف اليومية المحلية الأوسع انتشارا.

إن اقتراحنا لهذا التعديل البسيط في مبانيه، الكبير في معانيه، ينسجم مع الأسباب الموجبة لتعديل كلا القانونين والتي نصت في قانون أصول المحاكمات المدنية على ما يلي:

" لتوسيع دائرة اختيار الصحف اليومية المحلية الأوسع انتشارا والتي يتم اعتمادها لنشر الإجراءات القضائية والتنفيذية، وذلك لتقارب بعض الصحف اليومية المحلية في توزيعها وانتشارها ولتشجيعها على المنافسة بما يسهم في تطويرها وانتشارها"،

كما نصت في قانون التنفيذ على ما يلي: " لتوسيع دائرة اختيار الصحف اليومية المحلية الأوسع انتشارا في المملكة والتي يتم اعتمادها لنشر الإجراءات القضائية التنفيذية .........، وذلك لتقارب بعض الصحف اليومية المحلية في توزيعها وانتشارها...........ولتشجيع الصحف اليومية المحلية في المملكة على المنافسة مع بعضها في مجال العمل الصحفي بما يسهم في تطويرها وانتشارها."

 

إن اقتراحنا المقدم إلى مجلسكم الموقر هو الاكثر انسجاما مع هذه الأسباب الموجبة لتعديل القانونين، والتي تنص صراحة على توسيع دائرة الاختيار وتشجيع المنافسة لتطوير عمل الصحافة وتسهيل انتشارها، فهل تتوسع هذه الدائرة وتتحقق تلك الأهداف بثلاث صحف أم بأربعة؟ ولماذا ثلاثة وليس أربعة؟!

إن توسيع دائرة الاختيار الذي نصت عليه الاسباب الموجبة للتعديل ضروري حقا لتحقيق العدالة للجميع، وتشجيع التنافسية وكسر الاحتكار، لأن هذا يمنح المعلنين من المواطنين أسعارا تنافسية، بدلا من سيطرة صحف محدودة على سعر الإعلان القضائي وفرضه على المواطنين، كما يمكـّن وزير العدل من إصدار تعليماته وفق معايير واضحة وموضوعية لتحديد الصحف الأوسع انتشارا كل عام، بغض النظر عن عددها وهويتها، ليتسنى للمعلن نشر إعلانه القضائي في اثنتين منها، وهو ما يشجع الاستثمار في هذه الصناعة بدلا من تثبيطه لأنه يوفر  فرص التنافس أمام الجميع، كما يوفر الفرص لتشغيل مئات الصحفيين العاطلين عن العمل، الذين ستتضاعف أعداد العاطلين منهم في حال إغلاق كل الصحف اليومية المستقلة الموجودة في السوق واقتصار صناعة الإعلام الورقي على صحف الحكومة إلى جوار الغد التي باتت بدورها تصنع وزراء في الحكومات وتتحكم في قرارات النقباء!!

ويبقى السؤال: إن لم يتدخل مجلس الحكماء، مجلس الملك، لإنقاذ الصحافة الورقية المستقلة من بطش الحكومات، ولتشجيع الاستثمار الذي تطفشه الحكومات بمثل هذه التشريعات والسياسات، وتوفير فرص عمل للصحفيين بدلا من إحالتهم إلى منازلهم بلا عمل بعد إغلاق المؤسسات التي تشغلهم، فمن إذاً سيتدخل؟!!//

 

                ------------------------------------------------------

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير