المهندس هاشم نايل المجالي
كلنا يعلم ان الفكر هو المدخل الصحيح للتغيير والاصلاح لان حركة الانسان وفاعليته تأتي لما يقتنع به ، ويفكر به حيث تكون الجوارح النفسية والعاطفية منقادة للعقل الذي هو اداة التفكير والفهم والوعي للامور بعد ذلك يأتي السعي لتنفيذها .
واما التجديد فانه نفض للغبار عما لحق بالمفاهيم والتصورات من شوائب اثرت على سلوكنا وافعالنا وكان لها اثر سلبي ، ونسعى لتصحيحها وتصويبها ونستعيد صحتها وسلامتها وعما لحق بالخطط والبرامج والمشاريع من تشوهات لنعيد تصويبها وفق المطلوب بكل كفاءة واقتدار .
ان تجديد الفكر من الامور التي يلح عليها واقعنا الذي يمر بالعديد من الازمات المتداخلة والمتراكمة والتي اشتبكنا معها ، فتجديد الفكر وادراكنا لتغيير الواقع حاجة ماسة في كافة المجالات التي ثبت عدم جدواها وفق معايير صحيحة لايجاد الفرق بين الواقع القديم والواقع الجديد بحلول مناسبة تناسب الجميع ، فالزمان لم يتوقف بعد وعلينا ان لا نخلط بين الثوابت والمتغيرات اي بين مواقع الاتباع ومواقع الاجتهاد حيث يكون الانحراف يميناً او يساراً افراطاً او تفريطاً ، وان نتصالح مع واقعنا بكافة متطلباته واحتياجاته وامكانياته بعد ان نعرف واقعنا وما يعانيه واسبابه بكل دقة ومشكلاته بعمق ومستجداتنا بوعي .
فهناك كثير من المسؤولين في غربة عن الواقع ويتحاشون التفاعل معه فهم لا يزالون يعتبرون ان الحياة جارية على بساطتها ويمكن اصلاحها بالكلمات او الخطب او الاجتماعات ، ولم نستفد من تجارب الغير وبالتالي فنحن نجازف ونغامر ونهدر الطاقات في غير محلها ونعبث بالاحكام والقرارات والاجراءات بمساهمة سلبية ولو عن حسن نيه ولنعلم ان دورة الفكر الاصلاحي تحاكي في العمق دورة الدولة الحضارية ، وان لا نعتمد فقط على مفردات الوعي بصياغة يغلب عليها الطابع النظري ، فتفعيل هذه المفردات وبيان مدى اهميتها يجب ان يكون مقروناً بالممارسات الاصلاحية وبالتالي تمكين الفكر الاصلاحي من كافة القضايا والمشاكل لتساير الطموحات لغايات التطوير والاصلاح ولتجديد الوعي بكافة الامور التي افسدها البعض .
فالفكر الاصلاحي صيغة تنظيمية باساليب ووسائل علمية بعيداً عن الاحتكار لفئة معينة غير متوازنة لسلوكياتها اتجاه ما يجري والتي يبدو عليها الارتباك في معالجة مختلف القضايا الشائكة خاصة مع الامور المستجدة .
فهؤلاء بعد ان ثبت فشلهم اصبحوا اعاقة ذاتية على المشروع الاصلاحي الذي تؤطره حتمية الامر الواقع ، فالانتاج الحضاري ما هو الا ثمرة من ثمرات الاصلاح والتغيير والابداع والانتاج ، وان نخرج من منطقة الراحة والذي ينتج عنها ضعف بالمهارة والمرونة للتغير والاصلاح وعدم تقبل اي جديد والذي يواكبه القبول بالمسلمات ، ونحن نعرف ان للمعنيين فكراً للتغير لتغيير السلوك المعرفي التقليدي ، ومن اجل إعادة الهيكلة وتنمية مهارات حل المشكلات .
والاصلاح تغير تدريجي سلمي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده ان استطاع فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان ليس بعد ذلك من الايمان شيء ) .
وليكن لدينا سياسة الجمع بين الاصلاح كنمط تغير تدريجي وفق خطط وبرامج واستراتيجيات قابلة للتنفيذ والتقييم والتطوير ، لان التغير الفجائي هو تغير عنفي صدامي يناقض التغير التدريجي وهو تغير لا عقلاني ويكون في حالة عدم توافر اي امكانية للاصلاح من خلال النظام القانوني للحكومة ، فعند تعطيل عملية المشاركة والتشاركية في التغير والاصلاح يكون هناك تناقض وصدام وصراع على اعتبار انه تغير لا يحل المشاكل المتجددة والازمات المتراكمة .
ونحن في وطن تقوده القيادة الهاشمية الحكيمة تتوفر فيه كل امكانيات التغيير والاصلاح بالاستدلال لمواقع الخلل والضعف بالاداء وذلك وفق استراتيجيات ضمن فترات زمنية محددة وبالوعي والادراك بين كافة الجهات المعنية حكومية وحزبية ونقابية وشعبية في اصلاح شامل ، بعد ان شعر الجميع ان الوضع القائم غير مرغوب به والحاجة ماسة للتغيير للوصول لما نريد من وضع اكثر ايجابية ، ولتحديد مع كافة الجهات ما نأمل به وما نأمل ان نحققه من اصلاحات واهداف وتقويم وقياس للاداء لمعايير النجاح ولتقويم الاعوجاج في عمليات التنفيذ ولنقل المجتمعات من المنظور الشخصي الى المنظور المؤسسي في تنظيم النشاط مع ابناء تلك المجتمعات لتحقيق التنمية المستدامة ، ولحل كافة المشكلات والمعضلات والاخذ بمعايير الكفاءة للمسؤولين والعدالة الاجتماعية ، حيث يكون القبول والتشاركية والتفاعلية وتعزيز الولاء والانتماء ، وان كنا بحاجة لاستشارة اصحاب الخبرة والمعرفة والتجربة او الحكماء في اي امر فان الاستشارة هي استئجار مجاني لعقول هؤلاء الحكماء والخبراء .
ولو رحلنا في تاريخ الاستشارة قليلا ً فسنجد في تاريخ الانبياء نماذج فهذا موسى عليه السلام يطلب من ربه شخصاً من يسانده في الدعوة فيقول ( واجعل لي وزيراً من اهلي هارون اخي أشدد به ازري واشركه في امري ) .
وفي سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم العديد من المواقف التي تدل على انه كان يستشير والاستشارة ليست دليل ضعف في الفكر او غياب للحكمة ، فلو كان الامر كذلك لما امر النبي صلى الله عليه وسلم بها ، كذلك فان الدول المتحضرة تهتم بها لادارة شؤون بلادها من كافة النواحي اقتصادياً وسياسياً واجتماعيا ً.//
hashemmajali_56@yahoo.com