خلافا للأزمات التي عرفتھا حكومة (بنیامین نتانیاھو) في السنة الأخیرة، والتي جرت العادة على أن یھدد (نتانیاھو) نفسھ شركاءه بالذھاب إلى انتخابات مبكرة، بدا في أزمة استقالة وزیر «دفاعھ» (أفیغدور لیبرمان) خائفا من الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة. وبالفعل، بذل أقصى جھده للحفاظ على حكومتھ التي باتت تعتمد على أغلبیة نائب واحد، متعللا بـ «مصلحة أمن إسرائیل» التي تقتضي الحفاظ على الحكومة وأن «أمن الدولة أھم من اللعبة السیاسیة الحزبیة والمصالح الشخصیة». فـ(نتانیاھو) الذي رأینا تمنعھ عن المواجھة الواسعة مع حماس، في ظل اتھامھ بالفشل في»ردع» الحركة، یفكر بمستقبلھ في الانتخابات القادمة. وحتى وھو یسفك دماء الفلسطینیین في غزة، عبر اللجوء للطیران والقصف، یعلم أنھ لا یمكنھ ضمان حماس، ولطالما سیكون قطاع غزة فخا لھ یقوده إما إلى مزید من الصمت عن»الردع»مؤیدا من المؤسسة الأمنیة/ العسكریة ومعتمدا علیھا، أو تسریع الوصول إلى التفاھم قید المفاوضات مع الحركة. إذن سیبقى الوضع في قطاع غزة بین المد والجزر وھو ما»یفید»إسرائیل وحركة حماس معا. وفي ھذا تقول (عمیره ھاس): «نتانیاھو، في دعمھ للقطاع ككیان سیاسي منفصل، لم ّ یجدد شیئاً عن حكومات سابقة: خلق واقع الجیوب الفلسطینیة المعزولة (قطاع وضفة بدلا من تسویة شاملة مع الفلسطینیین). ولقد أثبتت»حماس»ونتانیاھو أیضاً أن في الإمكان المحافظة على ھذا الواقع، من دون سفك دماء رھیب». وفي مقال مشترك لقادة حركة»مستقبل أزرق أبیض»(عامي ایالون) و(جلعاد شیر) و(اورني باتروشكا)، وھي حركة تدعو «لحل الدولتین»، كتب ھؤلاء یقولون: «طالما لا تسعى حكومة إسرائیل لحل سیاسي في غزة وفقا لرؤیة الدولتین وانطلاقا من نظرة واسعة لعموم الساحة الفلسطینیة والاقلیمیة، فإن حدود القطاع ستبقى تنزف، والحقول ستواصل الاحتراق والصواریخ ستواصل السقوط على بلدات إسرائیل»، ولكن - مرة أخرى مع !(ھاس) - دون سفك دماء رھیب والحال كذلك، ومع ھدوء العاصفة السیاسیة في وجھھ، ورغم زعامتھ لحكومة غیر مستقرة، وفي ظل مزایدات من قبل الجمیع، یدرك (نتانیاھو) أنھ أمام أشھر حرجة ملیئة بالأحداث المھمة التي یرید لھا أن تلعب لصالحھ في الانتخابات القادمة، داخلیا وخارجیا. فداخلیا، تؤرقھ ملفات الفساد ضده، والتوقیت الذي سیقرر فیھ المستشار القضائي للحكومة (أفیحاي مندلبلیت) لائحة الاتھام والمتوقعة في فترة أقصاھا شباط 2019 ،تجعل (نتانیاھو) غیر ملزم بالاستقالة، وسیبقى رئیسا للحكومة ولیس لحكومة انتقالیة مشغولة في الحملة الانتخابیة. وخارجیا، یفضل (نتانیاھو) أن یأتي موعد ما یسمى»صفقة القرن»المنحازة لبرنامجھ والمتوقعة أوائل 2019 ،قبل الانتخابات وبعد»نجاحات مأمولة»في التطبیع مع دول عربیة عدیدة وھو ما یزید من قوتھ الانتخابیة. فھل ینجح في رھانھ ھذا في اجتیاز فخ حركة المد والجزر السائدة حالیا؟