حينما فصل الحزب الجمهوري مرشحه لمجلس النواب باتريك ليتل على خلفية تصريحاته التي وصف فيها المستعمرة الاسرائيلية على أنها دولة ارهابية وداس على علمها، وأن سياساتها لا تتفق ومصالح المواطن الأميركي، تم استدعاء الأمن لطرده من مبنى الحزب الجمهوري في كاليفورنيا، كتبت يوم 21/8/2018 أنها « سياسة يائسة «، وها هي سياسات المؤسسات الأميركية تتكرر في التعامل مع أي شخص مستنير لا ينحني أمام النفوذ الصهيوني وتأثير الطائفة اليهودية على مؤسسات صنع القرار والرأي العام الأميركي.
شبكة سي. ان. ان، فصلت الصحفي الأميركي مارك لامونت هيل من عمله كمعلق سياسي، لأنه قدم مداخلة في اجتماع لاحدى لجان الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر فيها عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني، ودعا الى اعادة القضية الفلسطينية، الى جذرها وأصلها، باعتبارها قضية شعب تمتد جغرافية وطنه من البحر المتوسط الى نهر الأردن، وأنها قضية بشقين : أولهما طرد نصف الشعب الفلسطيني الى خارج وطنه، وثانيهما أن نصفه الأخر يتعرض للاحتلال والاضطهاد والعنصرية، وبالتالي يجب حل المشكلة من جذورها عبر تحرير فلسطين من الظلم بكل أشكاله والعيش بكرامة ومساواة لكافة أهلها وسكانها.
مارك لامونت هيل لم يُسجل عليه أي نفس عدائي لليهود عبر طردهم أو رميهم الى البحر بل طالب لتكون فلسطين وطناً لجميع سكانها على أساس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ومع ذلك لم تتحمل سي. ان. ان، التلفزيونية تصريحاته واستجابت للوبي الصهيوني والنفوذ اليهودي فاتخذت قراراً بفصله بدون أن توجه له سؤالاً أو انذاراً من طرف ادارتها.
المفاجأة الايجابية أن جامعة تمبل التي يعمل لديها مارك هيل محاضراً، لم تقترف ما فعلت سي. ان. ان، بقرارها المشين، واعتبرت تصريحاته ومداخلته عبارة عن رؤية شخصية، لا تحتمل الاساءة أو الأذى للجامعة أو للآخرين، وبالتالي حافظت على كرامته وموقعه الوظيفي كمحاضر بالجامعة.
الشخصيات المستنيرة في أوروبا وأمريكا، حتى ولو كانوا من اليهود يتعرضون للأذى والحرمان والتطويق والتشهير، حينما يعلنوا موقفاً ضد الصهيونية ومشروعها الاستعماري التوسعي الاسرائيلي، هذا هو حال الدكتور ألن بابيه الذي يعيش في لندن بعد أن كتب مأثرته الشهيرة وشهادته الموثقة اعتماداً على تقارير جيش الاحتلال الاسرائيلي تحت عنوان « التطهير العرقي في فلسطين «، وحاجاي العاد رئيس مؤسسة حقوق الانسان الفلسطيني « بيتسيلم « يتعرض للملاحقة والتشهير من تل أبيب لأنه أدلى بمداخلتين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2016 و 2018، شارحاً معاناة الشعب الفلسطيني والسلوك الجرمي الذي تمارسه السياسة الرسمية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وهو نفس الحال الذي يُعاني منه الصحفي الاسرائيلي الشجاع جدعون ليفي وزميلته الشجاعة عميرة هيس حيث يتعرضان لكل أنواع التشهير الى الحد أن أجهزة الأمن طلبت منهما توفير الحماية لهما، ولكنهما رفضا الحماية من قبل أجهزة الأمن الاسرائيلية.
تتسع دائرة الوعي لدى مثقفي العالم بحقيقة الصهيونية ومشروعها الاستعماري التوسعي، وتشمل يهوداً مستنيرين ينظرون بحس من المسؤولية وتعاطف ويطالبون باسناد الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لاستعادة حقوقه وكرامته ووطنه كما فعل الصحفي مارك لامونت هيل، بينما يتمتع من يقف مع المستعمرة الاسرائيلية ويؤيدها ويدعم خطواتها كما حصل مع هنري كيسنجر ومادلين أولبرايت وكذلك مع دنيس روس ومارتن اندك وأدوارهم في تسخير المؤسسات الأميركية وأدواتها ومواقفها لمصلحة المستعمرة الاسرائيلية، وأبرزه ما نراه اليوم ونشاهده على يد الثلاثي اليهودي المتنفذ : المستشار كوشنير والمبعوث جرينبلات والسفير فريدمان ومعهم مستشار الأمن القومي جون بولتون والسفيرة نيكي هيلي.