فشل مايك بومبيو وجيمس ماتيس، وزيرا خارجية ودفاع الولايات المتحدة بعد شهادتيهما يوم الأربعاء 28 تشرين ثاني 2018، أمام مجلس الشيوخ، من كسب موقف الأغلبية لصالح سياسة ترامب في مواصلة دعم واشنطن ومشاركتها في اليمن، وصوت الديمقراطيون جميعهم ومعهم بعض الجمهوريين ضد استخلاصات البيت الأبيض وخياره في مواصلة عمله في اليمن على الرغم من وصف بامبيو لهذه النتائج بقوله « إن إنسحاب الولايات المتحدة يعني إيران أقوى وداعش أنشط « ومع ذلك صوّت أغلبية الشيوخ ضد سياسة ترامب رغم سيطرة الجمهوريين من جماعة ترامب على أغلبيته، والأقلية فيه للديمقراطيين ، وبهذا التصويت، وبهذه النتيجة وجه الشيوخ أول صفعة سياسية غير متوقعة للرئيس ترامب منذ الانتخابات التشريعية النصفية لمجلسي النواب والشيوخ في 6/11/2018 .
بداية موفقة من الديمقراطيين في التصدي لسياسة ترامب وزعزعة مكانته ، وضد هلوساته السياسية التي أضعفت الموقف الأميركي ، وأربكت حلفاء الولايات المتحدة الأقرب لها على المستوى الدولي، وأشاع جواً من التوتر والاحتقان بعد سياسات من الهدوء والتفاهم الأميركية مع أوروبا، وعدم التصادم مع روسيا والصين، ليعيد ترامب عبر سياساته الانغلاقية غير الحكيمة والحادة التي لا تُعير أي اهتمام إلى المسائل الدولية الحساسة القائمة على الشراكة، أعاد الجو السياسي الدولي إلى أجواء الحرب الباردة .
الديمقراطيون لم يكونوا مثاليين أو إيجابيين في تعاملهم مع مصالح الشعوب والبلدان الفقيرة وتطلعاتها المشروعة، أو مع تلك المضطهدة من قياداتها غير الديمقراطية، أو من تسلط رأس المال الشجع، أو تُعاني من الاستعمار الأجنبي الاحتلالي العنصري المباشر كما هو الوضع في فلسطين والجولان السوري وجنوب لبنان من قبل المستعمرة الإسرائيلية، أو أن دوافعهم لكبح جماح سياسة الرئيس الإحساس بالمسؤولية نحو معاناة شعب اليمن، بل عملوا ويعملون وفق برنامج وخطة عمل تستهدف تقويض مكانة الرئيس ترامب، وإفشال إدارته وإضعافها، وصولاً إلى موعد الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في نوفمبر تشرين ثاني 2020، بهدف الإطاحة به عبر صناديق الاقتراع، والنيل منه، لإشغال ساكن البيت الأبيض المقبل من مرشحي الحزب الديمقراطي، بديلاً عنه .
لم يكن يتوقع ترامب هذه الصفعة من مجلس الشيوخ لأن جماعة حزبه تملك الأغلبية لتمرير ما يريد، بل كان يتوقعها من مجلس النواب الذي يُسيطر عليه خصومه الديمقراطيون، ولكن أن تأتيه من حلفائه وحزبه فهذا ما كان يحسب حسابه .
نتائج التصويت لدى مجلس الشيوخ يدلل على سوء خياراته، وسوء إدارته الداخلية في التعامل مع أتباعه وحلفائه الذين ظهروا أنهم لم يعودوا يثقفون به وبسياساته، وأنه عنوان ضار للسياسة والمصالح الأميركية، ولذلك عاقبوه في أول محطة اختبار سياسية وقعت في قاعة مجلس الشيوخ، مما يوفر مزيداً من القوة المعنوية، والاندفاع لدى الديمقراطيين في توجيه ضربات لاحقة له، وخاصة في قضايا التشريع الداخلي المناطة بمجلس النواب أكثر منها من مجلس الشيوخ ، عبر ملاحقته ووزراء حكومته واستدعائهم إلى اللجان البرلمانية .
إنتصار الديمقراطيين رغم أنهم الأقلية البرلمانية في مجلس الشيوخ فيما سعوا إليه يفتح بوابات الأمل لهم في أن يراكموا خطوات من النجاح في صد ترامب، وفي تكبيل سياسته الخارجية، وهذا ما فعلوه نحو اليمن، مما سيدفعه لاتخاذ قرار الفيتو ضد قرار مجلس الشيوخ، بعد فشل السياسات التدخلية لفرض وجهة نظره.