لا يمكن لخطط تحفيز النمو الاقتصادي أن تحقق أهدافها اذا لم تكن هناك شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني، خاصة وأنه بات المشغل الأوحد للشباب، والذي يعول عليه المساهمة في ضبط معدلات البطالة المتصاعدة نسبتها، حتى بلغت نحو 18 %، قابلة للارتفاع، في ظل اغلاق أبواب التوظيف في المؤسسات الحكومية، سوى التربية والصحة.
والحكومة بكل الاحوال رفعت شعار التشغيل بدلا من التوظيف منذ سنوات، ولم تعد قادرة على استيعاب اعداد الخريجين المتزايدة من الباحثين عن وظائف لم تعد متوفرة في القطاع الحكومي، ولم يعد القطاع الخاص رغم حاجته لها قادرا على استقطابها في ظل الضغوطات عليه والمكبلة لاستثماراته والمعيقة لنموه، سواء من خلال التشريعات، وفي مقدمتها الآن مشروع قانون ضريبة الدخل الذي يناقشه النواب والمليء بالملاحظات التي يراها القطاع الخاص طاردة للاستثمار ومعيقة للنمو.
اذا اردنا تحقيق نمو حقيقي يتماشى وخطط التحفيز فلا بد من تفعيل دور القطاع الخاص.
اذا أردنا خلق وظائف للشباب العاطل عن العمل، لا بد من تعزيز دور القطاع الخاص.
اذا أردنا جذب استثمارات، وتخفيض المديونية، وتقليل عجز الموازنة ، لا بد من دعم القطاع الخاص.
هذا القطاع على أرض الواقع مغيب عن القرارات والتشريعات، رغم كل ما يتردد من شعارات الشراكة بينه وبين الحكومة.
نحن أمام تحديات اقتصادية متتالية، تتطلب لمواجهتها توحيد الجهود، وتنسيقا رفيع المستوى بين القطاعين العام والخاص لمواجهتها، وايجاد حلول ناجعة، خاصة في الوقت الراهن الذي نرى فيه انفراجا في الاسواق المحيطة، وفي مقدمتها السوقان العراقي والسوري بعد فتح المعابر والحدود، وهما سوقان كبيران ينتظران مشاريع ضخمة بمئات المليارات لاعادة الاعمار، من الممكن أن يكون للقطاع الخاص الأردني دور فاعل اذا ما لقي دعما ( سياسيا واقتصاديا) من الحكومة ليكون له في تلك المشاريع نصيب، وما يعود عليه بالتأكيد يعود على الاقتصاد الوطني.
الاقتصاد الاردني أمام فرصة حقيقية، وهو بحاجة لمساهمة أكبر من القطاع الخاص، والقطاع الخاص بحاجة لمساعدة أكبر من الحكومة بتخفيضات حقيقية لكلف الانتاج لزيادة مساهمته في تخفيض نسب البطالة وتنويع الاستثمارات، وهو بحاجة للمساعدة في فتح اسواق جديدة، وحوافز وتخفيضات ضريبية وغيرها.
وكل هذه التحديات يمكن التغلب عليها اذا ما كانت هناك نية صادقة لشراكة حقيقية ( مضمونا ) لا ( شكلا) فقط.