لدينا لمبة في الشارع ما ضوّت من زمن مضر بدران، ولدينا منهل آخر عملية صيانة أجريت له كانت في عهد حكومة عبدالكريم الكباريتي.. أما آخر مدحلة دخلت الحارة لتزفيت الشارع فقد تزامنت مع دخول القوات العراقية الى الكويت!
أذكر أن فأرا وعقيلته سكنوا الحارة قبل عدة سنوات.. اليوم أصبحوا عشيرة تستطيع بكل سهولة أن تحصل على مقعد في اللامركزية، أما القارص فقد سحب من دمي خلال الصيف أكثر مما سحبت وزارة المياه من مخزون مياه سد الكفرين.. أما عامل النظافة فقد كان آخر ظهور له في الحارة عندما كانت الحكومة تطبق نظام الفردي والزوجي على السيارات وقت أزمة الخليج!
في الصيف الماضي وحين كان أحد أبناء الحارة يلهو بطائرته الورقية حصل أن تشلبكت مع أسلاك الكهرباء، ثوان معدودة وانقطعت الكهرباء، والانترنت، والاتصالات، وحتى البكمات التي تبيع الملوخية مع أن ليس لها علاقة بالكهرباء.. واحتاجت الكوادر الفنية الى أسبوع حتى تعود الحياة الى طبيعتها في الحارة.. بينما في نيويورك تم استهداف برجي التجارة العالمي بطائرات تجارية ولم تنقطع الكهرباء عن الطوابق السفلية للبرجين حتى سقوطهما!
في لندن يوجد شبكة صرف صحي شيدت العام 1856 ميلادي.. وهي تستطيع أن تخدم المدينة وتستوعب الضغط السكاني لخمسمائة سنة قادمة.. بينما أراهن إن كانت شبكة الصرف الصحي التي أنشئت في عهد حكومة الملقي أن تستوعب الضغط السكاني في عهد حكومة الرزاز!
في طوكيو ورغم أن الزلازل عندهم أكثر من المناسف عندنا، الا أنهم شيدوا ثاني أعلى ناطحة سحاب في العالم.. المبنى الذي يبلغ ارتفاعه 634 مترا مقاوم للزلازل فقد صنع من نظام فولاذي يتمايل مع الزلزال ولا يمكن أن ينكسر في المبنى ولو لوح زجاج.. في عرس قريب لي وحين كان الشباب يدبكون في الشارع على أنغام أغنية (طير أخضر.. طير مبرقع.. يا يبتجوّز يا بفقع) حصل هبوط في أرضية الشارع وسقط الصيوان فوق رؤوس الضيوف.. فنمرة رجل خال العريس كانت 47 والشارع مصمم لأن يدبك عليه من لا تتجاوز نمرة رجله 37.. نعم مباني اليابان أصبحت تتمايل وتقاوم الزلازل.. بينما في شوارعنا إذا تمايل قائد الدبكة على خال العريس سقط الجدار الاستنادي للشارع!
الحكومة أصبحت تدرك حجم الفساد والترهل في السنوات السابقة، وأن البنى التحتية لا تستطيع ان تستوعب دلو شطف وليس تغيرا مناخيا!
ما أن تعلن دائرة الأرصاد الجوية عن قدوم منخفض حتى يسارع الرزاز ومعه بطانيته الى المبيت في دائرة الأزمات.. وأظن أنه سيمضي الشتوية هناك.. فلم يترك له من سبقوه لا منهلا ولا شارعا ولا جسرا ولا سدا يمكن أن يقاوم الرياح وليس السيول الجارفة!
مع كل زخة مطر ستعلن التربية عن تعطيل المدارس، والصحة عن استنفار المستشفيات، والمياه عن سلامة السدود، والأشغال عن جاهزية الآليات، والثقافة عن تأجيل كل الفعاليات، والدفاع المدني عن حالة الطوارئ القصوى، والبلديات عن أرقام غرف العمليات، والمحافظات عن أماكن الأيواء، والمؤسسة العسكرية عن توفر المواد التموينية.
كلما جاء رئيس وزراء كان يؤكد بما لا مجال للشك أن حكومته خالية من الفساد، يا ترى هذا الرعب وعدم الثقة والخوف في أجهزة الدولة إن لم يكن من نتائج الفساد معقول يكون بسبب نتائج فريق ذات راس في الدوري مثلا!