تحول النصب التذكاري الذي وضعته مجموعة جفرا الاخبارية على حافة البحر الميت، الى مزار وطني يتدفق اليه الأردنيون تباعاً لتأدية الواجب الأخلاقي والانساني بزيارات ميدانية، تعبر عن انحيازهم وتفهمهم لمعاناة أهالي الضحايا الأبرياء، بسبب : 1- السيول الجارفة الطارئة، أو 2- حصيلة التقصير غير المقصود من قبل الادارات المختلفة المتعاقبة، و3- الفقر وضعف الامكانات وغياب القدرة المالية لتغطية الاحتياجات الضرورية والاصلاحات المتواصلة للبنى التحتية وهي السبب الجوهري لمعاناة الأردنيين في كل موقع وفي كل مكان ، وأبرز ظواهرها تأكيداً على هذا السبب، حوادث طريق العقبة الصحراوي المتكررة، وانهيارات طريق عمان جرش الصخرية، وعمان الأزرق.
نحن بلد فقير الامكانات والموارد، ولكن احدى عناوين مصيبته أنه فقير جداً في وعينا المركزي في تحديد الأولويات، والفشل في الاجابة على السؤال : هل نحن بلد زراعي ؟؟ هل نحن بلد صناعي ؟؟ هل نحن بلد خدمات ؟؟ وكيف يمكن الاستفادة مما هو متوفر لدينا من معطيات ومواقع وقدرات سياحية وعلاجية وتعليمية وتطويرها حتى نتفوق فيها، وتصبح عنوان الدخل والموارد لبلدنا وللقطاعات الانتاجية العاملة في مؤسساتها !!.
مبادرة جفرا وناشرها نضال فراعنة كبرت بعد أن أنجزت الفكرة وفرضت حضورها، ونجحت في جمع قطاع واسع من المتطوعين من كافة الشرائح المهنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فوضعت النصب التذكاري يوم الخميس الثاني للفاجعة في الأول من تشرين الثاني، فتحول المشهد يوم الجمعة التالي وما يليه الى مزار تصله الجماعات الأردنية من المحافظات أفراداً وفرقاً ومجموعات، لترتقي الفكرة في وعي أصحابها ومُطلقها، الى ما هو أكبر عبر تحويل الموقع الى نصب تذكاري كبير بكبر المأساة، وجميل بجمال وعي الأردنيين ومحبتهم لبلدهم، ولموقع أخاذ يساوي الموقع وجماله وسط الوديان وبين الجبال واطلالته على البحر الميت وامتداده الى فلسطين وقدسها المحمية بالروح الجماعية والتعاون بين أهل القدس والرعاية الأردنية الهاشمية.
فكرة النصب التذكاري تسير باتجاه حديقة واعادة بناء الجسر على نفقة فريق جفرا ومبادرتها وتمويلها من المتبرعين بدءاً من محمد الطراونة وشركة الديرة، ورجل الأعمال علاء أبو صوفه، وتبرع المهندس فوزي مسعد لعمل التصاميم ومن المتمكنين ليكون « جسر الشهداء « محطة عبور نحو تحويل المأساة وفاجعة الأهالي الى مباهاة لأن أطفالهم تحولوا الى شموع تُنير الطريق، وأدوات فاعلة من الوعي، متصلة تتمدد الى باقي الأردنيين ليتضامنوا معاً نحو زرع بلدهم بما يحتاجه من تبرع وتماسك وشراكة.
ستعمل جفرا على صياغة خطة عمل وفريق انتاج، ليكون مزار النصب التذكاري حدث وطني يليق بقيمة وحجم التضحيات التي قُدمت، وتستجيب الى اندفاع الأردنيين للاسهام في خلق النموذج المستقر في ضمائرنا ومفاده أن بلدنا فيه ما يستحق من الحياة والتضحية.