ان المنظمات الاهلية الغير حكومية بأشكالها وانواعها واهدافها لا يمكن لها ان تنشط ان لم تعززها ثقافة التطوع من ابناء المجتمع المحلي لتعطيها الشكل والمضمون لتحقيق الهدف التي أسست من اجله ، حيث ان هذه الثقافة تعتبر من اهم مقومات هذه المنظمات والجمعيات الاهلية .
لكن بدأنا نلمس ان المجتمع بشكل عام تسوده السلبية والاحباطية لدى الكثيرين مما سبب العزوف الملموس عن المشاركة او التفعيل مما يعيق العطاء والانتاج .
وهناك معوقات للتطوير والتغيير ليتمكن من التحول من ثقافة الانفعال بسبب اليأس والاحباط وقلة الدعم الى ثقافة الفعل اي التحول من السلبية الى الايجابية كل ذلك بسبب الاوضاع الراهنة وعزوف الشركات الكبرى عن دعم هذه المنظمات والجمعيات كذلك العزوف الرسمي الحكومي من قبل الجهات المعنية ، كذلك الشركات الكبرى والمنظمات الدولية .
بسبب هيمنة بعض المنظمات والمؤسسات السيادية على الدعم المقدم من قبلها ، كما وان الاتحاد العام للجمعيات الخيرية عليه الكثير من الالتزامات وقلة الدخل المتأتي من المصادر المختلفة ولم يعد قادراً على تقديم الدعم المطلوب لهذه الجمعيات او دعم الفعاليات بشكل عادل في جميع المناطق ولم يطور من اساليب مصادر الدخل له .
علماً بأن ثقافة التطوع والتي تدعو لمشاركة ابناء المجتمع للمشاركة بمختلف النشاطات والفعاليات والمشاريع البيئية والانتاجية والخدماتية تعبر عن مدى قوة المجتمع ويكرس قيم الولاء والانتماء والعطاء ، وتنظيم العلاقة المجتمعية بين افراده مهما كانت مستوياتهم الاجتماعية والعلمية والفكرية المختلفة دون مقابل فثقافة العمل والعطاء تنطلق من المصادر الدينية والاخلاقية ، والدين يحفز العمل الخيري والتطوعي حيث حث على العطاء ومساعدة الغير وهذا يعمق قيم التكافل والتضامن الاجتماعي والتسامح مع الاخرين والمساواة والعدالة والمواطنة ، ليكونوا قدوة ايجابية في مجتمعاتهم بالتصرف والتفكير والسلوك حيث يتم تنقية ثقافة العمل التطوعي من قيم التحيز والعصبية والانانية ، بل تحقق التشاركية والاستفادة من المهمشين والفقراء في مشاريع خيرية وتطوعية وانتاجية لدمجهم في حركة المجتمع ، وهناك منظمات وجمعيات اهلية تقدم الرعاية الصحية والتعليمية والتعاونية والثقافية ليتحول الافراد الى منتجين بصيغ مشاريع صغيرة قابلة للتسويق والتطوير .
فروح العمل التطوعي تمثل المادة الخام للمؤسسات والجمعيات والمنظمات الاهلية خاصة في ظل غياب الهدف الربحي ، اي يكون التطوع اللاارادي لخدمة المجتمع وتحقيق الاهداف فهذه النزعة التطوعية اصبحت تضعف تدريجياً ولم يكن هناك نزعة للاداء المميز لأن تلك الجمعيات لم تعد تحظى بذلك الاهتمام الذي كان سابقاً ، ولم يعد ذلك التفاعل بل اصبح كثير من هذه الجمعيات لاهداف انتخابية وغيرها تحت مبدأ مساعدة الفقراء والمحتاجين او لتحقيق منافع شخصية .
وهذه تشبه بالمثلث متساوي الاضلاع ( الدولة – القطاع الخاص – القطاع الاهلي ) واذا تساوت اضلاعه كانت الانتاجية لكنه بما ان هذه الاضلاع لم تعد في الوقت الراهن متساوية فاننا نستشعر بالتفكك التدريجي والاضمحلال التدريجي والضعف والوهن لهذا العمل التطوعي الذي لم يعد يجدي للعاملين فيه شيئاً ، بالمقابل هناك جمعيات ومؤسسات تحظى بدعم مالي ومعنوي كبير اضعف جمعيات المجتمع المحلي لذلك يجب اعادة النظر بالاستراتيجيات الكفيلة بتطوير ثقافة العمل التطوعي وتحفيزها .
فان رأس المال الاجتماعي يعتبر الثروة الحقيقية في اي مجتمع عندما يتم استثمار ابناءه في تقديم العمل التطوعي والخيري وتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية بنشاط بشري .
وهذا ما تحققه المجتمعات المتحضرة والمنفتحة بعلاقاتها الاجتماعية ووسائل اتصالاتها الحديثة وتغذيتها بالخبرات المتعددة ، وهي تعطي دعم نفسي للافراد وتعزز الشعور بالانتماء وتحقق نسبة عالية من شبكة الامان الاجتماعي عندما يكون الهم مشترك والشعور بالتضامن وبمفهوم مشترك وتماسك اجتماعي وفق معايير وقيم اخلاقية .
hashemmajali_56@yahoo.com