بلال العبويني
يثير تأجيل إعلان نسب الفقر تساؤلات لدى البعض تحديدا أنه تأجل من قبل أكثر من مرة، وليس هناك من مبرر مقنع يفسر السبب الذي دعا للتأجيل من آب الماضي إلى تشرين أول الحالي ومن ثم إلى تشرين الثاني المقبل.
نسب الفقر التي بين أيدينا قديمة جدا وتعود إلى العام 2010، ولم يطرأ أي تغيير عليها وإن كان ثمة دراسة تم إنجازها في العام 2013 إلا أن بعض الأرقام المهمة في هذه الدراسة لم تتح للعامة.
يتوجس البعض اليوم من أن تأخير الإعلان عن نسب الفقر مرتبط بمشروع قانون ضريبة الدخل، وأن التوقع كان أن يقر خلال الدورة الاستثنائية التي تم فضها قبل أيام، وعندما لم يقر القانون فإن التأجيل للشهر المقبل جاء على أمل أن يقر القانون قبلا ومن ثم سيكون الإعلان عن نتائج الدراسة.
تلك، أحاديث يتداولها البعض فيما بينهم، وليس بين أيدينا ما يؤكدها غير أنه وإن لم يكن هناك توضيح مقنع عن أسباب التأجيل فإن الأمر سيبقى عرضة للأخذ والرد، ولن يجيب على ما يُثار من أسئلة إلا وقت إعلان الدراسة ووقت إقرار مشروع قانون ضريبة الدخل.
على العموم، منذ العام 2010 ثمة تغيرات كبيرة طرأت على المجتمع الأردني، وتلك المتغيرات أثرت دون أدنى شك على مستوى الدخل لدى الأفراد والأسر، ومن المؤكد أنها ساهمت في انهيار أسر وسقوطها مما كانت تصنف به على أنها من الطبقة الوسطى إلى طبقة محدودي الدخل أو حتى إلى الطبقة الفقيرة.
آخررقمرسميمُعلنعننسبالفقرفيالعام 2010،كان 14.4 %، وللأسف هذه واحدة من النسب التي مازالت الحكومة تبني استراتيجياتها الاقتصادية وفقها دون الأخذ بعين الاعتبار حجم المتغيرات الإقليمية والمحلية التي لا شك أنها رفعت مستوى الفقر إلى نسب أعلى من ذلك بكثير.
وهذا ما يطرح سؤالا وجيها عن مستوى التخطيط، ومستوى الأثر الاقتصادي والاجتماعي التي تخلفها قرارات الحكومة المتوالية على حساب جيوب المواطنين في ما تقوم به من إصلاح اقتصادي ومالي وهي تبني كل ما تقوم به على أرقام ونسب لا تتوافق والواقع المعيشي الحقيقي للمواطنين.
اليوم ثمة سؤال مطروح أيضا عن مستوى خط الفقر، بعد سلسلة المتغيرات الجسام التي طرأت على المملكة خلال العشر سنوات الماضية، فبينما تشير تقديرات إلى أن نصف الأسر الأردنية كان معدل دخلها في العام 2013 يقدر بـ 352 دينارا، وهذا الرقم بالإضافة إلى الحد الأدنى للأجور 220 دينارا، هو مستوى متدن جد ويشكل تحديا كبيرا أمام الأسر التي عليها اليوم من الالتزامات المعيشية من مأكل ومسكن ومواصلات وفواتير وضرائب ما يجعلها تحت مستوى خط الفقر الفعلي بمستويات كبيرة.
تلك الأرقام والنسب القديمة، والتي من المفترض أن الحكومة تبني عليها خططها غير واقعية ولا تتلاءم مع الواقع المعاش ما يعني أنه وبما أن المُدخلات غير صحيحة فإنه ومن دون أدنى شك ستكون المخرجات مشوهة، وهو ما قد يدعم وجهة النظر التي تقول إن تأخير إعلان نسب الفقر أكثر من مرة مرتبط بمشروع قانون ضريبة الدخل، والذي سيظهر على ما يبدو خللا في سقف الدخل الذي دخل للتو إلى قائمة المشمولين بدفع ضريبة الدخل.//