وليد حسني
يا صاحب الوجه الجميل حين ينام الغد على عتبات بيتك، وحين يحضنك الفقر ويقودك في حلم لا ترغب بتركه..
لك بيت على تلة يسقيها المطر ورذاذ الغيم
جيبك ممتلىء بالدنانير كانما تملك حقل ارز في مطبخك
تاكل ثلاث وجبات في اليوم
وتستقبل الصباح برياضة المشي في المتنزهات
تجلس قليلا على شاطىء ترعة تناغيها، وتشرب قهوتك
تركل الايام في طريق عودتك للبيت، ولم تصح عصافير الحديقة بعد من غفوتها
تاخذ حماما ساخنا وتغادر الى عملك
دقائق فقط تحتاجها لاجتياز المسافة
30 كلم تبعد عن مكتبك
تركب القطار او الترام او الباص السريع
انت في هذه حر
تمارس كامل حريتك في اختيار الطريقة
لن يوقفك الشرطي ليسألك عن رقمك الوطني ومكان ولادتك وسكنك
لن يطلب منك شهادة تثبت انك تدفع فواتير الماء والكهرباء
واقساط قبرك المرتجى
لن يفتح أحدٌ معك حديثا بشعا عن الأصل والفرع، وعن مدخلات الإنتاج وكم ضريبة دفعت بالأمس، لن يسألك أحدٌ عن علاقتك بزوجتك وهل ارسلت اطفالك للمدرسة بسندويتشات الفلافل، وهل التزمت مثلا بدفع اقساط المدرسة، وتبرعاتك الباذخة لخزينة الدولة..
تقضي ثماني ساعات في عملك وتعود من حيث اقبل النهار بك
تدخل جنتك، تتناول الغداء البهي مع العائلة، وترقد قليلا لتعرف الفرق بين الطمأنينة والقلق..
تصحو عصرا تتجول في الحدائق، ترتقي قليلا نصف شجرة، ولربما تستريح على عشب ندي تلقى وجبته من الماء قبل قليل، تقرأ رواية، ، وتعود تتمشى، ربما تكون زوجك واولادك بالقرب منك، تتهامسون عن المساء القريب وتتساءلون"أين سنقضي بقية الليل؟".
تحتارون في اختيار المكان، يداعبك اطفالك، ويحتجون على اختياراتك ويدعونك بشدة لتطبيق الديمقراطية بدون اية سلطة أبوية، وينتصرون عليك، لأن خيارات الترفيه المسائية متعددة، ربما يقودونك للجلوس في مقهى هاديء، ولا يكلفك غير القليل القليل، فصاحب المقهى لم يعد لصا ليحجز علة نصف دخلك الشهري لقاء فنجان قهوة وكاس عصير..
لم تسألك زوجك إن كنت استلمت راتبك الشهري؟ وكم عقوبة تعرضت لها ليخمشوا راتبك ويقضموه، وهل دفعت فواتير الماء والكهرباء والهاتف، وهل راجعت على الانترنت حصتك من ضرائب استخدام الطريق، وتنفس الهواء، واستخدام الحمامات العامة والخاصة، ولن تلح بالسؤال عليك فيما اذا دفعت مستحقات المسقفات، وضريبة البريد والتلفزيون العمومي، وخط الانترنت، وهل التزمت اكثر بدفع قسطك الشهري في المقبرة..
تذهب مساء الى فجوات مفتوحة على الحياة، لن يسألك أحد دفع ضريبة الدخول ولا حتى ضريبة المرور، لن يطلبوا منك التوقف مطولا للتاكد من حقيقة انك مواطن ولست سائحا دسما ليسرقوك، ولن ترى احدا يسألك إن كنت لا تزال حيا بدون امراض العصر..
تعود لجنتك في بيتك، خاليا تماما من كل ما يمكنه ان يجعلك تصحو من حلمك، لكنه الواقع الذي يشدك الى القاع...
تصحو على أصوات الطرق على باب بيتك المتهالك.. تفتح الباب متثاقلا فترى جابي الكهرباء وجابي الماء ومندوب البلدية، والدائنين، والتبليغ القضائي، والشرطي، يسألونك دفعة واحدة..
انت مطلوب..
فتحتار مع من تذهب..؟؟!!//