حنان المصري
في الماضي كنا كمواطنين عند استحقاق فواتير المياه والكهرباء الشهرية ندفعها عن طيب خاطر ولا تساورنا أي شكوك بقيمتها الفعلية ،
وهذا السلوك مرده الثقة المطلقة بمصداقية مؤدي الخدمة فقد كانت هذه الخدمة حكومية صرفة ، وكنا نثق ثقة عمياء بالحكومة وهي صاحبة الولاية !!
إلى أن جاء ذلك المصطلح الغريب العجيب المستورد "الخصخصة" على غفلة منا والذي كنا نجد صعوبة بلفظه ، كفكرة متطورة تم تطبيقها على المؤسسات الحكومية لبيعها للقطاع الخاص لإدارتها تماشيا مع "العولمة" والإنفتاح الكامل على العالم والتي عاصر بدايتها جيلنا المتعب وصولا إلى رخاء منتظر وإنفراج إقتصادي مزعوم !!
والذي حصل بعد عصر تلك الخصخصة لم يعكس ما جاءت لأجله بل على النقيض تم بيع المؤسسات الحكومية وخصخصتها بزعم تخصيص عوائدها للأجيال القادمة لإيداع أموالها بما كان يسمى "صندوق الأجيال" والذي اختفى بقدرة قادر ولم نعد نسمع به وتلاشت الآمال وتبخرت الأموال ،، وتطورت أساليب الجباية وظهرت على الفواتير بنود عديدة إضافة إلى بنود قديمة وثابتة كالنفايات والتليفزيون والريف وغيرها ، بنود تؤدي إلى حتمية دفع "ضريبة على الضريبة" !! وشيء آخر إسمه رسوم ثابته !! ناهيك عن قيمة الطوابع، إلى أن تتوجت تلك الفواتير بقيمة فرق المحروقات !!
بالنتيجة أصبحت قيمة الإستهلاك الفعلي لا تتجاوز ثلث قيمة الفاتورة الإجمالية ، كما ظهرت بنود عديدة على قسائم رواتب كبار الموظفين بشكل يثير التساؤلات حول مدى مصداقيتها واستحقاق منتفعيها ،،
نتساءل دوما ما سر البنود الغامضة التي تتم إضافتها على فواتيرنا وقسائم الرواتب الخيالية لتمرير الهدر المالي وكأننا نجلس على جبل من ذهب !!
تواكب ذلك كله مع ظهور شركات جباية مقنعة مسلطة على جيوب المواطنين بحجة تسهيل الإجراءات الحكومية برسم بسيط ولكنه فرض عين ،،
تعددت أساليب الضرائب والرسوم وتسللت إلى نظامنا الإجتماعي والمالي بطريقة مبرمجة وسلسة وإذ بنا نقف في مواجهة حائط وخلفنا البحر فأما الإصطدام وأما الغرق وكلاهما مر المذاق ،،
تريدون تمرير قانون ضريبة الدخل الجديد ؟ إبحثوا اولا عن أموال الخصخصة سيئة الذكر اين ذهبت ، وراجعوا دخولكم الفلكية ثانيا وأزيلوا كل التشوهات المالية إذا استطعتم ولن تستطيعوا .. فقد سبق السيف العذل.// .