بلال العبويني
تقدم الحكومات بعض مشاريع القوانين الخلافية كقانون ضريبة الدخل دون أن تحسب حساب العواقب التي قد تجعلها في صدام مباشر مع فئات واسعة من المجتمع، كما هو الحال في حكومة الدكتور هاني الملقي التي أصرت على مشروعها فكان أن غادرت المشهد بعد حراك الدوار الرابع.
اليوم، تقدم حكومة الدكتور الرزاز ذات القانون، وليس ثمة فرق كبير بين القانون الذي تقدمت به حكومة الملقي وبين مشروع قانون حكومة الرزاز، بل على العكس من ذلك وإن كان "مشروع الملقي" خفض النسبة المكلفة لدفع الضريبة للأفراد والأسر من 24 ألف دينار دخل الأسرة في عام إلى 16 ألفا، إلا أنها رفعت النسبة على قطاعات اقتصادية تدر أرباحا كبيرة وتستفيد من المزايا الممنوحة لها كقطاع البنوك، في حين أن حكومة الرزاز خفضت ضريبة الدخل على الأسر من 24 ألفا إلى 18 ألفا في السنة في مقابل أنها أعفت البنوك من الضريبة.
إبان الأزمة التي أحدثها قانون الضريبة في الحكومة السابقة، قلنا إن الحل يكمن في رفع نسبة الإعفاء على الأسر والأفراد حتى يشعروا أنهم غير مستهدفين وان المستهدف هو من يحقق الدخول العالية والقطاعات الاقتصادية التي تدر أرباحا كبيرة على المستثمرين.
غير أن ذلك لا يعني بطبيعة الأحوال أن ترتفع نسبة الإعفاء على الأسر مثلا بمقدار ألفي دينار فقط، ذلك انه لن يشكل فرقا كبيرا عن مشروع القانون السابق، وكان سيشكل فرقا لو أنه ارتفع إلى 20 ألف دينار في السنة مع اعتماد مبدأ الإعفاء على فواتير التعليم والصحة بمقدار 4 آلاف أو حتى ولو كان بمقدار ألفي دينار.
على كل، المؤشرات الأولية التي يمكن أن نرصدها على مشروع القانون من ردات فعل المواطنين سلبية، وما يعزز تلك السلبية العجز حتى اللحظة في تسويق الحكومة مشروع القانون، وهو ما اعترف به رئيس الوزراء في الاجتماع الذي جمعنا به في دار رئاسة الوزراء أمس الأول مع الزملاء رؤساء تحرير الصحف اليومية ورؤساء الأقسام الاقتصادية في الصحف ومدراء الأخبار في التلفزيونات المحلية.
الرئيس اعترف أن تسويق القانون صعب في مثل هذه الظروف الاقتصادية وفي ظل حالة الإحباط العام لدى المواطنين، ولعلي أزيد على تلك الصعوبة في تسويق القانون التناقض الحاصل في بعض تصريحات الطاقم الوزاري من مثل الحديث عن إعفاء سلع من ضريبة المبيعات ومن مثل استحضار رقم قديم ولم يعد واقعيا وهو 360 دينارا مستوى خط الفقر، وغير ذلك.
اليوم، يكفي التأشير إلى تلك المقارنة البسيطة بين مشروعي القانون، غير أن ما نقصده بـ "حكومات انتحارية" أن الحكومات لدينا لا تضع خطة بديلة لكل ما تقدم عليه، حتى في مشاريع القوانين التي قد تكلفها عمرها مثل مشروع قانون ضريبة الدخل.
لذلك، ماذا لو كانت النتيجة بحراك مشابه لحراك الرابع إبان الحكومة السابقة، فما الذي ممكن أن تفعله حكومة الرزاز لتطويق تداعياته؟.
في اعتقادي أن ليس هناك خطة إلا مواجهة الشارع والرحيل أو التراجع مؤقتا عن مشروع القانون، وهذا الأخير أعتقد أنه ليس مطروحا اليوم ولم يعد الوقت يخدم الحكومة بل الدولة لتأجيله.
لذلك، مواجهة الشارع أو رحيل الحكومة له مؤشرات قد تكون خطيرة باعتبار أن الناس وثقت بالرزاز وتأملت خيرا بتكليفه، وبرحيله ربما ستنعدم الثقة بأي اسم يأتي من بعده وسيكون الإحباط العام والسوداوية هما سيد الموقف، وهو أمر غير محمود البتة.
على العموم، أزعم أن حكومة الرزاز كانت تطمح لأفضل من هذا المشروع، غير أنها لم تستطع تقديمه، بل إنها أخطأت كثيرا بإعفاء قطاع البنوك لاعتقاد راسخ لدى المواطنين أنها تُحقق أرباحا كبيرة هذا من جانب، ومن آخر لخلفية الرئيس ونائبه حيث الأول كان رئيس مجلس إدارة بنك والثاني مالكا للبنك.//