بلال العبويني
ثمة إصرار عربي فلسطيني علىأن حل الدولتين؛ فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية وإسرائيلية؛ عاصمتها القدس الغربية تعيشان إلى جانب بعضهما البعض هو الحل الوحيد لإنهاء الصراع "العربي" الإسرائيلي.
الحديث عن دولة فلسطينية تقام على الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران من عام 1967، ومساحتها 22%من مساحة فلسطين التاريخية.
لكن السؤال، هل هذا الحل بات واقعيا اليوم؟ وإن كان كذلك، لنا أن نسأل ماذا لو قررت دولة الاحتلال الاعتراف بدولة فلسطينية؟ ما هي الأراضي التي ستقام عليها وما هي مساحتها من مجموع أرض فلسطين التاريخية المحتلة؟، وما هو مصير المستوطنات التي قضمت الكثير من أراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة عام 1967؟.
في الواقع، حل الدولتين ليس واقعيا اليوم وليس عمليا في ظل الظروف الراهنة التي اعترفت فيها الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وبعد أن توسعت دولة الاحتلال في بناء المستوطنات بالضفة الغربية وبعد عملها الدؤوب على تهويد القدس الشرقية.
اليمين الإسرائيلي لم يعترف بهذا الحل منذ البدء، وعمل مبكرا على اجهاضه عبر التوسع في الاستيطان وبناء المزيد من الوحدات الإسكانية فيها، حتى باتت اليوم المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967 غير متصلة جغرافيا وأشبه بكانتونات معزولة عن بعضها البعض لا يمكن معها إقامة دولة مستقلة قابلة للحياة، فضلا عن صغر مساحتها بعد تكاثر المستوطنات.
المشروع الصهيوني أساسا قائم على التوسع، والساسة الإسرائيليون وتحديدا اليمين المتطرف الحاكم لا يمكن أن يصل إلى مرحلة التخلي عن الضفة الغربية والاعتراف بدولة، وهو الذي مازال مؤمنا بأن "يهودا والسامرا" أراض إسرائيلية يجب السيطرة عليها.
فالمشروع الاستيطاني التوسعي، ومن هذه الزاوية يرفض مشروع حل الدولتين وقد عمل منذ زمن على إجهاضه.
لكن وحتى لو توقفت إسرائيل عن بناء المستوطنات، فإن اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال يقف عائقا أمام تحقيق ذلك الحل، وبالتالي فإن الأزمة كبيرة وربما تكون موجتها أعلى من قدرات الفلسطينيين بالدرجة الأولى والأردن بالدرجة الثانية باعتبارهما أكثر المتضررين من السياسات الإسرائيلية وقرارات الإدارة الأمريكية التي هشمت اتفاق السلام المبرم بين الفلسطينيين والإسرائيليين بما اتخذته مؤخرا من إجراءات تهدف إلى إلغاء الحق الفلسطيني.
اليوم، الهدف بات واضحا ولن ترضى دولة الاحتلال والإدارة الأمريكية بغيره لإنهاء الصراع من وجهة نظرها، ويكمن في إعادة تعريف اللاجئ أي تقليص أعدادهم وإقامة دولة للفلسطينيين في قطاع غزة بالإضافة إلى أراض يتم اقتطاعها من سيناء المصرية لصالح دويلة "غزة/ فلسطين"، كما تسرب مؤخرا عما يقال عنه "صفقة القرن".
لذلك، فإن كان الخيار الفلسطيني العربي ما زال قائما على أن حل الدولتين هو الحل الوحيد، فإنه يجب قبل ذلك ضمان وقف الاحتلال الإسرائيلي الاستيطان في الضفة الغربية ووقف عمليات تهويد القدس الشرقية، بل ويجب ضمان أن تعود المساحة التي كانت مقررة للدولة الفلسطينية وهي 22% من أرض فلسطين التاريخية.
وهذا يحتاج من العرب جميعا ومن بعدهم المسلمين والمتضامنين مع القضية الفلسطينية؛ العمل من أجله وتشكيل لوبي ضاغط لتحقيقه ولترسيخ القناعة لدى الإدارة الأمريكية التي تبدي مواقف يمينية متطرفة تجاه القضية الفلسطينية أكثر تشددا من اليمين الإسرائيلي المتطرف ذاته.
حل الدولتين في ظل الظروف الراهنة، ليس عمليا ولا منطقيا ومع ذلك ترفضه "إسرائيل" ولا يمكن أن تعترف به، وكذلك ترفضه الإدارة الأمريكية وتعمل ضده، حتى وإن ادعت غير ذلك.
فماذا نحن فاعلون حقا من أجل تثبيته وإعادته، على الأقل، إلى حيث كانت مساحته 22% من فلسطين التاريخية ؟.//