البث المباشر
شي وماكرون يلتقيان الصحافة بشكل مشترك "مساواة" تطلق رؤية رقمية لتمكين الحرفيات العربيات من قلب المغرب غرف الصناعة تهنىء بفوز "الصناعة والتجارة والتموين" بجائزة أفضل وزارة عربية المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها الحدودية المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة الجيش يطبق قواعد الاشتباك ويُحبط محاولة تسلل ندوة في اتحاد الكتّاب الأردنيين تعاين ظاهرة العنف ضد المرأة وتطرح رؤى وسياسات جديدة لحمايتها بيان صادر عن المؤسسة العامة للغذاء والدواء الأرصاد تحذر: تقلبات في الطقس نهاية الأسبوع.. التفاصيل استقرار أسعار الذهب عالميا أجواء لطيفة اليوم وغير مستقرة غدا مؤتمر قادة الشرطة والأمن العرب يدعو إلى تحديث تشريعات مكافحة المخدرات التصنيعية الفيصلي يفوز على الرمثا ويبتعد بصدارة الدرع جريدة الأنباط … ذاكرة وطن وصوت الحقيقة الأرصاد العالمية: العام الماضي كان الأكثر حرارة على الإطلاق في الوطن العربي الاتحاد الأردني للكراتيه يكرّم المهندس أمجد عطية تقديرًا لدعم شركة محمد حسين عطية وشركاه لمسيرة اللعبة جنوب إفريقيا تنظم فعالية للترويج للمجلد الخامس من كتاب "شي جين بينغ: حوكمة الصين" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد للنائب الخلايلة والمهندس الطراونة بالشفاء الشواربة يتسلم جائزة أفضل مدير بلدية في المدن العربية ضمن جائزة التميز الحكومي العربي 2025 شركة زين تطلق دليل إمكانية الوصول الشامل لتهيئة مبانيها ومرافقها للأشخاص ذوي الإعاقة

حين أخذنا الصبر تلقينا...

حين أخذنا الصبر تلقينا
الأنباط -

 

وليد حسني

 

هذا العنوان من عجز بيت شعر في قصيدة لا تموت ابدا قالها الشاعر الأندلسي الحبيب ابن زيدون رحمه الله اولها "أضحى التنائي بديلا عن تدانينا..." وهي من اشهر عيون الشعر العربي إن لم تكن اكثرها عذوبة وحلاوة ورومانسية وحبا وتعبا وفقدا..

استذكر ابن زيدون وهو يصرخ في حدائق الأندلس:

إنّا قرَأنا الأسَى  يوْمَ النّوى سُورَاً        مَكتوبَة ، وَأخَذْنَا الصّبرَ تلقينا

وكأنني به يعيش بقربي تماما ، يفتح عينيه على دني الصبر فلا يجد منها غير ما يجده من يطارد الدخان في عاصفة لا تذر ولا تدر.

ثمة بكائية في هذا البيت لا إخالني يمكن تفكيكها وإعادة بنائها، وانت كقارىء ومواطن تصدق عليك كامل تفاصيل الكيمياء السوادوية فيه، وكأردني ستكون الأكثر قدرة من بين كل العرب على معرفة الكم الهائل من هذا العذاب الذي عناه ابن زيدون وهو يشكو حبه لولادة التي ساقت دلالها عليه حتى اوردته موارد الهلاك والظن.

"إنا قرأنا الأسى يوم النوى سورا مكتوبة "

ولا أظن انني قرأت مثل هذه الصورة لشاعر عربي قبله او بعده، هنا يصبح الاسى نوعا من التعبد، انه مكتوب كما القران في سور تتلى لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، سور مكتوبة لكنها ليست سورا من النوع الذي يستخدم الوصف والتشكيل، انه الاسى نفسه في صورة سور لا تحتمل التفسير والتاويل، انها واقع مأساوي يفيض على الشاعر، فيغرقه، ويخنقه، ويدميه.

ثمة ثنائية في هذا البيت تفيض أسى ولوعة، فامام الأسى لا تمتك غير فضيلة الصبر، وتبدو هذه الفضيلة مغرقة تماما في نبض قتيل الأسى هنا"ابن زيدون/ نحن / انتم "، وبارتباط عضوي لا انفكاك له، فكما كان الأسى سورا مكتوبة تتلى، فان الصبر تم تلقينه هذه المرة تلقينا بالترداد لغايات الحفظ، وهي طريقة لتعليم الاطفال على الحفظ والمذاكرة، كما هو الحال في تحفيظ الاطفال مبكرا للقران الكريم، ولقصائد الشعر النبيلة.

هنا تكتمل الصورة تماما " الأسى / سور مكتوبة تقرأ ــ مرحلة النضج ــ"، تقابلها " تلقين الصبر ــ مرحلة الطفولة ــ " وبين المرحلتين ثمة مأساة تلوح بيديها.

وانا اقرأ هذا البيت وأردده بيني وبين نفسي تدهمني عشرات الصور، فابن زيدون تقتله الحبيبة بالبعد والجفا وادارة الظهر والبحث عن بديل آخر يسد فراغ ابن زيدون نفسه، اما نحن فلدينا اكثر من مأساة ، وأكثر من حالة فقد تدمينا وتغرقنا بالأسى، ولا اخال أحدا منا لم يشرب فضيلة الصبر مع حليب أمه، ولم يقرأ الأسى في أول الحروف التي تلقاها في مدرسته..

نحن تماما مثل الشاعر البهي العذب ابن زيدون..

إنّا قرَأنا الأسَى  يوْمَ النّوى سُورَاً        مَكتوبَة، وَأخَذْنَا الصّبرَ تلقينا//

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير