بلال العبويني
يصعب اليوم التكهن بما الذي تفكر به الحكومة بعد عدم إدراجها المشروع المعدل لقانون ضريبة الدخل على جدول الدورة الاستثنائية لمجلس الأمة، وهو المشروع الذي كانت الدورة البرلمانية ستعقد من أجله.
يعلم الجميع أن عدم إدراج مشروع القانون على الاستثنائية يعود لاعتراض صندوق النقد الدولي على صيغة المشروع الذي قدمته حكومة الرزاز، وأن الصيغة التي قدمتها حكومة الدكتور هاني الملقي هي التي وافق عليها الصندوق، غير أن الأخيرة حركت الشارع ضدها وضد مشروعها ما أدى إلى رحيلها.
اليوم تخشى حكومة الرزاز من مواجهة الشارع، وتتخوف من أن تلقى مصير حكومة الملقي، وثمة من يتوقع أن أي احتجاج على غرار احتجاج الدوار الرابع الذي أدى إلى رحيل حكومة الملقي ستكون تبعاته وخيمة، ذلك أن غالبية المواطنين رأوا في الرزاز مخلصا لهم من حقبة الملقي وما تركته من آثار اقتصادية أثقلت كاهل الناس، وينتظرون منه أن يحدث انفراجة أو تنفيذ بعض مما وعد به.
عدم إدراج مشروع القانون على الاستثنائية هو هروب من الحكومة لكن إلى أين لا أحد يعلم، غير أن المواجهة حتمية ستكون إما مع الصندوق وإما مع الشارع، وهذه قد تكون لها آثار وخيمة كما أشرنا ولا أحد بإمكانه توقع نتيجتها ذلك أن الواقع الاقتصادي والمعيشي للناس بات صعبا للغاية.
كما أن المواجهة مع صندوق النقد قد تكون وخيمة أيضا على الاقتصاد الوطني وعلى مستقبل القروض والتسهيلات التي تحتاجها الحكومة، وقد تكون وخيمة على سمعة الأردن لدى مجتمع الدائنين الدوليين بعدم إيفائهبالتزاماته بإجراء المراجعة الاقتصادية حسب ما هو مقرر مع صندوق النقد الدولي.
أزمة الحكومة حيال مشروع قانون ضريبة الدخل مركبة، وتحتاج إلى التفكير المتأني للخروج من المأزق، ذلك أنه من الصعوبة بمكان أن تتقبل الفعاليات الاقتصادية والمواطنون إجراء حوارات جديدة للتوافق على مشروع قانون جديد.
ربما تهرب الحكومة من تعديل القانون بالدفع به كما صاغته إلى مجلس النواب بالدورة العادية المقبلة، وتحميله مسؤولية إجراء حوارات حوله، غير أن ذلك سيكون سلاحا ذا حدين، وقد يؤدي إلى تأزيم علاقة النواب بالمواطنين أكثر، أو إحراج الحكومة وتأزيم علاقتها بالصندوق الدولي.
وهذا بطبيعة الأحوال ليس حلا، ما يعني أن على الحكومة التفكير بهدوء للخروج من المأزق، وعليها أن تفكر جيدا بأن نجاتها من الاحتجاجات بعدم تخفيض الإعفاء المقدم للأفراد والأسر أكثر مما اقترحته، وعليها الاشتغال جيدا على ذلك عبر رسائل واضحة ومطمئنة للمواطنين لكسبهم إلى صفها، وعليها بعد ذلك أن تعرف كيف تفاوض صندوق النقد لتخفيف مطالبه حيال مشروع القانون ووضع مخاوفها على أمن واستقرار البلاد أمامه بكل جدية.
نعلم أن الواقع بات صعبا، غير أن على الحكومة أن تعرف كيف تخرج منه بأقل الخسائر وأن تنفذ بعضا مما ألزمت نفسها به أمام المواطنين.
كيف يكون ذلك؟، هذا ما يجب أن تجيب عليه الحكومة خلال الأيام المقبلة.//