بلال العبويني
ربما نستبق مجريات التحقيقات إن قلنا إن مدينة الفحيص مقصودة لذاتها، أو مهرجان الفحيص مقصود لذاته، لكننا لا نستبق التحقيقات إن قلنا إن الجميع مستهدف من قبل الظلاميين وسكان الجحور والأقبية الذين يعشقون التخفي تحت سواد الليل كزواحف الأرض وقوارطها.
أولئك الذين يكرهون الفرح، ويسعون لمنعه عن الآخرين؛ بل ويعتبرون كل المقبلين على الحياة من دعاة الفرح والساعين إليه أعداء لهم؛ دماؤهم مستباحة؛ بل إنهم، بالنسبة لهم، كفار خارجين عن الملة ولا يعودون إليها إلا بإعلان كفرهم بالفرح والحياة وتبني منهج السواد والحزن.
مثل هؤلاء، مازالوا يتسللون من حولنا، وقد نتعامل مع بعض منهم في حياتنا اليومية، ممن تشرب من ذلك الفكر التكفيري سواء أكان الأمر بالنسبة إليهم عقديا أو منتمين إليه بالتأثر نتيجة لضعف الوعي والثقافة والإدراك ونتيجة لضعف الرسالة المضادة التي توضح حقيقة الإسلام ووسطيته، وحق الجميع في العيش كما يشاء ما دام تحت سلطة الدولة وقوانينها.
خطر الإرهاب لم ينته بالعالم أجمع، وإن تراجع أثره وتأثيره بالمعنى التنظيمي الذي كان عليه في السابق كتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وداعش وغيرها من تنظيمات إرهابية.
ذلك أن التطرف والتكفير مازال موجودا وله حضوره الطاغي بين الكثيرين، ولا بأس إن قلنا إن ثمة خلايا نائمة تعمل بمفردها ودون توجيه من أحد سواء في الداخل أو الخارج انطلاقا مما تخمّر في أدمغتها من أفكار الكره والبغضاء ورفض الآخر، وانطلاقا من أحلام الوهم بالفوز بمثل هذه الأعمال الإجرامية بحوريات الجنة وخمورها.
بالتالي، خطر التطرف سيظل موجودا ومحدقا بالجميع إن لم نطور من أدواتنا في مكافحة التطرف والتشدد أو تحجيم حضوره في الحياة العامة، سواء في الإعلام أو على وسائل التواصل الحديثة أو في المساجد والدواوين العامة.
إن خطر التطرف سيظل موجودا إن ظل بعض المعلمين يوجهون رسائل مباشرة أو غير مباشرة لطلبتهم تحض على رفض الآخر وتعلي من قيمة حكم الحرام على كل شيء دون أن تعتني بغيرها من الأحكام سواء أكان مكروها أو مرفوضا أو غير ذلك.
خطر التطرف سيظل حاضرا طالما ظل أرباب الأسر يطلقون حكم "الحرام" على كل سلوك لا يرضيهم من أبنائهم، سواء أكان ذلك الحرام حراما بالفعل وبحكم الشرع أو كان ممنوعا لمجرد أن الأب أو الأم لا يرغبان لطفلهما القيام به.
القضاء على التطرف وفهم الإسلام على وسطيته يحتاج إلى ثورة حقيقية تبدأ من الأسرة والمدرسة ولا تنتهي عند المسجد والجامعة، لأن غير ذلك ستظل تداعيات التطرف والتشدد ماثلة أمامنا وسنظل دائما تحت تهديد أصحاب فكر التكفير دون أن يستثني هؤلاء أحدا؛ فكل من يختلف معهم مستهدفون ودماؤهم مستباحة.
وبالتالي سيظل الإرهاب المنفلت، أشد خطرا على الوطن والمواطنين من الإرهاب الذي يأخذ طابع الجماعات والتنظيمات، إن ظلت أدوات مكافحة الإرهاب على ما هي عليه.