بهدوء
عمر كلاب
يبتعد اكاديمي اردني في تحليله لواقع الفكر السياسي الرسمي القائم اساسا على ترحيل الازمات بدل حلها بتشبيك هذا الواقع القائم على " النقل " بدل " الحل " اسوة بتجارب رجال حكم في انظمة جمهورية قائمة على انتخاب الحاكم مما يتيح لهذه النخبة رفاهية ترحيل الازمات علّها تنفجر في حضن الحزب القادم او الحكومة المقبلة , فقد ابتلانا الله بطبقة حكم في العقدين الاخيرين لا يعرفون عن فلسفة الحكم الهاشمي حتى النزر اليسير , وقد برز عوارهم في كل مفصل سياسي وازمة اجتماعية واقتصادية , حتى باتت اجازة الملك موضوعا شعبيا , وليس فرصة حكومية للولاية الغائبة حسب تعبيرهم .
ثمة عجز متصل عند طبقة الحكم في مواجهة الشأن العام من ادنى قضية مثل الاعتداء على رجل الامن الى اعلى قضية مثل تسعيرة المحروقات , سببها القفز عن حقيقة جوهرية ان نظام الحكم الوراثي في الاردن يتطلب تسليم الراية من جيل الى جيل بامانة واقل قدر من الازمات و بمساحة مضافة من التفكير الاستراتيجي والشمولي تبعا لاستدامة نظام الحكم الملكي وسياقة التاريخي , وليس من بوابة ابراء الذمة والقاء اللوم على السابق او القاء الحِمل كله على الملك .
يطالب الاكاديمي باتباع فلسفة سباق المسافات الطويلة بدل الجري السريع والذي يفضي في كثير من المرات الى ايقاع " العصا " بدل تسليمها الى المتسابق ( المسؤول ) التالي ,
فسلوك النخب او رجالات الحكم قائم على الاضطراب و التناقض و ادى الى تهميش الخلايا الاستراتيجية في عقل الدولة او مطبخها الذي بات يتصرف بعقلية عمال المياومة الذين قد ينجزون مهمتهم اليومية بكفاءة لكنهم قاصرون عن الاعداد لبرنامج عمل اليوم التالي او التحضير السلس للقادم غدا وربما هذا هو التحدي الجوهري الذي يواجه حكومة الدكتور الرزاز المتخصص في البنية التحتية اي المشاريع الطويلة المدى , فمع بداية عشرية ثالثة من عمر المملكة الرابعة المديد باذن الله ارسل الملك رسالة قصيرة شديدة التركيز عن التغيير المرتقب , في كتاب التكليف السامي التقطت منه الحكومة فكرة النهضة الشاملة بعد ان كادت الغرق في العقد الاجتماعي .
الرسالة الملكية عميقة الدلالات و تكشف عن رغبة في تكريس مبدأ التوازن في الدور و الضرورة بين السلطات وبعدها لمكونات طبقة الكريما الاردنية الحائرة الى الان في تحديد شكل لمسارها وسيرها , فهي تتبادل الادوار و المواقف و النكايات و تنقل البندقية من كتف الى كتف بمهارة فائقة و بقدر اقل من الاحترام لعقول المواطنين الامر الذي خلق حالة عدائية لهذة النخبة شعبيا و يمكن استنفار الذاكرة بقليل من الجهد للتدليل على هذة التناقضية حتى بات اي خبر قابلا للتصديق وبدأت النار تطال ثوابت الدولة في ظل عجز النخبة وتراخيها عن تنفيذ واجباتها .
لكن يبقى سؤال مشروع ومشرع عن قراءة هذه النخب للرسائل الملكية او قدرة اجهزة الاستقبال لديها على تفكيك الاشارة , بدل الاستعانة بالرسائل الملكية وقت الحاجة والمصلحة وعدم التفاعل معها لابعاد الملك عن الاشتباك اليومي مع التفاصيل حتى الصغيرة وعجزها عن الدفاع عن الملك نفسه ونظام حكمه كما نشهد اليوم من صمت مطبق وعجز شديد , تصدت له اطياف شعبية ومن خارج طبقة الكريما التي تمتلك المنبر والموقع ولكنها بكماء حتى اللحظة .//
omarkallab@yahoo.com