زاوية سناء فارس شرعان
عندما زارت الفنانة الامريكية انجلينا جولي الموصل في بداية الصيف الحالي للاطلاع على انقاض المدينة وركامها وزيارة المهجرين فيها في مخيماتهم في منطقة كردستان … ولم تتمالك نفسها بعد ان غالبتها الدموع التي انهمرت من عينيها الجميلتين وانحدرت كالياسمين على خديها تأثرا بما رأته من بقايا المدينة التي تحولت الى ركام وكأن زلزالا شضربها على حين غفلة فلم يبق حجرا على آخر اوكان بركانا اغرقها بحممه فاحالها الى انقاض ورماد … !!!
دموع الفنانة بالغة الاحساس والحنان لم تذرف على المدينة المتهدمة وانما على مصير سكانها الذين تحولوا الى لاجئين في مخيمات اللاجين بعد هدم بيوتهم وتدميرها وعل» نسائه واطفالها الذين تحولوا الى لاجئين في مخيمات اللاجئين بعد هدم بيوتهم وتدميرها وعلى نسائها واطفالها الذين تحولوا الى مشردين في العديد من مناطق شمال العراق بعد ان تحولوا الى بؤساء مشردين يبحثون عن المأوى والحياة الحرة الكريمة ولقمة الخبز والحياة الحرة الكريمة …
اكثر من مليونين ونصف المليون من البشر هم سكان المدينة تحولوا الى مشردين في ضوء حرب تحرير المدينة من التنظيم الارهابي داعش الذي احتلها عنوة قبل ثلاث سنوات في اطار «الدولة الاسلامية» التي اقامها في شمال العراق وشرق سوريا كدولة عابرة للحدود تستخدم الاسلام ولا تعرفه بل تنتهك القيم والمثل العليا التي يقوم عليها وتعمل على اذلال من يدين به وتشويهه والاساءة اليه.
لا شك ان سكان الموصل ينتشرون في العديد من مخيمات اللجوء في شمال العراق بعد ان دمرت مدينتهم واصبحت اثرا بعد عين … بعد دمار احيائها ومناطقها كافة التي اضحت بلا مسمى فالشاطئ الشرقي والغربي وجسور المدينة الخمسة قد زالت عن الوجود واضحت اطلالا ورمادا وانقاضا بعد ان كانت حدائق وبساتين غناء وزهورا يعبق اريجها فيملأ كافة ارجاء المكان فيما يضفي عليها نهر دجلة الذي يخترقها من الشمال الى الجنوب حالة من الروعة والجمال فيما يتنقل سكانها عبر شطريها من خلال الجسور العديدة المقامة فيها او من خلال الزوارق التي تعبر النهر بالاتجاهين.
الموصل احدى عاصمتي الدولة الحمدانية فهي عاصمة الحمدانيين في العراق حيث ازدهرت في عهد ناصر الدولة الذي تولى منصب امير الامراء (رئيس الوزراء في العراق قبل ضعف الدولة فيما كانت حلب عاصمة الدولة الحمدانية في سوريا التي بلغت ذروتها وفي عهد سيف الدولة الذي عرف بحروبه مع الروم وتصدى لمطامعهم في المناطق العربية الحدودية وحافظ على عروبة المدن والقرى الحدودية وكذلك الحصون والقلاع التي تحصن بها العرب في المناطق الحدودية التي كان يطلق عليها انذاك اسم «الثغور» …!!!
المسافة بين عاصمتي الحمدانيين في العراق وسوريا نحو الف كيلومتر يقطعها الانسان في القطار السريع في عشر ساعات يخترق خلالها الاشجار المثمرة والحقول وخاصة حقول القمح والمزروعات الوفيرة … وقد قدر لكاتب السطور القيام بهذه الرحلة بوساطة القطار السريع الذي كتبت معه اغاني فيروز الرقيقة فلا يشعر الانسان بالامان او المكان …
الحال الذي آلت اليه الموصل بعد حرب تحريرها من داعش وخراب وتشريد اهلها وبؤسهم هو الذي ابكى الفنانة انجلينا جولي خلال زيارتها لانقاض المدينة والمخيمات التي يقيم فيها سكانها من نساء واطفال وشيوخ في حالة مزرية …
الموصل وغيرها من محافظات ومدن شمال العراق التي دمرها داعش بحاجة ماسة الى الاعمار التي تكلف مئات المليارات من الدولة … بحيث يقدر الخبراء كلفة اعمار مدينة الموصل وحدها بعشرين مليار دولار حيث يبلغ عدد منازلها التي تهدمت بشكل كلي نحو مائة الف منزل …
واذا نقدر للفنانة الامريكية جولي عطفها وحنانها واشفاقها على اهل الموصل فاننا نرجو منها ان لا تزور عاصمة الحمدانيين في سوريا حلب التي دمرها الطيران الروسي والميليشيات الايرانية وعصابات النظام ما الحق بها الخزاب والدمار فاضحت كشقيقتها الموصل التي اضحت اثرا بعد عين … !!!