المهندس هاشم نايل المجالي
كلنا يعلم انه في كثير من قضايا الفساد المتعلقة بالتصنيع او الترويج والتسويق والاستغلال يتم الاعتماد بشكل رئيسي على الفقراء والعاطلين عن العمل واصحاب الاسبقيات والبلطجية كوقود رئيسي لتحقيق اهدافهم وغاياتهم .
خاصة اذا كان الدخل المتأتي من المهام الموكلة اليهم يحقق طموحهم ويعيد ترتيب اوضاعهم المعيشية حتى ولو كان ذلك على حساب صحة الاخرين ، فهو يرى ان المجتمع لم ينصفه والجهات المعنية همشته ولم تعطي الرعاية الكافية لتأهيلهم وتدريبهم وتعليمهم وتشغيلهم ، وبالتالي فهو يتقبل اي وظيفة تعكس حقده على المجتمع .
فاذا ما حللنا اخر قضايا الفساد وهي قضية الدخان المزور والتركيبة المخالفة للمواصفات والمضرة بصحة الانسان اضعاف المعتمد عالمياً والتزوير والتسويق والترويج وزراعة المواد الضارة من المخدرات وتسويق حبوب المخدرات ووضع المكائن بالبيوت والمنازل في الاحياء الشعبية الاقل حظاً ، فاننا نتلمس مدى اعتماد الفاسدين على عنصر الفقراء والعاطلين عن العمل واعتمادهم على شراء الزعران والبلطجية في حماية استثماراتهم بهذا المجال كذلك الامر لمروجي تسويق المعلبات المنتهي صلاحيتها من المصانع والتي قامت بتغيير مدة انتهاء صلاحيتها وتوزيعها وبيعها بالمناطق النائية وبالازقة وعبر الطرقات ، فلقد كان ايضاً الاعتماد على الفقراء والعاطلين عن العمل ، اي اننا امام ظاهرة خطيرة اذا ما تم ايقاف استغلالها بأبشع صور الانحراف الانساني والوجداني .
والأخطر من ذلك كله هو شراء الاعضاء مقابل المال حيث تتم العمليات خارج الوطن ولقد تم اكتشاف الكثير من الحالات ، كل ذلك يستدعي وضع استراتيجية وطنية شعبية توعية وارشاد وتحالف قيمي واخلاقي لمنع تحول المجتمعات خاصة الفقيرة لبيئة خصبة لاستثمار الفاسدين بالصناعات والترويج لها .
ان الدول التي تبدأ في التنمية حديثاً تبدأ من حيث انتهى الآخرون من حيث الاستفادة من تجاربهم وخبراتهم وانجازاتهم التقنية واتباع خطواتهم العملية للسير عبر المسار الصحيح لحل مشكلة الفقر والبطالة ، وتدشين رؤية واقعية عملية على الارض للانطلاق التنموي .
فاذا لاحظنا دولة كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورا وغيرها استطاعت جميعها ان تحقق قفزات تنموية كبيرة بعد سنوات من التخلف في كافة المجالات لتضع قدميها في نادي الكبار من الدول المتقدمة ، فكان التعليم المهني والتقني مدخلاً اساسياً لمحاربة الامية ولتغطية احتياجات المصانع من العمالة الفنية الماهرة وتغطية كافة الجوانب لكسب المهارات وتعزيز القدرات الاساسية لبناء الانسان الواعي المبدع المدرك الملتزم بالعمل والاخلاق كذلك تم الاهتمام بالمعلم والمدرب ورفع كفاءته وتحسين اوضاعه لبث روح الطموح ، كل ذلك يحارب الكسل واللامبالاة وادمان الفشل المؤدي الى الفقر فخلق ايدي عمل وطنية تنشد اتقان العمل والاجتهاد والمثابرة يستدعي وضع الخطط العملية اكثر منها النظرية واللغوية ، فاذا ما قمنا بزيارة للمدارس في المناطق النائية لوجدنا مدى الضعف بالتعليم المهني المدرسي ولا يخضع الى استراتيجية تطوير الطالب لضعف الميزانيات المرصودة لذلك .
كذلك الامر فيما يخص مراكز التدريب المهني التي تفتقر للمعدات والتجهيزات الحديثة والى المدربين المؤهلين لذلك ليبقى الوضع في كلا الحالتين نظرياً وصورياً والتركيز على المراكز في المدن الرئيسية فقط .
واذا ما لاحظنا الدول المتطورة في هذا المجال لوجدنا ان هناك كليات جامعية ملحقة بالمصانع مواكبة للانشطة الانتاجية ، كذلك كليات المزارعين والتعليم المهني المسائي حتى ان المدارس الحديثة هناك اخذت طابع تقني مهني مدارس فنية ومختبرات العلوم والتكنولوجيا وبالتالي تكون العملية التعليمية اكثر شمولاً لكافة الاختصاصات وفق خطة وطنية وبناء بنية اساسية ابتكارية لجميع مراحل التعليم مبني على الاهلية والاستحقاق معتمداً الجودة .
وخلاف ذلك فان رقعة اعتماد الفاسدين على ابناء المجتمع الفقراء والعاطلين عن العمل ستزداد ويزداد الانحراف ويكثر العنف بانواعه والبلطجة وخلافه .
فدولة رئيس الوزراء وطاقمه الوزاري المعني عليه ان ينظم زيارات بدون تخطيط مسبق الى المدارس والمراكز المهنية في المناطق النائية ، والاطلاع على كافة المعوقات والمشاكل التي تحول دون توجه الطلبة للتعليم المهني والتقني كذلك المختبرات التقنية ، وهي خطوة بالاتجاه الصحيح اما اعتماد التخطيط المسبق للزيارات لصناعة التمثيليات الصورية الناجحة فانها ستبقي التخلف والجهل كما هو عليه ، وسيبقى الفاسدين يسرحون ويمرحون في استغلال ابنائنا في تلك المناطق .
hashemmajali_56@yahoo.com