من الوقائع النادرة في تاريخ البحر الأحمر
د. نهاية القاسم
لأول مرة يتم ظهور الحوت الأزرق في مياه البحر الأحمر، اذ تم رصده من قبل فرق الرصد البيئية المتواجدة في منطقة طابا في خليج العقبة في الثاني من شهر حزيران الحالي 2018، وأوضح البيان الذي تم إعلانه بهذا الخصوص، إنها المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل ظهور للحوت الأزرق في مياه البحر الأحمر، إذ إن هذا الكائن البحري العملاق المهدد بالإنقراض غالبا ما يعيش في المياه العميقة للمحيطات.
واستطاعت فرق الرصد البيئية تتبع مسار الحوت الأزرق وتصويره حتى خروجه من خليج العقبة جنوباً باتجاه مياه البحر الأحمر وهو في طريقه إلى المحيط الهندي جنوبا، ومن الواضح أن هذا الحوت قد ضل طريقه في أثناء البحث عن مياه أكثر برودة هروبا من الحرارة العالية.
وكانت فرق الرصد البيئي قد سجلت ظهور الحوت في المياه الإقليمية المصرية بعد أن رُصد في منطقة " ميناء العقبة" الأردني و "إيلات" ، مشيرة إلى أن الحوت ظهر وحيدا ولم يكن ضمن مجموعة عائلية كالمعتاد، وبدا في حالة صحية طبيعية يسبح سطحيا للحصول على ما يحتاجه من أكسجين للتنفس، وكان من المحتمل نفوق هذا الحوت إذا زادت فترة وجوده في المنطقة نظرا لعدم توفر الغذاء الرئيسي له، وهو نوع معين من القشريات يسمى "الكريل" غير متوفر بكميات كافية في منطقة البحر الأحمر وخليج العقبة تحديدا .
الحوت الأزرق الذي تم رصده في مياه خليج العقبة يسمى الحوت القزم من نوع (بريفكودا) ويبلغ طوله 24 م، بينما يبلغ طول الحوت الأزرق العادي 30م.
أما أهم المعلومات التي توفرت عن هذا النوع من الحيتان فهي:
1- يعد الحوت الازرق أحد أكبر الكائنات البحرية حجما ومدرج ضمن الكائنات المهددة بالانقراض في تصنيف الاتحاد العالمي لصون الطبيعة، والحوت الذي تم رصده يعرف بالحوت الأزرق القزم "بريفكودا" ويصل طوله إلى 24 مترا.
2- الحوت الأزرق من أكبر الثدييات البحرية الموجودة في البحار والمحيطات، كما أنه أكبر كائن على وجه الأرض وينتشر انتشارا واسعا بمعظم المحيطات والبحار.
3- يندر وجوده بالبحر الأحمر حيث إنه غير مسجل على الإطلاق بالبحر الأحمر، ويصل طوله إلى 35 مترا، وأعلى وزن تم تسجيله بلغ 173 طنا، يتميز بأن لونه أزرق رمادي من الظهر وذو درجة مضيئة في البطن، طويل نحيل الجسم.
4- كان يتم اصطياده حتى وصل إلى درجة قريبة من الانقراض، وتم وضعه تحت الحماية عام 1996، وتقدر أعداده عام 2002 من 5000 إلى 12000 كما أن تقديرات الاتحاد الدولي لصون الطبيعة قدرت أعداده ما بين 10 آلاف و25 ألفا.
5- تصل السرعة الطبيعية للحوت الأزرق فى المحيطات 20كم/ساعة بينما تزيد وتصل إلى 50 كم/ساعة عندما يكون فى مجموعة.
6- الحيتان هي أنواع من الثدييات البحرية المعروفة بهجرتها المستمرة حول العالم من اجل الغذاء والتكاثر، تتغذي هذة الأنواع من الحيتان علي القشريات الصغيرة وتعيش في جميع المحيطات حول العالم.
7- تأتي ظاهرة ظهور هذا النوع من الحيتان في البحر الأحمر من الظواهر النادرة والفريدة والتي يقوم خبراء البيئة البحرية بوزارة البيئة بدراسة أسبابها وتحليل نتائجها.
وتتغذى الحيتان الزرقاء علي أنواع من القشريات (الكريل) يصل أقصى طول لها 2سم شبيهة بالجمبري، إلى جانب أعداد قليلة من أنواع أخرى من القشريات (مجدافيات الأرجل).
8- تغذية الحوت الأزرق موسمية حيث يتغذى على الكريل فى المناطق الغنية به في مناطق القطب الشمالي، قبل أن يهاجر إلى مناطق التزاوج في المياه الدافئة بالقرب من خط الاستواء.
9- الحوت الأزرق مصنف ضمن الكائنات المهددة بالانقراض، على الرغم من وضعه تحت الحماية طبقا للاتفاقيات الدولية وتجريم صيده، ومع ذلك يتعرض للعديد من المهددات مثل اصطدامه بالسفن الكبيرة في المحيطات، ويعد هذا النوع من الحيتان غير مفترس ولا يشكل خطورة على البشر، لكن يفضل عدم الاقتراب منه والابتعاد عن جسمه مسافة كبيرة.
10- تتأثر الحيتان الزرقاء بالتغيرات المناخية من خلال زيادة نسبة المياه العذبة بالمحيطات، واعتمادها على التغير في درجات الحرارة خلال وقت الهجرة للتزاوج حيث يقضي الشتاء في المناطق الدافئة جنوبا والصيف في المناطق الباردة شمالا، لذا قد يرجع سبب رصد ظهور الحوت الأزرق داخل مياه البحر الأحمر الدافئة إلى كونه قد ضل طريقه في أثناء محاولة الوصول إلى مناطق باردة شمالاً.
ما هو الحوت الأزرق ؟
الحيتان الزرقاء مخلوقات عملاقة جداً , وهى اكبر الحيوانات التي عاشت على كوكب الارض على الإطلاق حتى ان الحوت الازرق الحالي اضخم من اجداده من ملايين السنين ؛ ينمو الحوت الأزرق ليصل طوله إلى 30 متر، أي أطول من ملعب كرة سلة! ويصل وزنه إلى 200 طن، وهو وزن 15 حافلة مدرسية! , وأن أكبر الديناصورات (الديناصور ارجنتينوسورس) الذي عاش في الحقبة الوسطى، والذي يقدر وزنه بما يقارب 90 طناً، أصغر وزناً بكثير من الحيتان الزرقاء، بينما يصل وزن لسانه وحده إلى أربعة أطنان، أي ما يوازي وزن فيل، ويمكن أن يقف 100 شخص داخل فمه.
صغير الحوت حديث الولادة يُعتبر أكبر حيوان حديث ولادة على وجه الأرض وانثى الحوت الازرق اضخم من الذكر وهي تحمل جنينها مدة سنة كاملة , بعدها يخرج بوزن يصل إلى حوالي 9000 رطل , ويصل طوله إلى نحو 26 قدماً , تنتج انثى الحوت الازرق 200 لتر من الحليب عالي الدسم يومياً، يتغذى عليها الجنين ويزيد وزنه بمقدار 91 كجم يومياً في السنة الاولى من عمره. ويعتقد العلماء أن يكون معدل نموه أسرع من أي حيوان آخر على الأرض وأنثى الحوت تلد صغيرا واحدا وتلد الانثى كل 3 سنوات تقريباً.
نظرا لحجمه الكبير فنادراً ما يتعرض الحوت للهجوم، بخلاف البشر الذين كانوا يصطادون الحوت الازرق خلال عصر صيد الحيتان، والمفترس الوحيد المعروف للحوت الازرق هو مجموعات من الحوت القاتل الجائع، اسماك القرش المفترسة الكبيرة , كما ان الكثير منها يلقى حتفه نتيجة إصطدامها بالسفن , كما يعتبر الاحتباس الحراري ايضا تهديداً لهذه الحيتان.
يُصنّف الحوت الأزرق على أنّه حيوانٌ ثديّ، على عكس ما يعتقد البعض أنّه من الأسماك، وهو أضخم الحيوانات الموجودة على كوكب الأرض على الإطلاق؛ حيث يصّل وزنه إلى 173 طناً، وهذا الرّقم يفوق حجم كل الحيوانات البريّة والبحريّة، ويليه بالحجم حيوان الفيل، أما طوله فيبلغ 30 متراً، وقد يصل وزن ألسنتها فقط إلى ما يقارب وزن فيل، كما قد يصل وزن قلبها لوزن سيّارة، تتراوح أعمار الحيتان بين (30 - 80 ) سنة، وتكون الأُنثى أكبر حجماً من الذّكر.
الحيتان الزرقاء هي من بين أعلى الحيوانات صوتاً على هذا الكوكب , اذ يتواصل الحوت الازرق مع الاخرين من خلال انين او انتحاب منخفض الصوت , فهي تقوم بإصدار سلسلة من الذبذبات ,والهمهمات, والتنهدات , ويمكن للحيتان الزرقاء أن تسمع بعضها حتى 1000 ميل , ويعتقد العلماء أنها تستخدم تلك الأصوات ليس فقط من أجل التواصل , ولكن ربما تستخدمها للتنقل في أعماق المحيط المظلمة ، وايضا يستخدم اصواته القوية في حالات الحزن عندما يمرض احدهم او يموت.
الحوت الازرق ليس لديه اسنان وبدلاً من ذلك هو يعتمد على صفائح عظمية للفك للأمساك بفريسته، واللوحات العظمية الفكية لديها شعيرات خشنة قصيرة والتي تعمل مثل السياج او الشباك والتي تسمح للحوت الازرق بالقبض على الفريسة في حين تسمح له ايضا بتحرك الماء بحرية داخل وخارج الفم.
يُسافر الحوت لمسافاتٍ طويلةٍ قد تصل لآلاف الكيلومترات عبر المُحيطات بحثاً عن الغذاء والدفء لمدّة قد تصل إلى 4 شهور.
الأنواع وانتشارها
هناك ثلاثة أنواع رئيسة للحيتان الزّرقاء مُنتشرة في مُحيطات العالم، وهي:
1- حيتان المَسكيولس: تعيش في شمال خط الاستواء، وبالتّحديد في شمال المُحيط الأطلسيّ والمحيط الهادئ.
2- حيتان الإنترميديا: تعيش جنوب خط الاستواء، وبالتّحديد في المُحيط المُتجمّد الجنوبيّ.
3- حيتان بريفيكودا: وهي أصغر الأنواع وتُلقّب بالقَزَمة، والموجودة في المُحيط الهنديّ وجنوب المُحيط الهادئ.
التغذية
يتغذّى الحوت الأزرق على كميّات كبيرة من القِشريّات بمُختلف أنواعها، ولكن طعامها المُفضّل هو الكريليّات (بالإنجليزية: Krill) وهي قشريّات صغيرة جدّاً. يتغذّى الحوت الواحد البالغ على ما مقداره 3.6 ألف كغم يوميّاً من الكريليّات، أي ما يُقدّر بأربعين مليون كريل يوميّاً، كما تأكل كميّات قليلة من المِجدافيّات، وعوالق بحريّة مُختلفة تختلف باختلاف المُحيط الموجودة فيه الحيتان، وتأكل الحيتان الزّرقاء عند المُحيط المُتجمّد القريدس. والحيتان الزّرقاء تحتاج يوميّاً إلى 1.5 مليون سعر حراري، وللحصول على هذه الكميّات الكبيرة من الكائنات البحريّة يحتاج إلى الغوص لعمق قد يصل إلى 500 متر. يحتوي فم الحوت على صفائح مُهدّبة تحتوي على شُعيرات أشبه بالشّارب عند نهاية كل صفيحة تعمل على مُساعدتها في تصفية العوالق الغذائيّة من الماء والاستفادة منها، وفي كلّ مرّة يفتح الحوت فمه لتناول الطّعام يبتلع ما مقداره 5000 كغم من الماء والعوالق، فيقوم الحوت بدفع الماء للخارج بينما يحتفظ بالعوالق عن طريق الشُّعيرات والصّفائح المُهدّبة، ثم يقوم بلعقها عن طريق لسانه المُكتَنز، وعلى الرّغم من أنّ الحوت الأزرق يتواجد على أعماق كبيرة للصّيد إلا أنّه وككل الثدييّات لا بد له من الصّعود إلى سطح الماء لأجل التنفّس، وعندما يقوم بعمليّة الزّفير يدفع الماء على شكل سحابة من البُخار التي ترتفع عاموديّاً بفعل الضّغط ، ويصل ارتفاعها إلى تسعة أمتار.
خطر انقراض الحوت
تُصنّف الحيتان الزّرقاء بأنّها مُهدّدة بالانقراض بشكلٍ مُتوسّط، حيث انتشرت بنهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين مِهنة صيد الحيتان في المُحيط المُتجمّد الجنوبيّ وغيرها من الجُزُر الواقعة بالمُحيطات، كاليابان، وإندونيسيا، وآيسلندا. وأشارت بعض الدّراسات أنّ أعداد الحيتان الزّرقاء حاليّاً لا يتجاوز 20 ألف حوت فقط حول العالم، وكلّ ذلك بسبب الصّيد الجائر، حيث وصل عدد الحيتان التي تمّ اصطيادها من المُحيط المُتجمّد الجنوبيّ وحده سنة 1930 ما يُقدر بـ30 ألف حوت، ثمّ قامت اللّجنة الدوليّة لصيد الحيتان بمنع صيد الحيتان الزّرقاء سنة 1966. مع كبر حجم هذه الحيتان إلا أنّها تقع فريسة لهَجَمات أسماك القرش والحيتان المُفترِسة، كما تتعرّض للجروح والموت سنويّاً نتيجة سفر السُّفُن الكبيرة في المُحيطات. تتعرّض الحيتان الزّرقاء لمخاطر أُخرى غير الصّيد تتمثّل بالاحتباس الحراريّ، والتي تعمل على زيادة درجة حرارة المُحيطات وذوبان الثّلوج في الأقطاب، ممّا يُهدّد المَواطِن الطبيعيّة للحيتان الزّرقاء. كما تُعتَبر حركة المِلاحة البحريّة النَّشِطَة في المُحيطات ذات تأثير سلبيّ كبير على الحيتان، فتقوم السُّفن بإيذاء الحيتان وقتلها، وتلويث مياه المُحيطات بنواتج الوقود الضارّة والسّامة للحيتان.
الحياة الإجتماعية للحيتان
تسبح الحيتان الزّرقاء أحياناً في مجموعات صغيرة، ولكنّ الشّائع أن تسبح وحدها على شكل أزواجٍ مُترافقة مع بعضها البعض. وعلى الرّغم من كبر حجم هذه الحيتان، إلا أنّها تسبح برشاقة وبسرعة تصل إلى 8 كم في السّاعة، وقد تصل سُرعتها إلى أكثر من 30 كم في السّاعة. أما أصوات الحيتان فالبشر غير قادرين على سماعها إلا بواسطة أجهزة استشعار خاصّةٍ، إلا أنّها تُعتبر من أكثر الحيوانات على وجه الأرض ضجيجاً، فهي تتواصل مع بعضها عن طريق سلسلة من النّبضات ذات التَردُّدات المُنخفضة، تتضمّن هذه الأصوات أنياًن وتأوُّهاتٍ، ويُعتَقد أنّ الحيتان إذ ما تواجدت في ظروف جيّدة تستطيع أن تسمع بعضها من مسافات تصل إلى 1600 كم. يعتقد العلماء أنّ استخدام هذه الأصوات ليس بهدف التّواصل فقط، بل يُعتَقد بأنّها تستغلّ قدرتها الكبيرة على السّمع في التَنقُّل بوساطة تردُّدات الموجات الصوتيّة في أعماق المُحيطات المُظلمة من خلال عمليّة انعكاس الصّوت.
تكاثر الحيتان
كونَ الحيتان من الثّدييّات فإنّ إناثها تلد صغارها على عكس باقي الأسماك التي تتكاثر بالبيض، وتولد الحيتان مُتكاملة الجسد، ويُسمّى صغير الحوت عجلاً، لكن تُعتبر الحيتان غير كثيفة التّكاثر؛ فأُنثى الحوت تُنجب مرّةً واحدةً كل سنتين أو ثلاث سنوات، وتستمرّ فترة الحمل من 10-12 شهراً. وتبدأ فترة التّكاثر والإخصاب في بداية الخريف وتستمرّ حتى الشّتاء. وعند ولادة العجل تصل كتلته إلى 2.5 - 3 طن، ولا يكون قادراً على التّكاثر حتى يصل لعمر 5 سنوات.//