للمرأة يوم , وهذا حقها.. ولكن وللأمانة النسوة زمان كن مختلفات عن النسوة اليوم , لا أظن أن (السشوار) كان قد وصل البيوت.. ومع ذلك كان الشعر المنسدل على الكتفين أجمل.
في الصف الأول الإبتدائي هربت من المدرسة, لم اتحمل صراخ معلمة علينا فخفت من بطشها, كان أول هروب لي تبعه هزائم مشينة فيما بعد...وأعادتني أمي , مسكت من يدي ومشت نحو المدرسة , كانت ترتدي (مدرقة)..وقد تركت طنجرة (بامية) على الغاز , وأغلقت الباب.. ومشيت خلفها حاملا (شنطة مدرسية) لا أعرف على ماذا تحتوي.
كانت سيدة صارمة , وصرخت في المعلمات , قالت لهن :( كيف تركتوه يهرب دون أن تردوه...ماذا عن السيارات العابرة , ماذا لو تاه في طريقه ).. كنت وقتها في الخامسة من العمر وأصغر من قطعة حلوى , وأكبر بقليل من الغيم..
إحدى المعلمات اعتذرت عن الأمر , وأنا شعرت بأن المديرة خافت من أمي , وبدأت المعلمات بإقناعي بالعودة.. للصف وأمي رمقتني بنظرة , كأنها اختصار لما سيأتيك في العمر كله..مازلت أتذكر تلك النظرة , وأتذكر حين غادرت وتركتني وحدي بين فلول المعلمات , كان أصعب موقف مر علي في العمر..سقطت بغداد , وسوريا دمرت وفقدت أبي واصدقاء لي غادروا العمر..كل تلك المواقف لم تكن بحجم الألم الذي دب في أوصالي حين غادرت.
المهم عدت للصف , ولكني في اليوم الثاني هربت مرة أخرى وكان مرتب الصف الأول الإبتدائي مكتظا جدا...وأعادتني أمي مرة أخرى إلى المدرسة , كان الهروب مشكلة مستعصية..ولا أعرف هل كنت أكره زحام الصف , أم أني ما تعودت أن أترك أمي.
بعد شهر من الدراسة , وبعد شهر من الهروب المتواصل..جاءت معلمة ما زلت أذكر اسمها: (محاسن)..وأجلستني في (رحلاية) مختلفة , فقد كانت (الرحلايات) أيامنا تضم (3 (طلبة..كل ما في الأمر أن محاسن , أجلستني بين بنتين..واحدة عن يميني والأخرى عن يساري , فتوقفت عن الهروب...
أمي أعادتني إلى المدرسة , ومحاسن غرستني وتدا فيها...
المرأه هي التي تعيدك إلى الحياة حين تهرب منها..وياما أعادتني أمي إلى الحياة , والمرأة...هي التي تجعلك أيضا تحب الحياة حتى وإن قست عليك الأيام..
الرأي