البث المباشر
بعد ليلة من الصمود.. النشامى إلى نصف النهائي لمواجهة السعودية المنطقة العسكرية الشرقية تحبط محاولة تسلل على إحدى واجهاتها فتح باب التقديم للدورة الأولى من جائزة زياد المناصير للبحث العلمي والابتكار الصحة العامة .. من خدمة اجتماعية إلى ركيزة أمن قومي الكهرباء الأردنية تؤكد سرعة استجابتها للبلاغات خلال المنخفض الجوي الأرصاد: تراجع فعالية المنخفض واستقرار نسبي على الطقس وزارة الإدارة المحلية تتعامل مع 90 شكوى خلال الحالة الجوية توقف عمل "تلفريك" عجلون اليوم بسبب الظروف الجوية إخلاء منزل في الشونة الشمالية تعرض لانهيار جزئي أجواء باردة في أغلب المناطق حتى الاثنين المصدر الحقيقي للنقرس دراسة : الاكتئاب الحاد مرتبط بخلل المناعة كيف يمكن لوضعية النوم أن تهدد الصحة الجسدية والعصبية؟ انطلاق مرحلة قرعة الاختيار العشوائي لبطولة كأس العالم فيفا 2026 إدراج شجرة زيتون المهراس على قائمة التراث الثقافي غير المادي الارصاد : تراجع فاعلية المنخفض الجمعة... التفاصيل للايام القادمة. الأردن والإمارات: ضرورة الالتزام بوقف النار في غزة وإدخال المساعدات 4 وفيات من عائلة واحدة بتسرب غاز مدفأة في الزرقاء الأرصاد: الأمطار تتركز الليلة على المناطق الوسطى والجنوبية وزارة الأشغال تطرح عطاء لإعادة إنارة ممر عمّان التنموي بالطاقة الشمسية

من فرساي إلى غزة: هل يتكرَّر سيناريو الإذلال والنهوض؟

من فرساي إلى غزة هل يتكرَّر سيناريو الإذلال والنهوض
الأنباط -

د. أيوب أبودية

خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الأولى مهزومةً، لتُوقّع اتفاقية فرساي التي لم تكن سوى وثيقة إذلال قومي قُيّدت السيادة الألمانية، جُرّدت من أراضيها، وفُرضت عليها تعويضات باهظة، وجُوّعت شعبها تحت وطأة الفقر والتضخم، كل ذلك بحجّة "تحقيق السلام". لكن اتفاقية فرساي لم تصنع سلامًا، بل صنعت نازية. فقد غذّى الإذلال القومي مشاعر الانتقام، فنهضت النازية من تحت الرماد، واندفع الشعب الألماني في أحضان أيديولوجيا متطرفة رفعت شعارات الكبرياء والكرامة القومية، فكانت النتيجة حربًا عالمية ثانية أشد فتكًا.

اليوم، وبعد مرور أكثر من قرن، تتكرر مشاهد مشابهة على مسرح مختلف. في غزة، يُقصف شعب أعزل، تُسوّى أحياء بالأرض كما فعل الحلفاء في دريسدن وفرانكفورت والامريكان في هيروشيما وناغزاكي، يُحاصر الأطفال والنساء، يُمنع الماء والدواء والغذاء، وتُستخدم القوة العسكرية العظمى ضد مدنيين محاصرين. لكن الأهم من الحرب نفسها، هو ما قد يأتي بعدها. فهناك في الأفق محاولات لرسم "تسوية ما" تنهي الحرب على غزة، بشروط قد تكون أقرب إلى الإملاء، لا الاتفاق، وإلى الإذلال، لا المصالحة.

فهل يشهد التاريخ تكرار نفسه؟ هل يمكن أن تؤدي اتفاقية مذلّة للفلسطينيين، تحاصر حقوقهم الوطنية، وتفرض "سلامًا" مفروضًا فوق الركام والجراح، إلى انفجار أكبر في المستقبل؟ ألا تكون هذه التسوية المفترضة، كما كانت فرساي، بذرة تطرف جديد، لكن هذه المرة في الجانب المقهور لا القاهر؟

الفارق بين ألمانيا 1919 وغزة 2025 كبير في السياق، لكنه متقارب في الشعور: شعور جماعي بالهزيمة المصنوعة، لا الفعلية نتيجة المقاومة الجبارة في معركة غير متكافئة، وبالإهانة الوطنية، وبالإجبار على قبول ما لا يُقبل. وفي كلتا الحالتين، تنمو المقاومة في بيئة القهر. فكما صعد هتلر على أكتاف شعب مقهور يائس، فإن إذلال الفلسطينيين اليوم، قد لا يُنتج استسلامًا، بل صحوة جديدة، أكثر تنظيمًا وأشد جذورًا، تتحدى النظام العالمي كله.

إسرائيل ومن يساندها عليهم أن يتعلموا من فرساي: لا يمكن بناء السلام على كرامات مكسورة، ولا يمكن فرض الأمن بالاحتقار. ما دامت القضية الفلسطينية تُعالج بمنطق القوة لا العدالة، وبالتحالفات لا بالحقوق، فإن أي "اتفاقية سلام" قد تكون مجرد هدنة طويلة تسبق عاصفة أوسع.

إن العالم الذي لم يتعلم من أخطاء القرن العشرين، على موعد محتمل مع انفجار جديد، وهذه المرة لن يكون الطرف المظلوم غافلًا عن التاريخ، بل حاملاً له كسلاح. فغزة التي لم تنكسر رغم المجازر، لن تقبل باتفاقيات مذلّة... وإن فُرضت، فربما تكتب بداية النهاية لمشروع الاحتلال ذاته، كما كتبت فرساي بداية سقوط أوروبا في هاوية أخرى.
إن دروس التاريخ لا تنتهي بتكرار المآسي، بل بتجنّب تكرار شروطها. فكلما أُذِلّ شعبٌ وقُدّمت كرامته قربانًا على طاولة "السلام الإجباري"، كبر في داخله ما يكفي لنسف الطاولة بمن عليها. فليتذكّر العالم: ما بعد غزة... قد يكون ما بعد فرساي.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير