البث المباشر
الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني اللواء المعايطة يحاضر في كلية الدفاع الوطني الملكية الأردنية، ويؤكد على تكامل الأدوار بين المؤسسات الوطنية شكر على التعازي عشائر العجارمة عامة… وعشيرة العقيل خاصة بحث تعزيز التعاون الأكاديمي بين جامعتي عمّان الأهلية وفلسطين الأهلية رئيس عمّان الأهلية يُكرّم الطلبة الفائزين في مسابقات وطنية جاهة ابو عوض والقاسم .. دودين طلب وأبوالبصل أعطى البيت العربي في مدرسة الروم الكاثوليك احتفاء بيوم اللغة العربية

"الناتو في عمّان… والأردن في مركز العصب الأمني العالمي".

الناتو في عمّان… والأردن في مركز العصب الأمني العالمي
الأنباط -
 د. بشير الدعجه

لم يكن التوقيع على اتفاقية استضافة مكتب الارتباط الدبلوماسي لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في العاصمة الأردنية عمّان حدثًا بروتوكوليًا عابرًا… بل هو تحوّل استراتيجي عميق يُعيد رسم خريطة التفاعل الأمني والسياسي في المنطقة… ويعزز من مكانة الأردن كحليف رئيسي وشريك لا غنى عنه في معادلة الأمن الإقليمي والدولي.

الرسالة التي حملتها مراسم التوقيع في بروكسل لم تكن فقط ديبلوماسية… بل كانت تحمل بين سطورها إشارات قوية بأن الأردن بات اليوم بمثابة "رمانة الميزان" بين الجنوب والغرب… وصلة الوصل الموثوقة بين عواصم القرار في الناتو وبين ساحات التوتر الممتدة من شرق المتوسط حتى القرن الإفريقي. فاختيار عمّان كمقر لأول مكتب للناتو في المنطقة، ليس ترفًا دبلوماسيًا… بل اعتراف مباشر بدور الأردن المحوري… وبقدرته على أن يكون منصة آمنة للتنسيق… والتخطيط… والمواجهة المشتركة للتحديات المعقدة التي تضرب خاصرة العالم.

إن الفوائد التي سيجنيها الأردن من هذه الخطوة تتجاوز مجرد تحسين قنوات الاتصال أو تفعيل برامج التدريب… فالمكتب المزمع افتتاحه لن يكون مجرد مكتب، بل سيكون "رادارًا استراتيجيًا" متقدمًا للناتو على حدود أخطر البقاع الجغرافية المتوترة… رادارًا يراقب التحركات الإقليمية… ويجمع البيانات الأمنية والاستخباراتية… ويحلل الإشارات المبكرة لأي تهديدات عسكرية أو إرهابية أو سيبرانية قد تنشأ في الجوار الجنوبي… الممتد من مناطق البحر الأبيض المتوسط حتى العمق الإفريقي… ومن السواحل الشرقية للبحر الأحمر إلى الصحارى المفتوحة والممرات الحيوية… وسيتم عبر هذا الرادار نقل تلك القراءات مباشرة إلى غرف القرار في بروكسل… ما يمنح الناتو رؤية ميدانية دقيقة وسريعة… ويمنح الأردن مكانة مركزية في هذه المنظومة.

أمنيًا… ستُفتح أمام الأردن فرص أوسع للولوج إلى منظومات تحليل المعلومات الاستخبارية المشتركة… وزيادة التنسيق العملياتي… والارتقاء بقدرات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأردنية عبر برامج الناتو الخاصة بالدعم وبناء القدرات… ما يعني تحصينًا إضافيًا للعمق الداخلي… وردعًا استباقيًا للمخاطر المتسللة عبر الحدود.

استراتيجيًا… هذا المكتب يشكل مظلة جديدة للشراكة التي طالما سعى الأردن إلى تطويرها مع الناتو منذ انضمامه إلى "الحوار المتوسطي" عام 1995… ومن ثمّ مشاركته الفعالة في العديد من عمليات الحلف… سواء في أفغانستان أو في جهود مكافحة الإرهاب العابرة للحدود… واليوم، لم يعد الأردن مجرد متلقٍ للدعم… بل طرف فاعل ومؤثر في صياغة السياسات الدفاعية المشتركة.

سياسيًا… فإن وجود مكتب الناتو في عمّان يُعيد التموضع الإقليمي للأردن ويمنحه نقاط قوة إضافية في علاقاته مع حلفائه الغربيين… كما يبعث برسالة مزدوجة… من جهة للحلفاء بأن الأردن حليف موثوق… ومن جهة للخصوم بأن المملكة ليست وحدها… وأن أمنها مرتبط مباشرة بأمن المنظومة الأطلسية الأوسع.

عسكريًا… فإن التعاون سيتعزز على صعيدي التدريب ونقل المعرفة التقنية والتكنولوجية… لاسيما في مجالات الحماية من الأسلحة غير التقليدية… الأمن السيبراني… إدارة الأزمات الكبرى… والرد السريع على التهديدات المستجدة… ما يرفع منسوب الجاهزية الاستراتيجية لدى الجيش العربي والمؤسسات الأمنية الأردنية… ويضمن تماهيًا أكثر دقة مع معايير الحلف في القيادة والسيطرة والانتشار والردع.

حتى على مستوى الأمن الناعم… فإن فتح المكتب سيتيح للأردن فرصًا غير تقليدية في التبادل الأكاديمي والتقني والعلمي مع مؤسسات الحلف… خاصة في قضايا تغير المناخ والأمن البيئي… وهي مجالات بدأت تلعب دورًا رئيسيًا في النزاعات الحديثة… وتحوّلت إلى عناصر حساسة في الاستقرار العالمي.

ما حدث اليوم ليس مجرد صفحة جديدة في كتاب الشراكة بين الأردن والناتو… بل فصلٌ كامل يُكتب بحبر ثقيل على طاولة الأمن الدولي… إنه انتصار للثقة… وترسيخ لدور الأردن كقلب نابض في جغرافيا تتغير بسرعة… والأهم أنه خطوة ذكية تضمن للأردن أن يكون على مقاعد صناع القرار لا المقاعد الخلفية للمراقبة.

فمن يعش في منطقة تتقاطع فيها الأزمات كما في الشرق الأوسط… عليه أن يكون شريكًا فاعلًا في رسم الحلول لا مجرد متلقٍ للتداعيات… وهذا ما فعله الأردن...وللحديث بقية.

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير