البث المباشر
محادثات برلين الأمريكية–الأوكرانية تحقق تقدماً كبيراً تركيا: توقيف شخصين بتهمة ذبح الخيول وبيع لحومها في إسطنبول الارصاد :منخفض جوي يؤثر على المملكة وأمطار متوقعة وتحذيرات. هل يفعلها الرئيس؟ حادثة تدمر وتبعاتها على الحكومة السورية الانتقالية. حسين الجغبير يكتب : متى نتعلم الدرس جيدا؟ الاردن يدين هجوما استهدف قاعدة دعم لوجستي لقوات الأمم المتحدة بالسودان حوارية حول "تعزيز القيادة في ضوء الالتزامات الوطنية للقمة العالمية للإعاقة" قرارات مجلس الوزراء حالة الطقس المتوقعة لاربعة ايام مندوبا عن الملك وولي العهد العيسوي يعزي عشيرتي الخلايلة والعواملة جمعية الأطباء الأردنيين في ألمانيا تؤكد استعدادها لعلاج يزن النعيمات عمر الكعابنة يهنّئ الدكتور حسان العدوان بمناسبة نيله الدكتوراه في الإذاعة والتلفزيون بامتياز ما بين التغيرات المناخية وإخفاقات الإدارة وتحوّلات الإقليم: كيف دخل الأردن معركة المياه؟ أخلاق الطبيب بين القَسَم وإغراء السوشيال ميديا إيرادات شباك التذاكر في الصين لعام 2025 تتجاوز 50 مليار يوان الحاجة عليا محمد أحمد الخضراوي في ذمة الله وصول قافلة المساعدات الأردنية إلى الجمهورية اليمنية جامعة البلقاء التطبيقية توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أدوية الحكمة لتعزيز تدريب الطلبة والخريجين وزارة المياه والري : ضبط أكثر من 1411 اعتداء على خطوط المياه خلال شهر تشرين ثاني

من خلف الضجيج.. الأردن يصنع صوته الخاص

من خلف الضجيج الأردن يصنع صوته الخاص
الأنباط -
من خلف الضجيج.. الأردن يصنع صوته الخاص 

بقلم: منصور البواريد

في مشهد إقليمي تتصارع فيه الأصوات والقرارات، تتجلى ثلاث قوى تجسد مسارات متباينة: إيران الصامتة بحساب، إسرائيل المنفعلة بارتباك، والأردن المتزن بدهاء استراتيجي نادر. هذا المشهد ليسَ وليد اللحظة، بل نتيجة تراكمات تاريخية وصراعات سردياتٍ تتجاوز حدود الجغرافيا.

فإيران تتعامل مع الصمت كأداة نفوذ، ولا تسكت لأنَّها ضعيفة، بل لأنَّها تقرأ المشهد بميزان الصبر الاستراتيجي. فبشبكة نفوذ تمتد من العراق وسوريا إلى لبنان واليمن، تملك إيران قدرة هائلة على التأثير دون تدخل مباشر.
تستغل طهران التصعيد الإسرائيلي لكسب الرأي العام الإقليمي والدولي، وتعرض نفسها كقوة مقاومة في وجه الغطرسة. في الوقت نفسه، تُراكم أوراقًا تفاوضية بهدوء، وتعيد بناء تحالفاتها شرقًا، مع روسيا والصين، في عالم يتجه نحو التعددية القطبية.
الصمت الإيراني إذًا ليسَ انسحابًا، بل تمركز جديد بعيدًا عن الاستنزاف المباشر، وانتظار لحظة تصنع فيها الكلمة أضعاف ما يصنعه الصاروخ.

إسرائيل عبارة عن: فائض من القوة، وفقدان البوصلة..
إسرائيل، رغم تفوقها العسكري، تبدو كدولة تُقاتل على جبهات متداخلة: خارجية متغيرة، وداخلية مقلقة. تصاعد الانقسام حول هوية الدولة، وتراجع التماسك الاجتماعي، جعلا من "الأمن" هوسًا يعوض عن الاضطراب.
فتميل تل أبيب إلى التصعيد الميداني لإظهار السيطرة؛ لكن هذهِ القوة بدأت تُفقدها التعاطف الدولي، وتعزز في خصومها قناعة بأنَّ المقاومة  (لا المفاوضة) هي الطريق.
وفي ظل تعاظم النفوذ الإيراني في محيطها، تبدو إسرائيل كمن يصرخ أكثر كلما شعر بأنَّه يسمع نفسه فقط. فالقصف لا يُنهي سرديات، والقوة لا تخلق شرعية.

أما الأردن، فهي الدولة التي تقرأ أكثر مما تتكلم.
وسط كل هذا الضجيج، يظهر الأردن كصوت هادئ لا يطلب الضوء، لكنه يحضر في العمق. بسياسة قائمة على العقل لا الانفعال، نجح في حماية استقراره رغم الرياح العاتية. لم يدخل تحالفات حادة، ولم يساوم على مواقفه الوطنية.
فهمَ الأردن مبكرًا أنَّ الساحة الإقليمية ليست حلبة (أقوياء)، بل اختبار طويل لذكاء الدول. فاختار أن يكون وسيطًا حين تهرول الدول إلى الاصطفاف، وحكيمًا حين يضيع القرار.
دهاء الأردن لا يقوم على المناورة فقط، بل على قراءة دقيقة للزمن، وعلى توازن يربط الداخل بالخارجي، دون أن يفقد ملامحه.

أقول: من يملك زمام الفهم، يملك زمام المستقبل.. 
بين الصمت الإيراني، والانفعال الإسرائيلي، والتوازن الأردني، تتشكل معادلة جديدة في الشرق الأوسط، عنوانها: ليس من يصرخ أكثر من يسمع أكثر، بل من يفهم أكثر.
وهنا، يُثبت الأردن أنَّ الدولة ليست فقط مؤسسات وسلاح، بل روح سياسية تعرف كيف تُبقي نفسها حية في زمن الانهيارات.
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير