البث المباشر
هل تكون دمشق جزءًا من صفقة إقليمية كبرى؟ الفجوة الفكرية بين الأجيال: اختلاف طبيعي أم صراع قيم؟ الجيل الجديد.. بين سحر الكلمات الإنجليزية وخطر اندثار اللغة العربية حديث الروابدة الأخير: التاريخ كأداة للدفاع عن الأردن مشروع التحديث السياسي والضرورات الأمنية ليس حظرًا للدين… بل حماية للإسلام من التسييس حسين الجغبير يكتب : الأمن العربي في قمة بغداد الأهلي يفوز على الرمثا ويحافظ على مقعده بدوري المحترفين منتخب الناشئين يخسر وديا أمام نظيره القطري وزير المالية السوري: السعودية حشدت الدعم الدولي لدعم سوريا المنطقة العسكرية الشرقية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة قرارات مجلس الوزراء د. عمّار محمد الرجوب يكتب :ميثاق الأرواح: الخلود بين المآذن والأجراس المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل على واجهتها الحدودية الولاء وحب الوطن عقد شرف...لا وسيلة للإرتزاق بيان رسمي من رئاسة الجمهورية العربية السورية حول تصريحات قسد الأخيرة كريم تطلق خدمة "السوبرماركت" عبر التطبيق في الأردن كيف يكون الأردن ممرًا آمنًا للمواشي الحية المستوردة لإعادة تصديرها لدول الجوار؟ ميثاق الأرواح: الخلود بين المآذن والأجراس الملكية الأردنية تعقد اجتماع الهيئة العامة العادي وغير العادي عبر الاتصال المرئي الإلكتروني وتقر البيانات المالية لعام 2024

رسالة من والد شهيد إلى أمهات الشهداء في عيد الأم.

رسالة من والد شهيد إلى أمهات الشهداء في عيد الأم
الأنباط -
رسالة من والد شهيد إلى أمهات الشهداء في عيد الأم.

يا أمَّ الشهيد، يا مَن نُسِجَ من صبركِ ستارُ المجد، وارتفع بدعائكِ نداءُ السماء،
بأيّ وردٍ نُهديكِ، وقد قدّمتِ زهرةَ عمركِ فداءً للوطن، فأنبتتِ في أرضه وردةً ارتوتْ بدمِ شهيدٍ، ونمتْ على دموعكِ وحفّتها دعواتُكِ، ففاح عبيرُها عزًّا وخلودًا؟

كيف يُقالُ لكِ عيدٌ سعيد، وأنتِ الضياءُ الذي تخجلُ أمام إشراقِه كلُّ أنوارِ الفرح وألوانُ العيد؟ أيكونُ للعيدِ معنى وأنتِ المجدُ الذي تتضاءلُ أمامه كلُّ مظاهرِ الفرح في الدنيا؟

كنتِ تدعين الله ليعودَ إليكِ سالمًا فعاد إليكِ كريحانِ الجنّة تسندينه في المهدِ صغيرًا، وبات اليومَ سندكِ في السماء نجمًا لا يأفل.صوتكِ كان لحنَ الحنان، وصوته اليوم نشيدُ البطولةِ يتردَّدُ في وجدان الوطن.

ويشاء القدر أن يتزامن عيدُكِ هذا مع ذكرى معركة الكرامة الخالدة، حيث امتزج ترابُ الوطن بدماءِ الأبطال وارتفع فيها نداءُ العزّة عاليًا ليُسطِّرَ صفحةً من المجدِ والانتصار.

إنه اليوم الذي وقف فيه أبناءُ الوطنِ في وجه العدوّ الإسرائيلي الغاشم ليؤكدوا أن الكرامةَ لا تُهدى، بل تُنتَزعُ بدمِ الأحرار.

فكما أنجبتِ بدموعكِ بطلًا ارتقى إلى المجدِ شهيدًا، فقد أنجبتِ أيضًا وطنًا يأبى الخضوع ويزهرُ بالنصرِ كلَّما حاولَ الظلمُ أن يطأ أرضه.

وكما يأتي عيدُكِ هذا العام في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، وكأنَّ اللهَ قد اختار لكِ موعدًا يليقُ بمقامِ صبرِكِ،  فتتجدّد في لياليه العطرة أدعيتكِ وتمتزج دموعُكِ بنداءِ السحر، ويرتفع رجاؤكِ إلى السماء، حيث لا يضيع الله أجرَ الصابرين.

في هذا الشهر، تمتدُّ يدُ الغيبِ لتحتضن قلبكِ المكلوم، فتُخفِّفُ عن روحكِ نسماتٌ تحملُ أريجَ الشهادة، وتطمئنُكِ أن من رحل لم يغب، بل ارتقى إلى مقامٍ لا يُطال، حيث الأرواحُ ترفرفُ في سماءِ الخلود.

كنتِ تنتظرينه على عتبة الباب، فيأتيكِ طيفُه مع الريح، يمرُّ في أرجاء البيتِ كأنَّه لا يزال هنا، يعبثُ بأشيائه، ويملأ جدران قلبكِ بصوته، ويتركُ أنفاسَه في زوايا المكان.


غاب من كان يُغني لكِ في هذه المناسبة: "ست الحبايب يا حبيبي”، لكن صداه لا يزال يتردَّدُ في قلبكِ، كأنَّه لم يرحل، بل ترك صوته أمانةً في ذاكرتكِ، يهمس لكِ كل عام: "كل سنة وأنتِ طيبة يا أمي”.

أترين هذا الضوءَ الخافتَ الذي يتسلَّلُ إلى قلبكِ وسط الحزن؟ إنها روحُه تَحْنُو على وجعكِ وتُقبِّلُ جبهتكِ من علوٍّ، كأنها تقول: "لا تحزني يا أمِّي، فأنا هنا، في رحابِ الله، في ضوءِ السماءِ، في شذى الياسمين، في كل قلبٍ نبضَ بالوطن.”

يا مَن غرستِ في قلبهِ بذورَ التّضحيةِ والإيمانِ منذُ نعومةِ أظفاره، فشبَّ بطلًا يستحقُّ المجدَ والشهادة، ويا مَن ذرفتِ دموعًا ساخنةً تُسقي بها ثرى الأرض وتبعثينها رسائل شوقٍ إلى السماء، أتعرفين ما أنتِ؟

أنتِ شجرةُ الأمل التي لا تنحني، وسراجُ العزّ الذي لا ينطفئ، أنتِ أمُّ الشهيد وأمُّ المجد وأمُّ الوطن!

أنتِ لستِ وحدكِ، فكلُّ حبّةِ ترابٍ في هذا الوطنِ تعرف اسمكِ، وكلُّ نسمةِ هواءٍ تُردِّد دعاءكِ، وكلُّ أمٍّ حاضنةٍ لطفلها ترى في عينيه صورةَ ابنكِ البطل، فتُقبِّله عنكِ، وتُخبئهُ في صدرها كأمٍّ ثانية له، تحفظه بدموعها كما حفظتِ شهيدكِ يومًا بين ضلوعكِ.

عيدُكِ ليس كالأعياد، فهو لا يُشترى بهدايا ولا يُلفُّ بورقٍ مزيَّن، بل هو مكتوبٌ بمدادِ الفخرِ على صفحاتِ الخلود، وكلُّ دمعةٍ نزلت من عينيكِ قد نُسجت بها راياتُ المجدِ التي ستبقى مرفوعةً أبدَ الدهر.

اللهم في هذا الشهرِ المبارك، وفي ذكرى يوم الكرامة، تقبَّل شهداءَ الوطن في أعلى عليين، وأسكنهم دارَ الكرامةِ في فردوسك الأعلى، واغسلهم بماءِ الرحمةِ والنور، وأبدلهم دارًا خيرًا من دارهم، وأهلًا خيرًا من أهلهم.

اللهم اجعلهم شفعاءَ لأمهاتهم، ومسحًا على قلوبهنَّ، وبلِّغهنَّ صبرًا يُضيءُ كالنور، ويقينًا يلامسُ السماء. 

واجعل يا اللهُ دماءَ الشهداءِ بذورًا تُنبتُ النصر، وأرواحَهم نجوماً لا تأفل، تضيءُ طريقَ الأحرارِ إلى الأبد.

سلامٌ على أرواحهم الطاهرة، وسلامٌ على قلوب أمهاتهم الصابرات

اللواء المتقاعد محمد بني فارس
© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير