الأنباط -
أحمد سلامة
(كل شهوة غير شهوة الحب لا يعول عليها!!)
كتاب الرسائل للشيخ الاكبر رحمه الله الذي اضحى اسما لحي من احياء (شامنا التائهة) محي الدين بن عربي تتضمن ٢٨ رسالة، والرسالة الخامسة عشرة بعنوان (لا يعول عليه)، وكتاب الرسائل هو الامتع في ابداعات شيخنا محي الدين، وعندي ان رسالة (لا يعول عليه) هي امتع ما يمكن ان تقع عليه العين في تاريخ الالهام المبدع..
ويحلو لي ان اختم هذه السنة الجائرة القاسية باحداثها وحوادثها على امة العرب بالاستناد الى هذه الرسالة الرفيعة ذوقها، لان الشيخ محيي الدين، قد اسسها على قاعدة ياما فتنتني (كل شيء لا ينبثق من الحب لا يعول عليه، وكل شهوة غير شهوة الحب لا يعول عليها)..
هذه السنة (طوتنا) او (طويناها) بحزن لا يعول عليه، والم لن يدوم، وهزائم موجعة.. ولانني انتمي باليقين الى امة هي (خير من اخرجت للناس) بأمر الهي فإنني اودعها وانا اكثر تفاؤلا بنتائج مأسيها علينا.
فاقول في وداع هذه السنة:
كل عين عربية تنام الليلة ولا تحلم بغد عربي قادم باذخ، لا يعول عليها..
وكل تحليل فيه مر الشكوى من الحال الوطني ويشيع القلق كذب وتلفيق يجانب العقل ولا يعول عليه!!
كل الباحثين عن هوية تباعد بين الرمثا ودرعا، وتصر على قطع وصل طريق الصابون على جمال العبابيد عبر جبال البلقاء غربا صوب نابلس هو بحث تفوح منه رائحة كريهة ولا يعول عليه..
وكل سعاة الهوية الوطنية، وحواة الهوية الجامعة، والهوية المستندة الى اوهام صنمية وتغرق في الهيام بوصف (اللات والعزة)، لا يعول عليها
وكل تطاول او تجاوز في اعتبار (المر) الذي نعيش لم يمر رؤية لا يعول عليها..
وكل اللاعنين للجمهوريات الوراثية والمحرمين لها بسبب خطأ في التجربة هنا او هناك، رأي لا يعول عليه (فالايوبية خدمت الامة وكانت جمهورية وراثية، والمماليك طهروا بلادنا من رجس الصليبية المريضة، وصنعوا اطول جمهورية وراثية)
في بلادنا كل شيء لا يبدأ بالحب لا يعول عليه وكل شيء لا يتصف بالتسامح والرحمة من الدولة لا يعول عليه ايضا !!
في بلادنا .. كل اصحاب الفكر (الحاراتي) زائلون وفكرهم ولا يعول لا على الفكر ولا على المفكر.. المتأففون، والناقدون بمرارة، والشكاؤون خارج الحقيقة وان الوطن يبدأ بسعادتهم وينهار حين يغضبون.. لا يعول على ما يقولون
كل لوحة فنية خالدة تسعى لرسم الامل في الارواح وحبرها ليس من دم غزة فن لا يعول عليه.. وكل سلطة تتقاسم ذبح ابناء شعبها وتتداخل اصوات فشكها مع رصاص العدو لا يعول عليها
كل ظن يتوهم ان (الاموي) سيلتحي، وسوق الحميدية لن يبيع الا الجلباب لا يعول على رأيه في بلاد الشام
كل من ينسى ان الشام بلد اتباع الافغاني المنفتح (ابو حنيفة) لا يعول على فهمه بالمذاهب !!
كل من لا يستهل عامه الجديد بتذكر المغارة الفلسطينية وجذع النخل، الذي تحت ظله انجبت سيدة نساء الارض (مسيحنا) فان فهمه للمسيحية لا يعول عليه ولا يكون مخلصا لدم المسيح وليس على دراية بربط عبقرية المكان بعبقرية الدعوة…
كل من يتوهم ان مشروع (الهنغر) اليهودي في فلسطين اكثر من وهم قوة لا يعول عليه..
كل من يتوهم ان تاجر عقار، يحيل التاريخ الى صفقة لا يعول على فهمه للتاريخ فالتاريخ يبدأ بعمر بن الخطاب، وصنعه خالد بن الوليد
ويتجدد دوما وابدا وكل شيء يذعن للتفكير اليومي على رأي مهدي عامل لا يعول عليه..
كل من لايفهم التاريخ والحضارة خارج ثلاثية (المغارة وشجاعة النبي والوحي او الالهام) لا يعول عليه
مغارة بيت لحم وعيسى ورسالة المحبة.. مغارة حراء، وبسالة العبقري محمد، وتنزيل الوحي، مغارة هانغشو وبوذا ورسالة الهند والصين واليابان
كل فكر لا يأتي من (وحشة المغارة) لا يعول عليه.. بل كل دين يحتاج الى عتمة قبله كي يبددها
من لا يعرف ان اقدم سلالة شريفة حاكمة في التاريخ هي سلالة (هاشم) لا يعول على معرفته
الشريف.. لقب اسمى من الملك، والشرافة في قريش موصولة ممتدة، قصي (جمعها) وعبد مناف الهمها معنى العون والمساندة وصنع من السقاية والرفادة صفة للحكم.
وهاشم.. اول من صنع من القبر فلسفة وتبعه حفيده الحسين بن علي فهذا في غزة وهذا في القدس وحمزاتوف يقول (وطني حيث قبر ابي) ومن لا يعرف حمزاتوف، لا يعرف معنى الوطن..
الهاشمية.. سلالة شريفة.. والهاشمية رسالة عربية موحدة ململمة لشعث الامة منذ قصي حتى تقوم الساعة ومن يريد ان يضفي عليها روح الجغرافيا لا يعول على محاولته الهاشمية هودج الحب وحامي العروبة ومؤنس وحشتها حين تشتد الدنيا على العرب
الهودج الهاشمي اناخ في لحظة دامت طويلا في ربوع النبوة بالحجاز… ثم انتقل الهودج لحاجة الامة الى الشام فالعراق وفلسطين
واناخ الى الابد في هذه الربوع التي يكمن السر في تربتها لانها تحوي الوعد الالهي (الذي باركنا حوله)
لا يعول على فكر لا يفهم (ثلاثية السلالة والرسالة والعرب)
.. من لا يحب الاردن الوطن الذي كله عروبة وكله حب وكله خير وكله عطاء لا يعول عليه ولا يستحق ان نهنئه في اخر يوم في هذا العام باول يوم في العام الجديد
كل من لا يحب الله لا يعول على انسانيته