الأنباط -
د. حازم قشوع
لعل رابط العلاقة الذى يربط الوطن بالوطنية والمواطنة هو ذات الرابط الذي يربط الانسان بالمناحي التشخيصية للوطن حيث جغرافية المكان، عندما تتولد عبر هذه العلاقة حالة تجريدية تعبر عنها مناخات الحالة الوطنية، وهي الحالة التي تقوم عليها منهجية وقيم المواطنه عندما تقوم بتحويل الإنسان فى المجتمع من ساكن إلى مواطن، لتتكون بالمحصلة ثقافة عنوانها الولاء والانتماء، فتحول الفرد عبرها من حامل عضوية دولة الى مواطن بالدولة، تلك هي الثقافة الوطنية التي تجعل من الوطن يسكن بداخل المرء كما يسكن المرء بداخله، وتجعل من الإنسان متعلق بحواضنه وحواضره كما فى بيئته وثقافه محتواه، وهى الرسالة التى تسعى المجتمعات لبناء محتواها من على حاله وطنية وقومية تقوم على منهجية المواطنة الإنتاجية وبرنامج للثقافة الوطنية، حيث يستحضر فيها الوطن تاريخية ومحتواه الحضاري عبر منطوق جغرافية المكان.
وهو برنامج عمل واسع يحوي تفاصيل عديدة، يقوم على " فكرة استحضار تاريخ تواصل الإنسان واتصاله بعمقه الحضاري التليد ببيان شواهد جغرافية المكان "، وذلك عبر برنامج شامل يمكن تنفيذه حيز الواقع من خلال إطلاق برنامج " اعرف وطنك "، الذي كنت بينته في كتابي الذي يحمل عنوان " شرعية الإنجاز والحياة السياسية "، لما لهذا البرنامج من أهمية في اغناء الثقافة الوطنية عبر استحضار جغرافية المكان بالوقوف على محتواه الوطني، وهذا ما يتطلب وضع استراتيجية عمل خاصة لهذا الجانب لأهميته الوطنية فى بيان منهجية المواطنة وجغرافية المكان بمنطوق الشواهد الجغرافية والتاريخية.
ولان استراتيجيات العمل الذاتية غالبا ما تتأثر بالظروف الموضوعية التي في الغالب الأعم تكون أكثر تأثيرا من العوامل الذاتية نتيجة قوة تأثيرها على الواقع العام، فإن رفع مستوى تأثيرها يتطلب بناء روافع توعوية ثقافية داعمة حتى تكون العوامل الذاتية قادرة على ردع الظروف الموضوعية، وعاملة على تحصين المحتويات الذاتية بما يجعلها لا تؤثر سلبا على استراتيجيات العمل التنموية، والتخفيف من ثقل ابعاد تكيفها مع الظروف الإقليمية التي ما فتئت تحدث اثر عكسى على الحالة التنموية وذلك بسبب إرهاصات الجوانب المحيطة، فإن العمل على تحقيق حالة منعة مجتمعية يتطلب إقران هذه الاستراتيجيات التنموية بأخرى تقوم على الثقافة الوطنية، حتى لا تبقى الخطط التنموية عرضة للتعديل أو التجميد لبيان مناحى التأقلم مع اشتداد رياح التغيير و استمرار منحنيات التغير، التى تجلبها المناخات الإقليمية أو الدولية لشدة تأثيرها على النظم الاستراتيجية، وخططها بالنواحي الإصلاحية والتنموية، كما في الجوانب المالية او الاقتصادية او الادارية او حتى السياسية، هذا لأن استراتيجية العمل الثقافي تقوم على إحقاق مناعة للعامل الذاتي بما يمكنه من التصدي لهذه التحديات مهما حملت اسقاطاتها من رواسب وترسبات.
وذلك لما تحويه المنزلة الثقافية من جذور عميقة غائره بالموروث الثقافى، وعامله على ربط هذا المخزون بالثقافة الوطنية، ليكون وطني لدرجة العقائدية من خلال ربط الأدبيات الحضارية والمسلكيات الاجتماعية والبيئة المجتمعية بالحاضنة الوطنية، وهي العوامل الخمس التي تشكل جذورها الثقافة الوطنية بما يمكنها من إحداث حالة استجابة مجتمعية في معادلة التكوين المستهدفة، حيث يتم تكوين الأثر الطبيعي وتعميق التأثير البشري بالبصمة الوطنية، التي بدورها تقود المسارات الوطنية لتوثيق العلاقة المجتمعية بين الانسان والارض والمجتمع حيث محتوى الدولة والوطن، والتي تتشكل منها درجة الانتماء المستهدفة و تعزز عبر مناخاتها قيم الولاء للنظام والانتماء للوطن عبر الإطار الناظم لمسلكيات الدولة ومؤسساتها التي تستند لمفاهيم العناية والرعاية والحماية والحوكمة الرشيدة.
ولان أركان الولاء والانتماء تتشكل من قيم المواطنة، وتعاظم منزلة الوطنية عبرها فإن تعظيم قيمها ومبادئها تأتي عبر تعزيز حركة المجتمع والثقافة الوطنية، بما تجعله أكثر مناعة ومنعه من التأثر بالظروف الموضوعية، فإن بيان جملة تنفيذية بالثقافة الوطنية ستجعل الدولة أكثر حصانة من التأثر باسقاطات الظروف المحيطة، لاسيما وأن استراتيجية الثقافة الوطنية تتأثر بالتحديات بشكل طردي على عكس ما تتأثر به الاستراتيجية التنموية، فكلما كبرت التحديات على المجتمع عظمت معها وسائل الابداع الثقافي وتعززت معها روح التضحية والفداء، وهي الأرضية التي تجعل من ظروف إغناء قيم المواطنة والوطنية أمرا ضروريا كما تنفيذ استراتيجية للثقافة الوطنية أمر ضروري، وهو ما يعول عليه البيان بشحذ الهمم وا…