الأنباط -
حاتم النعيمات
تدخل مراكز الأبحاث والدراسات مرحلة جديدة من التطور، مع تصاعدِ القدرة على التعامل مع ما يُسمى "البيانات الضخمة”، التي تُسهم في الوصول إلى تصورات وتوقعات تُحسن جودة القرارات الإدارية والاقتصادية.
فهم نمط الظواهر يُعد جوهر الاهتمام بالبيانات الضخمة، حيث توفر هذهِ البيانات لصانعي القرار مصفوفة احتمالات متكاملة تُسهم في تعزيز الجاهزية، وتُعد مرجعًا مهمًا لتطوير مهارات التخطيط.
القرار السياسي أيضًا يجب أن يُدمج في إطار البحث العلمي القائم على البيانات الضخمة؛ فالدول الغربية تعتمد البحث العلمي في اتخاذ القرارات، وتعتبر الرأي العلمي عنصرًا أساسيًا في منظومةِ الإدارة العامة. وهذا يشكل أحد أسرار التفوق الذي لا يمكن إنكاره.
أردنيًا، توجد العديد من مراكز الأبحاث للدراسات الاستراتيجية والسياسية. ورغم تأثير بعضها على القرارات، إلّا أن هذا التأثير لا يزال غير مؤسسي. وللأسف، عند متابعة منشورات بعض هذه المراكز، يُلاحظ المتابع أنها تفتقر إلى الحيادية، وتتبع توجهات مكشوفة، مما يُخرجها من دائرة الاعتماد الرسمي من قبل الحكومة، بل وقد يجعلها أحيانًا تتناقض مع مصالح الأردن.
في تقديري، تحتاج الحكومات في الأردن إلى تعزيز شبكتها من المراكز البحثية المحايدة، لخلق بنية تحتية علمية قوية تُسند القرارات بشكل مؤسسي. خاصة أننا في منطقة تشهد تغيرات سريعة، مع حاجة متزايدة لإطلاق مشاريع ضخمة ومتوسطة في مجالات حيوية كالطاقة والمياه والسكان.
لدينا من العقول والكفاءات الإدارية ما يكفي، لذا من الضروري توطين قطاع الدراسات الاستراتيجية والسياسية، وعدم تركه عرضة للتوجهات والأهواء أو التمويلات الخارجية. هذا القطاع يُعد استراتيجيًا، ويجب أن يكون رافدًا للاقتصاد والإدارة الأردنية بشكل مستدام. فهو يُعتبر أساسًا لنجاح العملية الإدارية بشكل عام، وعنصرًا محوريًا لتعزيز المناعة ضد الحملات الإعلامية والإشاعات، بالإضافة إلى دوره في تعزيز الثقة بين المواطن والدولة.