العيسوي: الأردن، بقيادة الملك ماض في مسيرته التطويرية ثابت على مواقفه تجاه قضايا أمته عقل لـ "الأنباط" : انخفاض بنزين 95 وارتفاع على مادتي بنزين 90 والسولار السرحان : تنفيذ الهيئة للتمرين يعكس التزامها في تعزيز الجهوزية لمواجهة الأزمات المتعلقة بالاتصالات المتوقعة منها وغير المتوقعة . "الأمانة" تستعرض تجربتها في حل المشكلات وفقا لمنهجية التكيف التكراري "مالية النواب" تناقش موازنة وزارة الأوقاف "المالية النيابية" تناقش موازنة المحكمة الدستورية الاحتلال يرتكب 4 مجازر في غزة افتتاح قسم العلاج الطبيعي بعيادات جمعية العون الطبي بمخيم حطين الفايز يكرم مخترع علاج القلب "النشواني" الحمادشة طاقم حكام أردني لإدارة مباراة كأس السوبر الإماراتي القطري أغاني من التراث العربي.. ليلة فنية لـ"النغم" مساء الاثنين الضمان: تطبيق قرار الحد الأدنى للأجور (290) ديناراً بداية العام المقبل 2025 قمة في دوري كرة السلة تجمع الأرثوذكسي والأهلي مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى نادي الرمثا يعلن انهاء التعاقد مع الجهاز الفني إضاءة على المجموعة القصصية "روزيتا" لفاتن شحادة إطلاق فيديو كليب "آمان" للفنان عزيز عبدو على يوتيوب مباراتان في ربع نهائي كأس الأردن لكرة القدم غدا البحرين تستضيف أعمال الدورة (44) لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب وزير الصناعة: المنطقة الحرة الأردنية السورية مهمة في تعزيز التعاون الاقتصادي

عيد الميلاد وإشكالية السلام العالمي

عيد الميلاد وإشكالية السلام العالمي
الأنباط -

د. أيوب ابودية

مع اقتراب دقات منتصف ليلة عيد الميلاد يوم الثلاثاء، الذي يحتفل به المسيحيون في جميع أنحاء العالم، ويمثل ميلاد السيد المسيح، رسول السلام والمحبة. إنه مناسبة تذكر العالم بالقيم العليا التي حملها المسيح في رسالته الإنسانية. الرسالة التي نادى بها المسيح كانت دعوة صريحة إلى السلام بين البشر والتسامح والمحبة، حيث جاء إلى الأرض ليعلم البشرية الترفع عن الكراهية والعنف، ويحث على المحبة حتى للأعداء.

ولكن، رغم هذه الرسالة النبيلة، نجد أن العالم اليوم ما زال يمزقه الصراع والعنف. في كل زاوية من الكرة الأرضية، نسمع عن الحروب والنزاعات المسلحة والكراهية والانتقام، والتي يبدو أنها تعيد البشرية إلى دوامة من المعاناة والدمار، على عكس ما دعا إليه المسيح من تسامح ورأفة ومحبة. فمنذ ميلاد المسيح وحتى اليوم، لم يتوقف الصراع بين الأمم، رغم أن عيد الميلاد يرمز للسلام والتعاطف، وتحديدا الحروب التي تديرها دولا جل مواطنيها من المسيحيين، كثيرون منهم من المتدينين، خاصة في الولايات المتحدة وروسيا اللتان تديران الحرب في غزة ولبنان واليمن وسوريا وأوكرانيا.

قد يكون هذا التناقض الصارخ بين الرسالة السماوية للمسيح وما يعيشه العالم اليوم دعوة للتفكر. فكيف يمكن للبشرية، التي تحتفل بالسلام والمحبة في عيد الميلاد، أن تستمر في التقاتل بهذه الشراسة؟

ربما يكمن الجواب في الفشل في استيعاب الرسالة الحقيقية للمسيح، أو في طبيعة النظام الرأسمالي العالمي، أو في الغرق في مصالح مادية وسياسية ضيقة تتعارض مع قيم المحبة والتسامح،أو في العودة الى العهد القديم، حيث إله الحرب والبطش، بدلا من العهد الجديد، حيث إله السلام.

إله العهد القديم يُصوَّر غالبًا كإله العدل والقوة، يعاقب على الخطايا ويحفظ العهود مع شعبه المختار (بني إسرائيل). التركيز هنا يكون على القوانين والوصايا،ولشعب محدد. في المقابل، إله العهد الجديد يتم التركيز عليه كإله الرحمة والمحبة، خاصة في سياق تعاليم يسوع المسيح. يُقدَّم كمصدر للخلاص للجميع وليس لشعب معين فقط، مع التركيز على المغفرة الشخصية. بينما العهد القديم يركز على العدالة الإلهية، فإن العهد الجديد يركز على الخلاص من خلال المحبة والتضحية.

إن عيد الميلاد يجب أن يكون تذكيراً للجميع بضرورة السعي نحو السلام، ليس فقط في زمن الأعياد، بل طوال العام. فمن دون تحقيق السلام الداخلي، لا يمكن للبشرية أن تحقق السلام العالمي الذي دعا إليه السيد المسيح. ففي نهاية المطاف، ينبغي علينا أن نستلهم من رسالة الميلاد روح التصالح والاحترام والمحبة المتبادلة بين الأمم والشعوب والثقافات كافة، لعل العالم يتمكن من العيش في وئام وسلام كما كانت تهدف رسالة السيد المسيح.

وبالمناسبة، فالمسيح، وفقاً لما ورد في الأناجيل، لم يفرق بين البشر بناءً على انتماءاتهم الدينية أو العرقية. بل على العكس، جاءت رسالته عالمية، وهدفت إلى نشر المحبة والتسامح بين جميع الناس، بغض النظر عن خلفياتهم. ففي تعاليمه، دعا إلى محبة الجميع، بما في ذلك محبة الأعداء، وركز على القيمة الإنسانية الأساسية لكل شخص، بغض النظر عن دينه أو عرقه.

في واحدة من أبرز القصص الواردة في إنجيل لوقا (10:25-37)، نجد قصة "السامري الصالح"، التي تمثل مثالاً جلياً على مبدأ الرحمة والإحسان. في هذه القصة، يروي يسوع عن رجل يهودي تعرض للضرب والسرقة وترك على جانب الطريق في حالة مزرية. مر بجواره كاهن ثم لاوي (أحد رجال الدين اليهود)، وكلاهما تجاهلاه ولم يقدما له المساعدة. لكن بعد فترة، مر رجل سامري – والسامريون كانوا يُعتبرون منبوذين من قبل اليهود في ذلك الوقت بسبب الخلافات الدينية العميقة بين الشعبين. ورغم هذا العداء، توقف السامري، واعتنى بالجريح، حيث ضمد جراحه، ووضعه على دابته، وأخذه إلى نُزُل ليرعى شؤونه ويدفع تكلفة علاجه.

من خلال هذه القصة، أراد يسوع أن يوضح أن الرحمة والإنسانية يجب أن تتجاوز الفوارق الدينية والاجتماعية، وأن فعل الخير هو مقياس حقيقي للأخلاق، بغض النظر عن الخلفية أو الانتماء.

كذلك في تعاليمه، نادى المسيح بمحبة الأعداء والصلاة من أجلهم (متى 5:43-48)، مما يؤكد مرة أخرى على عدم وجود تمييز في نظرته للبشر:َ "سمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ.وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ،..." هذه التعاليم تنسجم مع موقفه من الرومان أيضاً، وهم غرباء مذهبا وعرقا. ففي حادثة لقاء المسيح مع قائد المئة الروماني (متى 8:5-13)، أشاد المسيح بإيمان القائد الروماني، رغم كونه وثنياً، وقال إنه لم يجد إيماناً مثل هذا حتى في فلسطين كلها.

من هذه الأمثلة وغيرها، يمكن القول بأن رسالة السيد المسيح كانت دعوة للوحدة الإنسانية والمحبة الشاملة، وأنه لم يفرق بين البشر بناءً على انتماءاتهم الدينية أو القومية، بل ركز على قلوبهم وأعمالهم. أما أن الأوان النظر الى كافة الاعراق والاديان بعين الأخوة والمحبة والتسامح التي دعا إليها السيد المسيح؟

© جميع الحقوق محفوظة صحيفة الأنباط 2024
تصميم و تطوير