الأنباط -
حاتم النعيمات
عانى الأردن منذ اندلاع الاضطرابات في سوريا عام 2011 من هجمات إرهابية استهدفته، واستشهد على إثرها العديد من خيرة الضباط والأفراد. وكان السؤال المطروح دائمًا: لماذا تهاجمنا هذه التنظيمات؟
عاد السؤال ذاته إلى الواجهة لأن الواقع في سوريا يبدو مريبًا وغير مفهوم، ولأن العديد من لاعبي المرحلة السابقة ما زالوا فاعلين، بل أصبحوا أكثر قوة. لذلك، فمن المنطقي طرح هذا السؤال اليوم.
لدينا منذ عام 2011 وحتى اليوم تجربة غنية يمكن اعتبارها مرجعًا لفهم سلوك هذه الجماعات وطريقة استخدامها من قبل القوى الدولية. ولا يمكن اعتبار ما يحدث اليوم في الجارة الشمالية حدثًا عابرًا، فالتجارب السابقة مع حكام سوريا الجدد وداعميهم، إضافة إلى الوضع في المنطقة، تحتم علينا إعادة استذكار خصائص هذه الجماعات.
أهم خاصية لهذه الجماعات هي قدرتها على تصدير خطابين في نفس اللحظة: خطاب للتحشيد موجه للعامة يعتمد على العاطفة، وخطاب موجه للدول الداعمة يتضمن استعراضًا دائمًا للقدرة على إنجاز المهمات وتنفيذ السياسات الخاصة بتلك الدول التي لديها مشاريع في المنطقة، وهنا براغماتية واضحة تعطي هذه الجماعات قدرة على تبديل جلدها وقتما شاءت وهذا ما نراه في سوريا.
الخاصية الثانية تتمثل في الرغبة الدائمة لدى هذه التنظيمات في تصدير أفكارها ونشرها، وهذا جانب أصيل في سلوكها. ويحتاج هذا الأمر منا إلى خطة دفاع فكرية واضحة وقوية، لأن معركة الفكر أثبتت أنها ليست بالشيء الهين. ومن يراجع حجم الخداع والأفكار المضللة التي انتشرت في المنطقة خلال السنوات الماضية ونتائجها ومصدرها هذه الجماعات، يدرك خطورة هذا العنوان.
كمثال على كل ما سبق، نشرت قناة "سكاي نيوز عربية” خبرًا يفيد بأن أحد قيادات تنظيم الإخوان في مصر -وهو متهم باغتيال النائب العام المصري- التقى بالجولاني في دمشق، وظهرت صورة للرجلين والود واضح بينهما. ومن هذه اللقطة قد نسأل هذه الأسئلة: هل تقوم تركيا باستدعاء الشق الإسلامي من قوى الربيع العربي من جديد؟ وما انعكاس ذلك على الأردن ومصر والخليج؟
المفترض على قوى الاعتدال العربي أن تستعد لمواجهة إعلامية وفكرية، وربما أكثر من ذلك، في مواجهة الجولة الجديدة من الطموح التركي الذي أصبح يقف على حدودنا.