الأنباط -
أحمد الضرابعة
لم يأتِ رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، العين سمير الرفاعي في تقييمه واقع العمل الحزبي، بأي جديد، فالعبثية التي تُمارسها أحزاب سياسية عديدة، ملحوظة ومشهودة، وسبق أن تطرّق لها المراقبون والناشطون في المجال العام، في الوقت الذي اكتفى فيه "المنظّرون" لمشروع التحديث السياسي بطمأنة الشعب الأردني أن التجربة الحزبية الجديدة على ما يُرام، وأنها ستنضج من تلقاء ذاتها إذا بقيت مستمرة، ليتبين لاحقًا أن هذا لم يكن إلا رهان خاسر - حتى الآن -، وأن التفاؤل وحده لا يكفي لتحقيق أي هدف، خصوصاً أن تداعيات الانتخابات النيابية على المشهد الحزبي، لا تزال مستمرّة، بلا انقطاع، حيث إن التسويات أو التفاهمات اللا شرعية التي توصلت إليها أحزاب عديدة، أثناء السباق النيابي، سُرعان ما بدأت تتكشف وتنهار، وهذا يضع الأحزاب السياسية التي لجأت لهذه الأساليب أمام أزمات تطال بنيتها القائمة، لذا، فإنه من الضروري، أن يتم توجيه الأحزاب السياسية الجديدة، نحو مرحلة انتقالية محكومة بإطار زمني محدد، لإصلاح كافة "الأعطاب" التي تعاني منها، ولتتحول خلالها إلى رافعة من روافع مشروع التحديث السياسي، بدلاً من كونها عبئًا عليه ومعول من معاول هدمه.
بعد مرور أكثر من عامين على إدارة عجلة التحديث السياسي، يكتشف "ذوي الشأن"، أن الأحزاب السياسية التي قررت الدوران معها، ليست مؤهلة بما يكفي لذلك، وهذه حقيقة، من الجيد أن يتم الاعتراف بها رسميًا، رغم تأخره، لكنه ليس كافٍ، ولا بد من البناء عليه، بإخضاع المنظومة الحزبية برمّتها لمراجعة شاملة، لضمان تجاوز المرحلة الأولى في مشروع التحديث السياسي بأقل الخسائر .
عند تقييم واقع الأحزاب السياسية، من المهم، أن يتم إمعان النظر في النهج الذي تسير عليه العديد منها، في مختلف المحطات التي تقف عندها، بدءً من التأسيس والبناء، مرورًا بالتوسع والاستقطاب، وليس انتهاءً بالمشاركة في الانتخابات النيابية، والأداء الحزبي تحت القبة، فالتقييم الشمولي، يساعدنا على استشراف الواقع الذي ستكون عليه الأحزاب في المستقبل، قبل أن تنتقل للمرحلة الثانية من مشروع التحديث السياسي، وهي تجرّ معها عوامل الفشل والضعف، والتفكك والانقسام، والتراجع، في ظل افتقار الكثير منها للقدرة على التطور والاستفادة من التجارب.
في الختام، لا يمكن اعتبار تصريحات الرفاعي، التي انتقد فيها الممارسات الحزبية الخاطئة، والخواء الفكري لدى أحزاب سياسية كثيرة، أنها بمثابة "تأبين" لمشروع التحديث السياسي كما يرى بعض الكتاب والمواقع الإخبارية، وإنما هي وقفة جادة تستدعي إنقاذ المشروع من العبثية الحزبية، والنهوض به.