الأنباط - احمد الضرابعة
في أول تحرّك سياسي عربي للتعامل مع الوضع الناشئ في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، احتضن الأردن في مدينة العقبة، أمس السبت، اجتماعًا للدول الأعضاء في لجنة الاتصال الوزارية العربية، واجتماعًا آخر ضمَّ أعضاء اللجنة مع وزيري خارجية الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إضافة للمبعوث الأممي إلى سوريا.
في ظل انعدام اليقين السياسي بشأن مستقبل سوريا بعد سقوط نظامها، تبرز أهمية دور الأردن في بلورة موقف عربي للتعامل مع الوضع السوري الراهن، حيث لم يكن سقوط النظام السوري متوقعًا بالنسبة للدول العربية التي سعت لتعويمه في السنوات الأخيرة، وبالتالي، لا تملك أي منها خطة بشأن اليوم التالي لسقوطه الدراماتيكي، أو فكرة عن كيفية ملء الفراغ السياسي مع الحفاظ على الهياكل والبنى المؤسسية للدولة السورية، خاصة مع وجود مشاريع إقليمية جاهزة للاستثمار في حالة الفراغ السوري، ومن هنا تأتي أهمية عقد هذين الاجتماعين في الأردن، اللذين شاركت فيهما الدول العربية المؤثرة مثل السعودية ومصر، وتركيا التي تعد فاعلاً إقليميًا مهمًا في الملف السوري، والولايات المتحدة الأميركية التي يمكنها توفير غطاء دولي داعم لأي مسار سياسي جامع للسوريين.
يُمهِّد هذين الاجتماعين الفرصة للعرب للنظر في الوضع القائم في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، والمساهمة في إدارته بما يؤدي للانتقال إلى سوريا موحدة، مستقرة، ذات سيادة، وفقًا للمرجعيات الدولية ذات الصلة، أبرزها قرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن، والذي يدعو لبدء عملية سياسية شاملة تحت إشراف الأمم المتحدة، وتشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة
لعب الأردن دورًا محوريًا في التعامل مع الأزمة السورية ونتائجها، منذ اندلاعها عام 2011، وكان سبّاقًا في تقديم أو دعم المبادرات السياسية الرامية لحلّ الأزمة في الإطار العربي، ومع سقوط النظام السوري وانهيار التوازنات التي سمحت ببقاءه طوال هذه المدة، إلى جانب التدخلات الإقليمية والدولية في سوريا وتعدد الأجندة بشأنها، وتحطيم إسرائيل قدراتها العسكرية واحتلالها المزيد من أراضيها، من المهم أن تُسارع الدول العربية لتطوير رؤية مشتركة وتعيين آليات تنفيذها، لدعم سوريا في مرحلتها الانتقالية، وترميم بنيتها التحتية وقدراتها العسكرية والمدنية، والمساعدة في ربطها بشبكة من العلاقات الدولية المتوازنة التي توفر لها الاستقرار وتحفظ سيادتها، وتضمن عدم خضوعها لأي جهة إقليمية أو دولية تحاول ابتزازها من الناحية الأمنية والجيوسياسية، أو من الناحية الاقتصادية عبر ملف الديون وإعادة الإعمار. تملك الدول العربية فرصة استعادة سوريا ودمجها في المنظومة الإقليمية العربية من جديد، وهذا يتطلب عدم ترك الحكم الانتقالي القائم فيها دون إشراف أو دعم عربي.