عايش: العجز في الموازنة يزيد المديونية وتحمل تكاليف الإعفاءات يقع على الاقتصاد والمواطنين
الرفاتي : تحسين حياة المواطنين وتعزيز النمو الاقتصادي
الأنباط – عمر الخطيب
قبل يومين من مغادرة حكومة د. بشر الخصاونة تم إصدار قرار بـ زيادة الضريبة الجمركية على السيارات الكهربائية بنسبة 40% للسيارات التي تتراوح قيمتها الجمركية بين 10 آلاف و25 ألف دينار، و55% للسيارات التي تزيد قيمتها عن 25 ألف دينار، وبررت الحكومة هذا القرار بـ محاولة تقليص الفجوة بين سيارات البنزين والكهرباء، بهدف حماية حقوق المستثمرين في سوق السيارات وكان هذا القرار قد تزامن مع قرار آخر بزيادة أسعار الدخان والمعسل.
ثم جاءت حكومة جعفر حسان لتعدل هذا القرار حيث تم إعفاء السيارات الكهربائية بنسبة 50% من الضريبة الجمركية لمرة واحدة فقط حتى نهاية العام، بالإضافة إلى أنه تم إصدار عدد من الإعفاءات التي تخفف عن المواطن الأردني، مثل إعفاءات انتهاء الترخيص للسيارات والتخفيضات على القطاع الصناعي ولكن السؤال هو هل هذه التخفيضات جاءت بهدف التخفيف عن المواطن الأردني فعلاً؟
وفي ظل هذه القرارات يبقى التساؤل الأهم هل ستتأثر الموازنة العامة نتيجة لهذه الإعفاءات والتخفيضات؟ وكيف ستتعامل الحكومة مع الموازنة في هذه المرحلة؟ وهل سنشهد زيادات أخرى في الضرائب أو الرسوم على بعض السلع؟ سؤال يحتاج لفنجان قهوة و "سيجارة" للإجابة عليه، مثل الدخان والمعسل، من أجل ضمان استقرار الموازنة وتحقيق التوازن المالي؟
بين الخبير الإقتصادي حسام عايش إن الموازن العامة تم عرضها أو سيتم عرضها على مجلس النواب للعام 2025، وتلحظ إرادات عامة بحوالي 10 مليار دينار منها إرادات محلية 9.5 مليار دينار تقريبا ومنها خارجية بحوالي 734 مليون دينار والنفقات العامة للموازنة العامة حوالي 12.5 مليار دينار منها جاري 11 مليار دينار تقريباً ورأس مالية حوالي 1.5 مليار دينار وعجز بعد المنح 2.3 مليار دينار، مضيفا الى أن الموازنة إعدادها وفق تقديرات للإرادات سواء كانت الضربية أو غير الضربية المباشرة أو غير مباشرة، مشيرا الى أنه تم أخذ الإرادات الضربية وتقديرات الضريبة الدخل حوالي ما يزيد عن واحد مليار 800 مليون وتقديرات ضريبة المبيعات ما يزيد 4.8 مليار دينار.
وقال عايش أن الحكومات عندما تضع الموازنة تأخذ بعين الأعتبار أن الإرادات تقدير وأن النفقات التزام وبالذات النفقات الجارية و أيضا النفقات التشغيلية، وأن الحكومة لا تعتبر النفقات الرأسمالية التزاما عليها بدليل أنها مع إعادة التقدير لموازنة العام 2024 التي كانت تبلغ فيها مليار 700 مليون دينار انخفضت إلى أقل حتى من مليار 450 مليون دينار أو ضمن هذه الحدود، وذلك أن النفقات الرأسمالية المالية في الموازنة هي حوالي مليار 468 مليون دينار كما جاء في قانون الموازنة بزيادة 16.5% عن إعادة التقدير للعام 2024 علماً بأن الحكومة السابقة والوزير المالية في حينها قدم قانون الموازن المجلس النواب تحدث عن أكبر رقم في تاريخ الموازنات الأردنية لـ النفقات الرأسمالية عند 1.7 مليار دينار
وأضاف أن الحكومات تعتمد على مصادر دخل متعددة منها الضرائب والجمارك والرسوم على السيارات و رخص السيارات وتجديدها، وتعتمد على الضريبة المفروض على شراء السيارات سواء كان كهربائية أو بنزين أو سولار حسب نوع المحرقات التي تستخدمها، بالإضاقة الى اعتمادها على الدخان كـ مصدر رئيسي ومهم من مصادر الإرادات، كما أن تخفيض الضرائب على سيارات البنزين لم يحدث فرقا في زيادة الإقبال على هذه السيارات وأنها خسرت هذا التخفيض الذي قامت به عندما اتخذت قرار رفع الضرائب على سيارات كهربائية،مبينا أن الحكومة كان من المفترض أنها أعدت الموازنة بناءً على هذه الفرضيات التي تحدثنا عنها.
وأشار عايش الى أن الحكومة ترفع الضرائب على الدخان وتتعامل معه على قاعدة "من يدخنون من الصعوبة أن يتوقفوا عن عملية التدخين حتى لو ارتفعت الضرائب الأسعار" وبالتالي المرونة في التوقف عن التدخين وأنها تراهن على جميع الأحوال بتحصيل الضريبة الجديدة بدليل أنها لم تخفض هذه الضريبة أسوة بالضريبة على السيارات، فإنها تجد في ذلك فرصة لزيادة الإرادات، مبينا أن رفع الضرائب على الدخان يعني هناك من يؤيد هذا الرفع وله قبول شعبي أو قبول من قبل المعنيين بالصحة لأن كلفة الأمراض الناجمة عن التدخين تتجاوز المليار إلى مليار ونصف في تقديرات مختلفة.
وأكد أنه يصبح تقليل التدخين من خلال رفع الأسعار والضرائب وهي جزء من الاستراتيجية الوطنية العامة ويصبح دعم هذا القرار دعماً لا شك أنه واسع نطاق وقلائل من الذين سيطالبون بتخفيض هذه الضرائب، بالإضافة الى نوع الضرائب الشعبية التي يمكن ترويجها ودفاع عنها وأن والحكومة ستستفيد من خلال زيادة الإرادات عن طريق رفع الضرائب على الدخان، لافتا الى أن الحكومة تراهن على تحصيل ايرادات مضمونة بدلا من ايرادات لا تسطيع تقديرها بشكل مطلوب، في جميع الأحوال دائما إرادات الدخان وإرادات السيارات سواء كانت على الأقل ضرائب الرسوم المختلفة عليها أو بالمشتقات النفطية وضرائب عليها تمثل حصيلة قد تصل إلى نحو 40% من إجمالي الإرادات الضريبية الإجمالية للحكومة.
وبين عايش أن الضرائب تلعب دوراً مهماً في تحديد مستوى النفقات الحكومية وكلما كانت التقديرات دقيقة لـ النمو واخذ بعين الاعتبار الأوضاع الإقصادية والمعيشية وإنفاق المستهلكين وظروف الدولية المحيطة والنشاط الاستثماري ونشاط التجارة الدولية، بمعنى حركة الاستراد والتصدير وغيرها كلها تؤخذ بالاعتبار لتقدير الإرادات الإضافية مع الزيادة في نمو سكاني مع الانخفاض في معدلات البطالة، عن طريق وظائف جديدة، مشيرا الى أنها تُأخذ كـ معايير لزيادة الضرائب أو تقدير الإرادات بذات الضربية منها.
وأضاف أن الحكومة تأخذ بـ عين الإعتبار القرارات الجزئية أو الجانبية التي يمكن أن تؤثر على هذه الإرادات وبالتالي تخرج بـ الحصيلة المتوقعة لهذه الإرادات، فالعجز في الموازنة ناجم باستمرار عن نفقات يتم الإلتزام بها وعن إرادات مقدرة أحيانا قد لا تكون بمستوى التوقعات وأحيانا تفرض الظروف الإقصادية الإجتماعية الحكومة التنازل عن جزء من هذه الإيرادات بإرادتها أو مضطرة لذلك يفاقم عجز الموازنة، موضحا أن تعوض ذلك العجز بـ المديونية التي تحصل عليها، فيوجد ما يسمى بـ موازنة التمويل وهي واحدة من أهم النتائج المترتبة عليها لـ تسديد عجز الموازنة المقدر عند 2.3 مليار دينار إضافة لسداد الأقساط والقروض سواء كانت سندات محلية بالدولار أو سندات بـ عملات أجنبية أو أقساط قروض مستحقة أو سلف لوزارة المالية أو اتفاقات لدين داخلي .
وأكد عايش أن الحكومة في حال وجود عجز وفجوة بين إراداتها ونفقاتها فإنها تسارع إلى الحصول على ديون أو قروض إضافية لسداد هذا العجز وبالتالي فإن المواطنين في الناتج النهائي والإقتصاد الوطني هو من يتحمل كلفة الإعفاءات أو التخفيضات في الضرائب التي أقرّتها الحكومة على رسوم ترخيص للسيارات التي لم تكن مرخصة وبالنتيجة الحقيقية أن العجز في الموازنة يزيد المديونية و ترتفع وفوائدها حسب الموازنة للعام 2025 ويقدر بـ 2.2 مليار دينار ما يعني كل ما تقوم به الحكومة يتحمله الإقتصاد والناس.
ومن جهته ، قال الخبير الإقتصادي والمالي زياد الرفاتي يعتبر الأردن من الدول الرائدة في الاستثمار في رأس المال البشري، ويعد المواطن من أبرز أولوياتها وأساس التنمية، و تسعى الحكومة من خلال القرارات والإجراءات المتخذة إلى تحسين حياة المواطنين من خلال خفض تكاليف المعيشة، وتوفير حياة كريمة، وتعزيز جودة الحياة بالإضافة الى تنشيط الأسواق وتحقيق النمو والانتعاش الاقتصادي.
وبين الرفاتي أنه أخذ عدة إجراءات تهدف إلى دعم المواطنين وتحفيز القطاعات الاقتصادية، ومنها تقديم تخفيضات كبيرة على رسوم المسقفات وتسجيل الشقق السكنية للمشترين لأول مرة، مشرا أنها ستساهم في تعويض تراجع قطاع الإسكان وزيادة حجم التداول العقاري والنشاط الإسكاني، مما يشجع المواطنين على شراء وامتلاك المنازل، مضيفا أنه تم إعفاء المركبات من الرسوم المتراكمة على الترخيص والتي تراكمت على مدار سنوات عديدة، ومنح مالكيها مهلة حتى نهاية العام الجاري لترخيصها، مما يتيح لهم تصويب أوضاع مركباتهم وفقًا للقانون، كما شملت القرارات أيضًا إعفاء السيارات الكهربائية من نصف الضريبة الخاصة التي فرضتها الحكومة السابقة، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في بعض المناطق التنموية الخاصة، وتسهيل تملك الأراضي فيها.