الأنباط -
صالح سليم الحموري
يعد قرار رئيس مجلس النواب الأردني، أحمد الصفدي، بإنهاء خدمات جميع المنتدبين العاملين في المجلس خطوة نوعية ومهمة ضمن سلسلة من الإصلاحات الإدارية التي تهدف إلى تعزيز الأداء الداخلي وتنظيم هيكل المجلس بما يتناسب مع احتياجاته الفعلية. هذا القرار يمثل توجهًا جادًا نحو معالجة التحديات الهيكلية والإدارية التي طالما أثرت على فعالية العمل البرلماني وسرعته.
لطالما عانى مجلس النواب من فائض إداري كبير أدى إلى تداخل في المهام والمسؤوليات، مما تسبب في تباطؤ سير العمل وزيادة البيروقراطية داخل المجلس. هذا التباطؤ لم يكن مجرد عائق داخلي، بل انعكس سلبًا على أداء المجلس التشريعي والرقابي، مما أثار استياء المواطنين وأثر على ثقتهم بالمؤسسة البرلمانية.
إن وجود عدد كبير من الموظفين الذين يفوقون احتياجات المجلس الفعلية كان يثقل كاهل الموارد البشرية والمالية ويحول دون تحقيق كفاءة في الأداء. هذه المشاكل أوجدت بيئة عمل غير منظمة وأضعفت قدرة المجلس على اتخاذ قرارات حاسمة وسريعة تخدم المصلحة العامة.
يمثل قرار الصفدي بداية "ثورة بيضاء" داخل مجلس النواب، حيث تركز هذه الإصلاحات على ترشيد الموارد البشرية وإعادة هيكلة الموظفين بما يضمن توزيع المهام بشكل أكثر كفاءة. الهدف الأساسي ليس فقط تقليص النفقات، بل تحسين الإنتاجية من خلال الاعتماد على الكفاءات المؤهلة التي تمتلك القدرة على تنفيذ المهام المطلوبة بكفاءة واحترافية.
هذه الخطوة تعكس توجهًا نحو التخلص من التراكمات الإدارية غير الضرورية وتعزيز الشفافية في بيئة العمل، مما يساهم في بناء مؤسسة برلمانية أكثر تنظيماً وفاعلية. إنها إصلاحات تستجيب للحاجة الملحة إلى تحسين الأداء البرلماني وتعزيز ثقة المواطنين بالمجلس كمؤسسة تشريعية ورقابية.
من المتوقع أن تسهم هذه الإصلاحات في تحسين الأداء التشريعي والرقابي للمجلس بشكل ملموس، حيث ستتمكن المؤسسة من تحقيق إنجازات ملموسة على مستوى التشريع ومراقبة أداء الحكومة. هذه التغييرات لن تؤثر فقط على أداء المجلس الداخلي، بل ستعزز أيضًا صورته كمؤسسة تخدم الصالح العام وتسعى لتحقيق تطلعات المواطنين.
قرار تصفير البيروقراطية في مجلس النواب الأردني ليس مجرد إصلاح إداري عابر، بل هو خطوة جريئة نحو إعادة تعريف الأداء المؤسسي بما يتماشى مع متطلبات العصر. هذا القرار يعكس التزامًا قويًا بتعزيز الشفافية وترشيد الموارد، مع التركيز على تحسين الأداء البرلماني ليكون أكثر استجابة لتطلعات الشعب الأردني واحتياجاته المتغيرة.
لتكملة هذا التحول، أدعو المسؤولين في المجلس إلى تبني مفهوم 10X الذي يهدف إلى تحقيق قفزات نوعية في تطوير الخدمات والسياسات والأنظمة. بتطبيق هذا المفهوم، يمكن للمجلس أن يصبح أكثر رشاقة في اتخاذ القرارات وأكثر قدرة على تقديم خدمات متميزة تتناسب مع طموحات المستقبل.
هذا النهج لا يقتصر على تحسين الكفاءة فحسب، بل يسهم في ترسيخ مكانة المجلس كجهة ريادية في الابتكار الحكومي، مما يعزز الثقة العامة ويعكس صورة مشرقة للمؤسسات الوطنية.
صالح سليم الحموري
خبير التدريب والتطوير
كلية محمد بن راشد للادارة الحكومية