الأنباط -
حسين الجغبير
جاء بيان حكومة الدكتور جعفر حسان لطلب ثقة النواب أمس وفق ما هو متوقع، حيثُ تصدرت الملفات الأساسيَّة أبرز عناوين البيان، وعلى رأسها منظومة التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، مع التأكيد على أنَّ الجميع أمام مهمة وطنيَّة لا تحتمل التأخير، معززًا حديثه بالقول أن "الأردن القوي المنيع هو غايتنا الأسمى".
لم يخلُ البيان الذي عرضه حسان من تكرارٍ لعناوين عامة كالقضية الفلسطينية، وموقف الأردن من تهجير الفلسطينيين، وسيادة القانون، والحريات العامة، لكن تضمن أيضًا التأكيد على تفاصيل ربما إنجازها لا يحتاج إلا لقرار، وإرادة وإدارة، وهي تفاصيل غاية في الأهمية، كالمدينة الجديدة، والباص السريع، والموارد الطبيعيَّة، ورفع الحد الأدنى للأجور، والتعليم، حيث أنها على تماس مباشر مع احتياجات الناس، وتطور الدولة إداريًا، واقتصاديًا.
لقد أعطى البيان البعد الاقتصادي أهمية بالغة، عندما كشف الرئيس عن العمل على توقيع أربع اتفاقيات تنفيذية لاستغلال خامات النحاس والذهب والفوسفات والعنصر الأرضي النادر الذي يمتد حتى نهاية العام 2027، مع المباشرة بإعداد قانون جديد للغاز الطبيعي يقدم لمجلس النواب العام المقبل، إلى جانب تعزيز الاستثمار، وهذه الأهداف تعزز من قدرة الأردن الاقتصادية في وقت يعاني به من تحديات كبيرة بهذا الشأن جراء أسباب داخلية، وأخرى خارجية.
بالمجمل، ما جاء مكررًا لبيانات نيل ثقة سابقة، يحتاج من الرئيس جهدًا أكبر لإقناع الناس بأنها لم تأتِ فقط لإكمال الفراغ في البيان، وإنما إدراكًا لأهميتها وحاجتنا الملحة لتحقيقِ تقدمٍ بها، خصوصًا ما يتعلق بالصحة والتعليم، والزراعة، وتنمية المحافظات، إذ على الحكومة إعداد خطط قصيرة الأمد، وأُخرى متوسطة وطويلة، لسبر أغوار هذه الملفات التي تعد الأكثر صعوبة، وتحتاج إلى مدة زمنية وفق استراتيجية قابلة للتطبيق، وليست مرتبطة بالأشخاص الذين يديرون السلطة التنفيذية.
ما جاء في البيان بخصوص أننا نريد أردنًا قويًا، هو ملخص الحكاية، فالأردن القوي يعني الحفاظ على استقرارنا، ومصالحنا، التي تتعرض لمحاولات بائسة للنيل منها، حيث ضرورة التأكيد على ما أكد عليه جلالة الملك من خطوط حمراء فيما يتعلق بأي حل للقضية الفلسطينية على حساب الأردن، في ظل دولة المؤسسات الأردنية، والجيش القوي، والأجهزة الأمنية ذات الحرفية العالية، من أجل ضمان أردن آمنًا مستقرًا.
البيان قدم رؤية طموحة، ولا يسعنا إلّا أن نمنح الرئيس فرصته كغيره ممن سبقوه، وندعه يعمل، فهي أمانة حملها على عاتقه، وهو الأقدر في التعامل معها فهو المسؤول عن هذه الرؤية وهو الوحيد وأفراد طاقمه الوزاري الذين سيتحملون نتائجها. كلنا ثقة بأن الجميع وعلى رأسهم الرئيس يدركون أن لا مجال لهدرِ مزيدٍ من الجهد والوقت في ظل الأوضاع التي نمر بها في الأردن والمنطقة والعالم.