الأنباط -
أعلن الرئيس الصيني الزائر شي جين بينغ والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، يوم الأربعاء، عن الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى "مجتمع صيني-برازيلي ذي مستقبل مشترك من أجل عالم أكثر عدلا وكوكب أكثر استدامة".
وجاء هذا الإعلان خلال زيارة الدولة التي يقوم بها شي إلى البرازيل، وعززته التزامات الزعيمين بمواءمة مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين مع استراتيجيات التنمية في البرازيل.
مقدمة موسيقية للصداقة
برز دفء العلاقات بين الصين والبرازيل بوضوح خلال حفل استقبال رسمي كبير أقامه لولا يوم الأربعاء.
شملت المراسم لحظة مؤثرة للغاية: حيث قام مغني برازيلي بأداء الأغنية الصينية الشهيرة "وطني الأم" باللغة الصينية.
كانت هذه اللفتة تبادلية؛ فعندما زار لولا الصين العام الماضي، عزفت الجانب الصيني الأغنية البرازيلية "نوفو تيمبو"، أو "العهد الجديد" باللغة الإنجليزية، خلال حفل الترحيب.
إن اختيار الأغنيتين يعكس فهما عميقا بين البلدين: حيث يعترفان ويكرمان ما هو عزيز على قلوب كل منهما.
وخلال لقائه لولا، قال شي إنه تأثر بشدة بالأهمية الكبيرة التي يوليها لولا للعلاقات الصينية-البرازيلية وصداقته العميقة تجاه الشعب الصيني، وهو ما تجلى في حفل الترحيب الكبير الذي يمثل أعلى درجات التكريم المخصصة لشي.
وقال لولا خلال اللقاء إن البرازيل والصين صديقان حميمان يحترمان ويعتمدان على بعضهما البعض، مضيفا أن الصين هي الشريك الاستراتيجي الأهم للبرازيل، وأن الشعب الصيني هو أكثر الأصدقاء ثقة بالنسبة للشعب البرازيلي.
وتأتي زيارة شي للبرازيل، وهي الزيارة الخامسة له إلى هذه الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية، في وقت يحتفل فيه البلدان بمرور خمسة عقود على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
خلال الاجتماع، شدد شي على الروابط العميقة التي تم بناؤها على مدار نصف القرن الماضي، مشيرا إلى أن الجانبين وجدا طريقا صحيحا لتعامل الدول النامية الرئيسية مع بعضها البعض، وهو طريق قائم على الاحترام المتبادل والمنفعة المتبادلة، والصداقة، والتعاون المربح للجانبين.
تحظى البرازيل بمكانة فريدة في شراكات الصين العالمية. فهي أول دولة تقيم شراكة استراتيجية مع الصين، وأول دولة في أمريكا اللاتينية تدخل في شراكة استراتيجية شاملة مع الصين.
ووفقا لـ خوليو بانديرا، مؤلف الكتاب التاريخي "البرازيل في طريقها إلى الصين"، فإن الشعب البرازيلي لديه تاريخ طويل من حب الثقافة الصينية والقرب من الشعب الصيني.
تضافر استراتيجيات التنمية
كان الالتزام بمواءمة مبادرة الحزام والطريق مع استراتيجيات التنمية الرئيسية للبرازيل في صميم مناقشات الزعيمين، حيث تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تحديث البنية التحتية للبرازيل وتعزيز الارتباطية الإقليمية لديها، وهما هدفان يتماشيان مع مهمة المبادرة لتعزيز التجارة والتنمية على الصعيد العالمي من خلال بنية تحتية مشتركة.
وقال شي، خلال لقاء صحفي مشترك مع لولا بعد محادثاتهما، إنه يتعين على الجانبين تعميق التعاون في المجالات ذات الأولوية مثل الاقتصاد والتجارة والتمويل والعلوم والتكنولوجيا والبنية التحتية والحماية البيئية مع تعزيز التعاون في المجالات الناشئة مثل التحول في الطاقة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي والتعدين الأخضر.
من جانبه، شدد لولا على خطط التركيز على توسيع وتعميق التعاون في مجالات مثل التنمية المستدامة والبنية التحتية والتمويل والتحول في الطاقة والفضاء الجوي.
إن الموارد المتجددة الغنية في البرازيل، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تتواءم بشكل سلس مع خبرة الصين في تكنولوجيا الطاقة النظيفة والتصنيع.
على مدى السنوات الماضية، شاركت الشركات الصينية بنشاط في قطاع الطاقة المتجددة في البرازيل، لا سيما في المشروعات الضخمة المتعلقة بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ما أسهم في خلق فرص العمل وترقية التكنولوجيا في البلاد.
وفي مقال موقّع نُشر في وسائل الإعلام البرازيلية قبل زيارته، دعا شي البلدين إلى "اغتنام الفرص التي توفرها العصور" مع تسارع الثورة العلمية والتكنولوجية والتحول الصناعي.
وكتب شي: "ينبغي أن نعمل على تعزيز المزيد من المشروعات النموذجية التي تتواءم مع اتجاهات العصر وتحقق فوائد دائمة للشعبين، وتسهم في التنمية المشتركة لبلدينا ومناطقنا".
أبرزت جليسي هوفمان، رئيسة حزب العمال البرازيلي، النمو المطرد للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البرازيل والصين على مدى السنوات الخمسين الماضية، مشيرة إلى أن الشراكة لم تلبِ احتياجات البلدين فحسب، بل استفادت أيضا من نقاط القوة الخاصة بكل منهما لخلق تعاون تكاملي.
قالت مايارا أراوجو، الباحثة من جامعة فلومينينسي الاتحادية البرازيلية، إن الصين تعمل على تعزيز التنمية عالية الجودة مع قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة تتميز بالتكنولوجيا المتقدمة والكفاءة العالية والجودة الفائقة.