الأنباط -
محمد علي الزعبي
نحن أمام إعادة رسم خارطة جديدة في المشهد العالمي والاقليم، من حيث السياسات والفكر والتطلعات والنتائج، نتيجة الصراعات والمشادات الأمريكية الروسية الساعية إلى الهيمنة والنفوذ العالمي لكل منهم ، ولتحقيق المبتغى والأهداف الأمريكية والروسية لابد من حمام دم في المنطقة يضمن الوجود السياسي الأمريكي والوجود العسكري الامريكي، وكذلك الدور الروسي لديه هذا الأمر مسألة موت أو حياة التي تحقق أغراضهم ومصالحهم في المنطقة وإيجاد موضع قدم والصراع ازلي، فلا بد من أدوات ودول وفصائل تحقق هذه الغايات والأهداف، بما يضمن تحقيق رغبات تلك الدول العظمى.
كل الدول في المنطقة قررت توجهها وفقاً لمصالحها العليا إن كانت دول عربية أو اقليمية، متجاهلين للدور الإيراني في المحيط الذي يتناور في محاور عديدة لبسط سيطرتها بوضع اليد ، وخلق حالة وجودية في قلب الوطن العربي، وبسط سيطرتها من خلال تواجدها العسكري بتشكيل نواة من المليشيات المشبعة بالفكر الإيراني في بعض الدول العربية، بهدف زعزعة الأمن والسلم المجتمعي المنسجم مع القدرة التنافسية للوجود الإيراني مع دول الاقليم، والذي اسماهُ جلالة الملك عبدالله الثاني من سنوات وأشار إليه حول الهلال الشيعي ومخاطرهُ .
لا يمكن أن نتجاوز الصراعات في الإقليم وأن نتجاهلها وأثارها المدوية على بعض الشعوب العربية وانعكاساتها الارتدادية على مجريات الحياة السياسية والاقتصادية على شعوب بعض الدول وخصوصاً الأردن، ولموقف الاردن الواضح والصريح من حرب الإبادة في عهد الاستعمار الجديد للدول العظمى، من خلال تواجد دولة الاحتلال وممارساتها المتوحشة ومكانتها العسكرية المدعومة من كثير من الدول العظمى، فالسيناريو العالمي ظاهر لجلالة الملك عبدالله الثاني من خلال تشكيل شرق أوسط جديد، المبنية على تلك الصراعات العالمية والاقليمية لبسط النفوذ، فخطاب الدولة الأردنية وتغيير المفاهيم والارتباطات، المعززة بوتيرة القوة والمتانة في السياسة الأردنية وخطاباتها نتيجة الوضع الناشئ في المنطقة وخاصة ما يحدث للشعب الفلسطيني، من محاولات التهجير والتجويع والسياسة التنفيذية للرؤى الإسرائيلية بإعادة النكبة الثانية للشعب الفلسطيني الأعزل ، تحت إشراف دولي مساند للفكر الإسرائيلي، وهذا ما يتحدث به جلالة الملك عبدالله الثاني بكل لقاءاته .
بعيداً عن العاطفة والارهاصات !!! هل يتحمل الأردن أعباء موقفه الداعم للسيادة الفلسطينية في المراحل القادمة من القضية الفلسطينية وحرب غزة ؟ وخطابات جلالة الملك عبدالله الثاني في جميع المحافل حول ازدواجية المعايير، مشيراً بكل وضوح إلى بعض الدول العظمى، وهذه الشفافية والقوة دلالة واضحة على الدعم الكامل للقضية الفلسطينية القديم المتجدد ، والإصرار الملكي بعدم ترك الشعب الفلسطيني يواجه الهمجية الإسرائيلية والعالمية، وماذا سينتج عن تلك المواقف الأردنية اتجاه ما يحدث للاشقاء الفلسطينيين ،،،،،، لنكون صادقين في التحليل والنظرة الشمولية لمستقبل الأردن اقتصادياً وسياسياً، ووجودنا في المعادلة العالمية والاقليمية، ومراعاة الظروف ووضعنا في المحيط العالمي، واستقرارنا والمحافظة على وضعنا الداخلي والنظرة بعمق في المستقبل الاردني بكل اركانه، فالخطاب الملكي اخذ مسار ونهج جديد في التعامل مع ما يحدث من مجريات مستقبلية في المنطقة، لا يمكن للساسة في العالم والاقليم ان تتجاوزه، او ان يمر مرار الكرام لدى بعض الدول العالمية والاقليمية، وستكون عواقبهُ وخيمة على الاردن وشعبه .
سؤال نطرحهُ في اروقة الصالونات السياسية والعربية .. ماذا بعد حرب غزة !!! هل سيتحمل الاردن وزر شجاعة مواقفه منفرداً ؟ ولهذه المواقف .. هل ستقف بعض الدول العربية ذات السيادة النفطية والاقتصادية في دعم مكونات الأردن وتعزيز الشراكات ؟ أم سيبقى الأردن في الساحة الدولية منفرداً يواجه عقاباً لموقفه !! نظراً للوضع الاقتصادي الأردني وشح الامكانيات، فالأردن سيمر بمراحل صعبة وقاسية نتيجة هذه المواقف، وسيواجه الكثير من الصعاب الاقتصادية والسياسية وسنعاني كشعب من الضائقات الاجتماعية والمعيشية، فهل نستطيع أن نتحمل أعباء ذلك؟ وماذا بوسعنا أن نفعل، وهل سنترك جلالة الملك والحكومة في مواجهة المخرز وحدهما، أم سنقف معهم يدا بيد لإعادة هيكلة الجبهة الداخلية والخروج من عباءات الإعلام المضلل والتشكيك والارهاصات والسوداوية المقيتة، لذا يتوجب علينا تعزيز مواقفنا بالثقة والتشابك والتحمل والتلاحم وتوحيد الصف ، فالمراحل القادمة أشد فتكاً بالأردن من المراحل السابقة من جميع النواحي، اذا لم يتم إعادة النظر في مفهوم العمل والتخطيط والسياسات من جميع اطياف المجتمع الاردني .