الأنباط -
يارا بادوسي
يشبه الاقتصاد الأردني فرقة موسيقية متكاملة، حيث يتناغم أداء مؤسساته كأعضاء فرقة يقدمون معًا "لحنًا" اقتصاديًا متماسكًا ومتينا، من خلال الجهود المنسقة بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص. يهدف هذا النهج التعاوني إلى تحقيق استقرار ونمو مستدام، ما يعزز مكانة الاقتصاد الأردني وقدرته على مواكبة التحديات وتحقيق التنمية الشاملة.
في "الفرقة الاقتصادية"، يقوم كل عضو بدور مهم في الحفاظ على توازن الاقتصاد، من البنك المركزي الذي يشرف على السياسات النقدية، إلى وزارة المالية التي تعمل على توجيه الموارد المالية بكفاءة، إلى الشركات والمستثمرين الذين يسهمون في توليد فرص العمل ونمو عجلة الاقتصاد. هذا التعاون المتكامل يشكل بيئة اقتصادية تدفع بالنمو، وتبني الثقة المحلية والدولية، وتجعل الأردن وجهة جاذبة للاستثمارات.
شهد الأردن مؤخرًا تحسنًا في تصنيفاته الائتمانية من قبل وكالات عالمية بارزة، مثل "ستاندرد آند بورز" و"موديز". جاء هذا التحسن نتيجة سياسات مالية حكيمة ونجاح الحكومة في تحقيق خطوات ملموسة نحو استقرار الاقتصاد وتخفيض العجز المالي. وأصبحت التصنيفات المرتفعة اعترافًا دوليًا بجودة الاقتصاد الأردني، ولم تنحصر في بؤرة الإشادات الرمزية، ما جعل الأردن قادرًا على توفير الفرص لجذب المزيد من الاستثمارات، والتخفيض من تكلفة الاقتراض الدولي، وتوجيه موارده نحو المشاريع التنموية التي تعود بالنفع على المواطنين.
مع ذلك، لتحقيق تفاعل إيجابي أوسع من المواطنين، من المهم أن يلعب الإعلام دورًا نشطًا في نقل هذه النجاحات بصورة واضحة وشفافة. فالإعلام هو جسر التواصل بين الحكومة والمواطنين، ومن خلاله يمكن تعزيز الثقة ورفع مستوى الوعي حول السياسات الاقتصادية المتبعة. وهنا تبرز أهمية الشفافية، خاصة فيما يتعلق بجلسات الحكومة الأردنية مع صندوق النقد الدولي، حيث تظل العديد من هذه الاجتماعات غير مكشوفة للإعلام والمجتمع، ما يخلق فجوة معلوماتية قد تؤدي إلى شكوك وتساؤلات.
فتح المجال للإعلام لتغطية تلك الجلسات أو تقديم تقارير شفافة عنها سيساهم في بناء جسور الثقة بين الحكومة والمواطنين. فعندما يكون المواطن على دراية بتفاصيل هذه المناقشات، سيكون أكثر استعدادًا لتفهم التحديات التي تواجهها الدولة والسياسات الاقتصادية الضرورية التي يتم اتخاذها لتحقيق الاستقرار. الشفافية هنا ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي أداة فعالة لتعزيز المشاركة المجتمعية في دعم الاقتصاد، خصوصًا وأن المواطن يلعب دورًا محوريًا في تفعيل الخطط الاقتصادية عبر تفهمه لها وتفاعله الإيجابي معها.
إن الحفاظ على الاقتصاد الأردني كمحرك نشط ومتجدد يتطلب توفير بيئة من الشفافية والثقة، والتي ستؤدي بدورها إلى تعزيز الروح الوطنية والتكاتف لدعم استقرار الاقتصاد. وهنا يمكن أن يصبح الأردن نموذجًا اقتصاديًا يحتذى به، حيث يحقق التوازن بين الانفتاح على المجتمع وتحقيق مصالحه الاقتصادية العليا.