الأنباط -
الزعبي: المجتمع الأردني سيصبح أكثر فقرا من الآن
المصري: الإنتاج الزراعي سيتأثر بشكل كبير
خضير: تغير بالهطول المطري بنسبة 5%
التاج: تغير الحرارة لا يؤثر بالكوارث الطبيعية
الأنباط – ميناس بني ياسين
تتزايد المخاوف العالمية من تأثيرات تغير المناخ، حيث أظهر تقرير هيئة كوبرنيكوس للتغير المناخي أن عام 2024 سيشهد مستويات غير مسبوقة من الحرارة والأحداث المتطرفة، مما ينذر بعواقب وخيمة على كافة الدول، بما في ذلك الأردن.
و يعاني هذا البلد، الذي يُعتبر من بين الأشد فقراً في المياه، من جفاف شديد وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة، مما يهدد الأمن الغذائي والموارد المائية، و مع تفاقم الأوضاع بفعل النشاط البشري والحروب، تصبح الحاجة ملحة لتبني استراتيجيات فعالة للتكيف والحد من التأثيرات المناخية.
ورغم الجهود المبذولة، تظل التحديات قائمة، إذ تسلط هذه الأزمة الضوء على الفجوة بين الحاجة إلى العمل المناخي الفعال والموارد المتاحة، مما يتطلب تضافر الجهود على المستوى الوطني والدولي لمواجهة هذا التحدي الهائل
أسباب توقع أن يكون عام 2024 الأكثر انخفاضاً في الشتاء وارتفاعا في الصيف في التاريخ
في السياق أكدت ميسون الزعبي أنه حذر تقرير حديث من مستويات قياسية من الأحداث المتطرفة التي يشهدها العالم بسبب تغير المناخ في عام 2024، حيث من المتوقع أن يكون العام الأكثر دفئا على الإطلاق مع متوسط درجة حرارة يزيد عن 1.5 درجة مئوية، وهو الأعلى في التاريخ منذ أن بدأ قياس درجة حرارة الأرض.
وتوقعت هيئة كوبرنيكوس للتغير المناخي التابعة للاتحاد الأوروبي في تقريرها السنوي لعام 2024 أنه قد نشهد أحداثاً شديدة بسبب التغيرات المناخية الناجمة عن الثورة الصناعية، حيث من المتوقع أن نشهد المزيد من موجات الحر الشديدة، بالإضافة إلى العديد من الفيضانات والجفاف وحرائق الغابات.
وتابعت، ساهم تغير المناخ إلى جانب ظاهرة النينيو الكبرى، في ارتفاع درجات الحرارة، حيث تؤدي ظاهرة النينيو إلى رفع متوسط درجات الحرارة مؤقتًا وتُعرَّف ظاهرة النينيو بأنها تحول في توزيع المياه الدافئة في المحيط الهادئ، ويؤدي هذا إلى ضعف الرياح وارتفاع درجة حرارة البحار لفترة قصيرة من الزمن، بالإضافة إلى ظاهرة النينيو فإن درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير طبيعي في شمال المحيط الأطلسي والمحيط الجنوبي، إلى جانب تغير المناخ، هي المسؤولة عن درجات الحرارة العالمية المتطرفة الجديدة.
وأضافت، على عكسها لا نينا هي ظاهرة مناخية تحدث في المحيط الهادئ، وتتمثل في انخفاض درجة حرارة سطح المياه في المنطقة الوسطى والشرقية من نفس المحيط، وترتبط ظاهرة لا نينا بانخفاض درجات الحرارة العالمية، لكنها تتسبب في حدوث أعاصير أطلسية، وهو أمر مثير للقلق خلال موسم العواصف المدارية النشطة.
تأثير التغيرات المناخية على الأحوال الجوية في الأردن
وأكدت أن الأردن الذي يعد من أفقر دول العالم مائياً، يشهد تغيراً مناخياً كبيراً وارتفاعاً غير مسبوق في درجات الحرارة في الصيف وتأخر قدوم الشتاء وانخفاض معدلات الأمطار، ما أدى إلى انخفاض كبير في احتياطي المياه الجوفية وانخفاض منسوب المسطحات المائية، بالإضافة إلى الفيضانات المفاجئة وآثارها المدمرة، ما يجعل منطقتي الأغوار والبحر الميت الأكثر تضرراً من التغير، ما أثر سلباً على عدة قطاعات أبرزها المياه والزراعة والسياحة، ويشهد الأردن أسوأ موجة جفاف في تاريخه نتيجة لتغير المناخ، نتيجة انخفاض معدلات هطول الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، مما يؤثر بشكل كارثي على قطاعي المياه والزراعة في وادي الأردن وغور الأردن بشكل خاص، وهذا يعني أن المناطق التي كانت تعتبر سلة غذاء الأردن أصبحت الآن مهددة وغير قادرة على استدامة إنتاجها.
وأشارت إلى أن التغير المناخي في الأردن أدى إلى انخفاض كبير في احتياطيات المياه الجوفية ومستويات سطح المياه، مما أدى إلى خلل واضح في الدورات الزراعية وتغيير في توقيتها السنوي، ومن أبرز تأثيرات التغير المناخي، إذا لم يتم التعامل معه بشكل مدروس، تراجع التمكين الاقتصادي للمرأة، حيث تعد المرأة من أكثر الفئات ضعفاً وتهميشاً في العالم، وهي الأكثر تضرراً من الأزمات الاقتصادية العالمية والكوارث الطبيعية والأوبئة والجوائح، أي أن المرأة ستكون الأكثر تضرراً من الكوارث الناجمة عن التغير المناخي.
وأضافت أي أن المجتمع الأردني معرض أن يصبح أكثر فقراً مما هو عليه الآن، مع آثار ملموسة على بنية المجتمع ومجموعة القيم الاجتماعية التي سيتبناها أفراد المجتمع تدريجياً، بالإضافة إلى ما يمكن اعتباره تهديداً لحالة الأمن والسلم المجتمعي، الأمر الذي سيضع ضغوطاً إضافية على الدولة وأجهزتها الأمنية، بما يؤثر على توزيع الإنفاق من الموازنة العامة، حيث سيزداد الإنفاق على الضروريات الأمنية على حساب الاحتياجات الخفيفة لمواجهة التغير المناخي، وهنا تبرز أهمية زيادة المعرفة والوعي العام بتأثيرات تغير المناخ وتمكين الناس، وخاصة الشباب، باعتبارهم عوامل للتغيير، ولا بد من دعم مشاركتهم الفعالة في اتخاذ القرارات التي قد تؤثر على حياتهم ومستقبلهم، وخاصة فيما يتصل بإدارة الموارد الطبيعية المستدامة وتغير المناخ.
ارتباط الحرارة المرتفعة والمنخفضة في الشتاء بظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية
وأوضحت الزعبي حول ارتباط الحرارة المرتفعة والمنخفضة في الشتاء إن درجات الحرارة العالمية الحالية أعلى من المعدل الطبيعي، وهي ظاهرة تحدث بشكل دوري كل عشر سنوات تقريباً، وتعود هذه الزيادة إلى عدد من العوامل، أبرزها تغير المناخ الناتج عن الأنشطة البشرية، مثل حرق الوقود الأحفوري، مما يزيد من تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي ويؤدي إلى احتباس الحرارة والاحتباس الحراري العالمي، إضافة إلى العامل الثاني هو أنظمة الضغط الجوي التي تؤدي إلى تغيرات في أنماط الرياح وتوزيع الأمطار، مما يؤثر بشكل مباشر على درجات الحرارة، بالإضافة إلى تأثير ظاهرة النينيو، وهي زيادة غير طبيعية في درجة حرارة سطح المحيط الهادئ الاستوائي، على أنظمة الطقس العالمية، والعامل الثالث هو النشاط الشمسي، حيث تشهد الشمس حالياً فترة ذروة في نشاطها، مما يزيد من الرياح الشمسية التي تصل إلى الغلاف الجوي للأرض وتساهم في ارتفاع درجة حرارتها.
وبينت أنه تشكل درجات الحرارة العالمية المرتفعة تحديًا كبيرًا للبشرية. ويتطلب التصدي لتغير المناخ بذل جهود مشتركة على كافة المستويات، على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي، مع المشاركة الفعالة من جانب الأفراد.
تغير الأنماط المعتادة للفصول وتأثير ذلك على البيئة
وفيما يتعلق بتغير أنماط الفصول بسبب التغير المناخي استعرضت الحالة؛ بأنه تتغير الفصول بشكل طبيعي بمرور الوقت، لكن تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان يعمل على تسريع هذه التغيرات. ويقلب تغير المناخ المفهوم التقليدي للفصول الأربعة رأساً على عقب؛ فقد وجد العلماء أنه مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب، تتوسع المناطق الاستوائية بمقدار 0.1 إلى 0.2 درجة من خط العرض كل 10 سنوات، ونتيجة لهذا، بدأت بعض المناطق في الحصول على موسمين فقط، في حين تتغير أنماط الطقس ودرجات الحرارة في مناطق أخرى، وأثرت التغيرات المناخية الناجمة عن النشاط البشري على توقيت ومدة الصيف والشتاء والربيع والخريف، فبسبب ارتفاع درجات الحرارة، تصبح فصول الصيف أطول وأكثر دفئًا، بينما تكون فصول الشتاء أقصر وأكثر اعتدالًا؛ وذلك لأن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في ذوبان الثلوج والجليد في وقت مبكر من الربيع وفي وقت متأخر من الخريف.
وتابعت، يؤدي تغير أنماط هطول الأمطار إلى تعرض بعض المناطق لهطول أمطار أكثر تواترا وكثافة، في حين تشهد مناطق أخرى جفافا أكثر تواترا وكثافة، وذلك لأن ارتفاع درجات الحرارة يتسبب في المزيد من التبخر، مما يؤدي إلى المزيد من السحب والمزيد من الأمطار، ومع ذلك، يمكن أن تتسبب درجات الحرارة المرتفعة أيضا في تبخر الماء بشكل أسرع، مما قد يؤدي إلى الجفاف، إضافة إلى أنه أصبحت مواسم النمو أطول، وتغيرت أنماط هطول الأمطار، وزادت وتيرة وشدة هطول الأمطار الغزيرة، ونظراً لحساسية الزراعة لظروف الطقس والمناخ، فإن هذه التأثيرات يمكن أن يكون لها آثار مباشرة وغير مباشرة كبيرة على الإنتاج والربحية.
وبينت أنه يشكل تغير الفصول مخاطر بيئية وصحية كبيرة، تتمثل في تغير الطيور أنماط هجرتها وتظهر النباتات وتزهر في أوقات مختلفة. وقد تم تحذير الناس من أن هذه التغيرات الفينولوجية يمكن أن تخلق عدم توافق بين الحيوانات ومصادر غذائها، مما يؤدي إلى تعطيل المجتمعات البيئية، موضحةً أنه يمكن للتغيرات الموسمية أيضًا أن تسبب دمارًا للزراعة، وخاصة عندما تتسبب أواخر الربيع أو العواصف الثلجية في إتلاف النباتات الناشئة، ومع مواسم النمو الأطول، يتنفس البشر المزيد من حبوب اللقاح المسببة للحساسية، ما قد يؤدي هذا التحول في الفصول إلى المزيد من الأحداث المناخية المتطرفة. وسوف تعاني فصول الصيف الأكثر حرارة وطولاً من أحداث ارتفاع درجات الحرارة بشكل متكرر وشدة موجات الحر وحرائق الغابات.
التدابير التي تتخذها الدول للتكيف مع هذه التغيرات المناخية المتسارعة
وأكدت خلال حديثها أنه تقع على عاتق الدول الصناعية الكبرى مسؤولية تاريخية في دعم الدول النامية الأكثر تضرراً من تغير المناخ، على الرغم من مساهمتها المحدودة في انبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، ويتطلب هذا التزامات مالية سخية لتمويل مشاريع التكيف والبنية الأساسية، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل الزراعة وإدارة موارد المياه، وأهمية الاستثمار في مشاريع تعويض المياه في ظل تزايد تأثير الجفاف على المنطقة العربية، حيث تتطلب هذه المشاريع استثمارات ضخمة، لكنها ضرورية لضمان الأمن المائي للأجيال القادمة.
أما على المستوى الفردي، تلعب التوعية والتثقيف دوراً حاسماً في مواجهة التغير المناخي، حيث يجب تعزيز الوعي بالمخاطر الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة، وتشجيع تبني سلوكيات صديقة للبيئة. كما يجب الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر لحماية المجتمعات من الكوارث المرتبطة بالمناخ، لا سيما وإن مواجهة تحديات ارتفاع درجات الحرارة تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة من جانب الدول الكبرى، بما في ذلك التحول إلى الطاقة المتجددة، وحماية الغابات، وتعزيز الزراعة المستدامة التي تقلل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري وتعزز صحة التربة، ونشر الوعي حول تغير المناخ وأهمية العمل الفردي والجماعي للحد من آثاره.
وتابعت، ان الفشل في معالجة أسباب تغير المناخ قد يؤدي إلى تحولات جذرية في كوكبنا بحلول عام 2100، والوصول إلى عام 2050 دون كارثة بيئية سيكون بمثابة معجزة.
واستعرضت مشاركة الأردن، في العديد من الاتفاقيات الدولية بهدف التكيف مع التغير المناخي والحد من آثاره في المملكة والعالم، حيث تعتبر الأردن من أكثر الدول عرضة للجفاف بسبب التغير المناخي، بحسب تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة لعام 2021، مشيرةً إلى أنه ورغم جهود الأردن لمكافحة تغير المناخ تعد طموحة، لكنها محدودة في العمل، بسبب الحاجة إلى استجابة طويلة الأجل بالإضافة إلى محدودية الموارد في الوقت ذاته، ولا تقتصر محدودية الموارد على الموارد المالية فقط، بل يضاف لها محدودية الموارد البشرية أيضاً.
وأضافت لا يزال نقص التمويل يشكّل تحدياً رئيساً لتنفيذ مشاريع التكيف مع التغير المناخ مثل إعادة التحريج، وإصلاح المراعي، ومشاريع المياه، وغيرها، فالتمويل المتعلق بالمناخ لا يزال ضعيفاً وناقصاً، وثمة حاجة للمزيد منه، وتتسم عملية التمويل عادة بالبطء والبيروقراطية، فعمليات الإقرار والحصول على موافقة طويلة ومضنية، لا يزال نقص التمويل يشكل تحديًا كبيرًا لتنفيذ مشاريع التكيف مع تغير المناخ مثل إعادة التشجير، واصلاح المراعي، ومشاريع المياه، وما إلى ذلك، لا يزال تمويل المناخ ضعيفًا وغير كافٍ، وهناك حاجة إلى المزيد، وغالبًا ما تكون عملية التمويل بطيئة وبيروقراطية، مع إجراءات الإقرار والحصول على موافقة طويلة ومضنية.
كما لا تتوفر في الأردن كوادر بشرية مؤهلة بشكل كاف وأعداد كافية لمواجهة تغير المناخ، حيث تعتمد العديد من هذه الكوادر على جهودها الشخصية ولا تخضع للتدريب اللازم لمواجهة مثل هذا التحدي، الأمر الذي يتطلب تدريباً نوعياً للكوادر لتطوير كفاءاتها وقدرتها على وضع خطط مستقبلية وفورية قابلة للتنفيذ ويكون لها أثر، لأن الاستجابة لمواجهة التحديات التي يفرضها تغير المناخ من خلال تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي تم وضعها بهذا الخصوص هي السبيل للتخفيف من آثاره على القطاعات الحيوية مثل الزراعة والمياه وغيرها.
وتابعت، إن الحاجة إلى توحيد الجهود بين صناع السياسات في كافة المؤسسات على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية أصبحت أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، حيث أدركت الحكومات أن خطط التخفيف من آثار تغير المناخ يجب أن تكون على رأس أولويات الحكومات، بالإضافة إلى تطوير استجابات متسقة ومتآزرة للأزمة، وإلا فإن بلدانها ستواجه مشاكل حقيقية تؤثر على بنية المجتمع وكيفية تعامله مع القضايا العامة في البلاد.
وأكملت، لكن يبدو أن الحكومة الأردنية حتى الآن لا تولي التغير المناخي أهمية حقيقية سوى الحديث العام في هذا المجال، إذ لا يبدو أن الخطط الزراعية أو المائية قادرة فعلياً على التعامل مع التحديات التي يفرضها التغير المناخي على مستوى الأمن المائي والأمن الغذائي، خاصة وأن الأردن من أفقر ثلاث دول بالمياه، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الزراعة وتربية الماشية.
وبالتالي، ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية لجعل الزراعة أكثر استدامة وإنتاجية ومرونة، فإن تغير المناخ سوف يؤثر على إنتاج الغذاء، ويخلف تغير المناخ تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الإنتاجية الزراعية، بما في ذلك أنماط هطول الأمطار المتغيرة، والجفاف، والفيضانات، ودرجات الحرارة القصوى، وإعادة التوزيع الجغرافي للآفات والأمراض.
ولن يتوقف تأثير تغير المناخ عند قطاعي الزراعة والمياه، بل سيمتد إلى العديد من المجالات، وسيؤدي تدريجيا إلى زيادة أمراض الطفولة الناجمة عن نقص الوصول إلى المياه، وهو ما قد لا يعيق نمو الأطفال فحسب، بل سيقلل أيضا من قدرتهم على التعلم.
إن تغير المناخ هو نتيجة سنوات من اللامبالاة من جانب الدول الصناعية، فضلاً عن عجز صناع القرار في العالم عن استشراف المستقبل لفترات طويلة. إلا أن تغير المناخ جعلنا ندرك أننا نعيش جميعاً على كوكب واحد ومصيرنا مرتبط ببعضنا البعض. وإذا لم نتمكن اليوم من اتخاذ خطوات تقدمية وجريئة لمعالجة ما يمكن معالجته فيما يتعلق بتغير المناخ وبناء قواعد وآليات للتعامل مع التطورات الجديدة التي يفرضها تغير المناخ، فإن محاولات الدول الفردية ستظل عقيمة. إن خطر تغير المناخ يهددنا جميعاً، لذا يتعين علينا أن نتحد معاً لمواجهته.
تأثير الحروب والصراعات على زيادة التغير المناخي
واستعرضت الزعبي أنه تتسبب الحروب والصراعات، مثل الحرب على غزة والحرب الروسية الأوكرانية، في زيادة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، خاصة وأن العمليات العسكرية تتسبب في استهلاك الآلات الحربية مثل الدبابات والطائرات والسفن لكميات هائلة من الوقود الأحفوري، مما يؤدي إلى انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بشكل كبير، ويساهم القطاع العسكري العالمي بشكل كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى تفاقم تغير المناخ.
وبينت إن الحروب تتسبب فى تدمير أحواض الكربون، لأن الصراعات المسلحة غالباً ما تدمر الغابات والأراضي الرطبة وغيرها من النظم البيئية التي تعمل كمصارف للكربون، كما أن إزالة الغابات وتدمير الموائل الطبيعية يؤديان إلى إطلاق الكربون المخزن في الغلاف الجوي، مما يساهم في زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
وذكرت إن الحروب تعطل جهود التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه. كما أن النزاعات المسلحة توقف المبادرات المناخية لأن العمل المناخي في مناطق الصراع غالبا ما يصبح أولوية ثانوية وتركز الحكومات على قضايا الأمن الفوري. وقد يؤدي هذا إلى تعليق أو تقليص برامج التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه، مثل مشاريع الطاقة المتجددة أو جهود إعادة التحريج، بالإضافة إلى ذلك، تضعف حوكمة المناخ لأن النزاعات المسلحة يمكن أن تضعف المؤسسات الوطنية والمحلية المسؤولة عن العمل المناخي، مما يؤدي إلى ضعف إنفاذ القوانين البيئية وانخفاض القدرة على تنفيذ استراتيجيات المناخ.
وأشارت وتتسبب الحروب في تدهور البيئة وندرة الموارد، لأن تدمير البنية الأساسية مثل محطات الطاقة وأنظمة المياه والمرافق الزراعية يؤدي إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الأقل كفاءة والأكثر تلويثًا وممارسات استخدام الأراضي غير المستدامة، بالإضافة إلى ذلك، تتسبب الحروب في الإفراط في استغلال الموارد لأن الصراعات غالبًا ما تؤدي إلى الإفراط في استغلال الموارد الطبيعية مثل المياه والأراضي والمعادن، ويتم تحويل هذه الموارد لدعم جهود الحرب، ويمكن أن يؤدي هذا الإفراط في الاستخدام إلى تفاقم المشاكل المرتبطة بتغير المناخ مثل التصحر وتآكل التربة وندرة المياه.
الزراعة منظومة يجب أن تستدام لمكافحة التغير المناخي
وفي الجانب الزراعي أكد وزير الزراعة الأسبق سعيد المصري أن مثلث التوازن البيئي يكامل بعضه البعض واختلال أي عنصر فيهم يعني اختلال مثلث التوازن كامل، وساهم الإنسان من خلال تطوره الحضاري وطمعه في التكنولوجيا والحداثة والرقمنة في عطب هذا التوازن ما أدى إلى اختلالات على مستوى البيئة والمياه والزراعة ودرجات الحرارة والتأثير على الأوكسجين، والغازات الدفيئة التي ساهمت في خروج توقعات حول أن صيف وشتاء عامي 2024 و2025 سيكونان الأكثر تأثراً على مستوى درجات الحرارة في ارتفاعها وانخفاضها.
وأضاف أن التوقعات حتى الآن غير قادرة على تحديد ما إن كانت درجات الحرارة ستصل إلى أدنها أو أقصها في دول محددة وإنما أكتفى في توقعات اختلالها بالعموم في العالم، موضحاً أن الاختلال سيؤثر على عموم البلاد سواء كانت دول الشمال المنتجة لأكثر من 95% من الغازات الدفيئة جراء حرق النفط، والدول الملوثة أو دول غير ملوثة، ومن المتوقع أن يكون القادم أسوء على مستوى التغير المناخي وتأثيره على درجات الحرارة والزراعة عالمياً وعربياً ومحلياً، لا سيما وأن مؤتمرات المناخ لا تلبي المطالب ولا تخرج بحل عملي سريع وإنما أصبحت هذه القمم تجمع الفقير والغني ليتقاسمون الهم.
وأشار إلى أن الإنتاج الزراعي لا شك سيتأثر بشكل كبير جداً والإنتاج الزراعي المحلي ليس بمعزل عن العالم ولكن الفارق هو توفر مراكز البحث والتطوير لإجراء عمليات بحث وتطوير للتغلب والتأقلم على الغازات الدفيئة والتكيف من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي للتأقلم مع التغيرات المناخية.
وأوضح أنه لو صدقت التوقعات ستتأثر الزراعة في الأردن والإنتاج الزراعي بشكل كبير، لأن الحرارة لن تقف على جانب واحد وإنما ستطال الجانب المائي والزراعي والغذائي أيضاً؛ حيث أن الأردن يحتاج إلى نصف مليار متر مكعب من الماء لإنتاج مليونان ونصف طن من الغذاء، بينما باستطاعتنا باستخدام التقنيات الحديثة استخدام 200 مليون فقط من الماء.
وتابع، عملية استدامة الزراعة تكمن في التقليل من استخدامنا للموارد الشحيحة، واستخدامها بعقلانية، لا سيما وأن التحديات التي تواجه الزراعة كبيرة تتمثل في استخدام تقنيات قديمة جداً تخفض من الإنتاج الغذائي وعدم وجود، تحليل للبيانات و قاعدة معلومات كافية لما يتم العمل عليه؛ كأن لا تتم معرفة كميات المياه التي يجب استخدامها لزراعة وكميات المياه المتوافرة بالأساس، للمساهمة في إدخال تقنيات جديدة للتقليل من الكميات المستخدمة في الإنتاج الغذائي.
وأكمل، لا يمكن عزل الجانب الزراعي عن الجانب المائي والمناخي، ويجب العمل على تحليل البيانات لفهم حالة التغير المناخي التي يشهدها العالم وحالة الطقس وكميات المياه والأمطار في العالم والأردن وبيانات كثيرة لا تعد حول الموارد البيئية الشحيحة والوارد البشرية أيضاً، إضافة للعادرات الخاطئة والقديمة التي تزيد من مشكلة تأثير التغير المناخي على الزراعة، ما يعني تحسين الأداء الزراعي والإنتاج.
وبين أنه لمكافحة تغيرات درجات الحرارة المتوقعة يجب أخذ الاحتياطات اللازمة على مستوى الموارد ونقص الإمدادات والتقنيات الحديثة لتجنب مثل هذه التغيرات المناخية، ويجب عدم فصلهم ومحاولة التأقلم، لأنه من الواضح أن الأشخاص ما زالو يتعاملون مع التقنيات الحديثة كالزراعة الدقيقة والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ومعلومات شبكات التزويد على أنها رفاهيات وترف، رغم أنها الآن أصبحت حاجة ملحة لمواكبة الحداثة والتطور الذي يحاول التأقلم مع المناخ وتغيره.
وأكد أنه يجب البدء باستيراد هذه التقنيات الحديثة وأصبحت ضرورة، لذا لا من أن تستورد الزراعة المحلية الأنظمة الجديدة التي تخدم البيئة المحلية، واعتماد الأنظمة التي تواكب الاحتياجات المحلية، أي أنه ليس شرطاً استخدام أحدث التقنيات وأكثرها كلفة، مشيراً إلى أنه إذا لم يتم البدء بهذه الخطوات من خلال صندوق المخاطر وإدارة الأزمات، والعمل على خطط متوسطة المدى وطويلة المدى؛ الذي كان يجب العمل عليهم من الأساس في فترة جائحة كورونا، لما بعد كورونا.
وأضاف أن على المنظومة الزراعية كاملة العمل مع بعضها، لمواكبة التغيرات المناخية والتأقلم على الحوادث البيئية التي يشهدها الالعالم من خلال مساعدة المزارعين على بناء بيت بلاستيكي من طبقتين بدلا من طبقة واحدة وأخذ التدابير على مستوى البذور والتقنيات والأساليب، خاصة أن الأردن لا زال بعيد عن هذه التطورات الحديثة ولك يجب العمل والمحاولة في المواكبة وبناء بيئة زراعية صناعية للمنافسة الصحيحة، ولا يمكن ضمان الاستدامة مع بقاء الوضع الزراعي الحالي على حاله.
الجانب المائي.. درجات الحرارة ستؤثر على الهطول المطري والتبخر
وفي الجانب المائي أكد خبير الجانب المائي كمال خضير أن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها تسبب في ارتفاع مستويات التبخر والتغير في أنماط هطول الأمطار؛ لها علاقة وثيقة على مصادر المياه السطحية وتغذية المياه الجوفية مما يزيد من تعقيد مشكلة شح المصادر المائية في الأردن، وعجز المصادر المتوفرة من مواكبة الحاجة المتزايدة وإنخفاض نصيب الفرد من المياه.
وتابع، تشير الدراسات إلى أن الجزء الأكبر من مجموع الهطول المطري في الأردن، يذهب للتبخر حيث يصل معدل التبخر إلى 93% من مجموع الهطول المطري في الأردن وحوالي 3% جريان سطحي ويتبقى فقط 4% لتغذية المياه الجوفية مما يعني بأن فقط 7% من مجموع الهطول المطري يمكن اعتبارها مصادر مياه السطحية ومياه جوفية.
وأشار أن الأمر يزداد سوءاً مع تأثير التغير المناخي حيث تشير الدراسات إلى زيادة في درجة الحرارة في الأردن تتراوح 5.3 إلى 5.8 درجة مئوية خلال الفترة الماضية ومرشحة للزيادة خلال خمسين سنة قادمة لتصل إلى 3- 4 درجات مئوية، مضيفاً أن الهطول المطري يختلف في مناطق المملكة حيث تعتمد على نمطين الأول؛ نقص في تساقط الأمطار يتراوح 8-20%، والنمط الثاني زيادة في تساقط الأأمطار 5-10%، ما يعني أن النمط العام يتجه نحو تغير في الهطول المطري بشكل عام بنسبة 5%.
في الحديث عن الجانب الجيولوجي أكد الخبير مصدوق التاج أكد أن ارتفاع درجات الحرارة وانخفاضها لا تؤثر في الكوارث الطبيعية من الزلازل والبراكين والعكس هو الصحيح، بحيث تعمل البراكين مما يخرج منها من بخار ماء ورماد يعمل على تسخين الجو وارتفاع درجات الحرارة، والرماد الي يخرج يعمل على تبريد درجات الأرض لأنه يحجب اشعة الشمس، موضحاً أن حرارة الجو العادية لا تؤدي لذوبان الجليد، العكس هو الصحيح بأن منشأ الأرض والتسخين من الداخل في الأرض هو ما يساعد في ذوبان الجليد، مثل مناطق القطب الشمالي.
وبين أن الظروف المناخية تؤدي إلى فيضانات خاصة المناطق الشاطئية والانهيارات الارضية وانجراف التربة، ما يقتضي من الحكومات الاستعداد ووعي الناس على هذه الامور وكيفية التصرف، مبيناً أن التغير المناخي سيؤثر على الأمطار إما بالزيادة أو قلتها واعتماد تأثر التضاريس على كمية الهطول شكل التضاريس وعملية التصحر جراء قلة الامطار المستمرة في العديد من المناطق، ما يعني أن تأثر درجات الحرارة بارتفاعها وإنخفاضها جراء تغيرات المناخ ستؤثر بشكل واضح على المياه ما يعني وجوب أخذ التدابير والخطط اللازمة.