الأنباط -
الأنباط – رزان السيد
في قصة نجاح ومبادرة مختلفة، تجسد حكاية الشاب حسام عباس كيف يمكن للفرد أن يحدث تغييرًا إيجابيًا من خلال المبادرة والابتكار. بعد أن واجه مشكلة شخصية بسبب حفرة في الشارع خلال حظر التجول الذي فرضته الدولة خلال جائحة كورونا، لم ينتظر أن يقوم الآخرون بإصلاحها، بل اتخذ خطوة جريئة وأصلحها بنفسه، مما ألهمه للتوسع في فكرته.
وفي تفاصيل القصة، قال عباس لـ "الأنباط"، وهو شاب يحمل شهادة البكالوريوس في تخصص التصميم الداخلي، ويعمل كصانع محتوى فني "رسام"، ويقوم بالرسم على الرمل، إنه خلال جائحة كورونا، كان يسير بسيارته فاصطدم بحفرة في الشارع، فقرر استغلال فترة الحظر والشوارع الفارغة، وتوجه إلى منزله لجلب الأدوات اللازمة، وقام بترميم الحفرة، ومن هنا بدأت قصته.
وتابع أن المواطنين دائمًا ما يلومون الجهات المختصة ويطالبون بالإصلاح والتغيير، دون أن يبدأوا بالتغيير من أنفسهم. وهذا ما لم يقم به عباس؛ إذ قرر أن يبدأ بالتغيير والإصلاح من ذاته، متحديًا الصعوبات وثقافة العيب التي تعاني منها المجتمعات العربية كافة.
وأوضح الصعوبات التي واجهها، وكانت أبرزها أنه غير متخصص في مجال ترميم الشوارع أو الهندسة المدنية، إذ إنه لا يملك الخبرة الكافية وليس ملمًا بالأدوات اللازمة. كما عانى من الصعوبات المادية؛ إذ إنه لا يستطيع تحمل تكاليف المستلزمات كافة، بالإضافة إلى صعوبة النقل والتنقل، مشيرًا إلى أنه يستخدم سيارته "الأفانتي".
أما فيما يخص الموافقات والتسهيلات من الجهات الرسمية، أكد عباس أنها كانت تسير بسهولة تامة، لكنه لم يجد الدعم من الجهات المسؤولة، مؤكدًا أن أربع جهات حكومية تواصلت معه لدعمه، إلا أنه لم يجد تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه.
وأشار عباس إلى أن الكثير من المواطنين أصبحوا مبرمجين على التفكير السلبي، حيث تتجه ردود أفعالهم نحو الانتقاد والهجوم بدلاً من العمل على إيجاد الحلول. وهذا ما ولّد داخله حب التغيير. وتحدث عباس عن التحديات اليومية التي يواجهها المجتمع، مثل الشوارع المليئة بالحفر والمشكلات المتعلقة بالحاويات، وقطع الأشجار، وتخريب الأماكن العامة، قائلاً: "مهما حاول الفرد القيام بعمل جيد، يجد نفسه محاطًا بالمنتقدين. الجميع يفضل إلقاء اللوم على الجهات المسؤولة دون محاولة حل المشكلة بأنفسهم"، مؤكدًا أن التغيير لا يمكن أن يأتي من الجهات المسؤولة وحدها، بل يتطلب مشاركة فعالة من الجميع. "إذا استطعنا تحويل ثقافة الانتقاد إلى ثقافة المبادرة، سيكون لدينا القدرة على تحسين واقعنا".
وأشار عباس إلى أن أساس المشكلة يكمن في سلوك الناس أنفسهم وليس في الجهات المسؤولة فقط. وقال: "إذا تمكنا من تغيير ثقافة الناس من الانتقاد والهجوم إلى الفعل البناء، سنستطيع أن نحل المشاكل بأنفسنا وفقًا لقدراتنا وإمكاناتنا"، والتي تبدأ بـ "لا توسخ، لا تقطع شجرة، لا تكسر في الأماكن العامة، ارمِ كيس النفايات في الحاوية، وأغلق الحفر التي تجدها أمام باب منزلك"، مؤكدًا أن هذه التوجيهات البسيطة تهدف إلى خلق روح المسؤولية بين الناس، مما سيجعلهم جزءًا من الحل.
من هنا جاءت فكرة عباس في تطوير عمله ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي، بهدف أن يشاهد الناس أن الفرد يستطيع أن يبادر ويصلح ويبدأ بنفسه بأسهل الطرق والأساليب، وأن يذكر الجميع بأن الحل يبدأ منك كمواطن.
في إطار مبادرته لتحسين الأوضاع البيئية، أكد الشاب حسام عباس أنه لا يسعى لتحقيق أي فائدة مادية من أعماله، فقد قام بفتح باب التبرعات لتغطية تكاليف المواد اللازمة لمشاريعه، مما يعكس التزامه بالمجتمع ورغبته في التغيير الإيجابي. موضحًا أنه رغم أنه لا يحصل على أي عائد مالي، إلا أنه استفاد مؤقتًا من تعاقد مع شركة راعية لدعم أعماله. هذا التعاون ساعده في استكمال بعض المشاريع، لكن هدفه الأساسي يبقى تحسين الظروف البيئية دون البحث عن الربح الشخصي.
كما أكد عباس على ضرورة عدم التوقف عن محاولات التغيير مهما كانت الظروف صعبة، مشيرًا إلى أن الاستمرارية هي مفتاح النجاح. وشدد على أهمية مراجعة النتائج بشكل دوري، قائلاً: "إذا استمررت في العمل ولم تجد أنك ستحقق تطويرًا أو مستقبلاً لما تقوم به الآن، فقد حان الوقت لتغيير طريقة تفكيرك بالكامل". هذه النصائح تعكس رؤية عباس في كيفية إدارة الجهود الفردية والمجتمعية لتحقيق الأهداف.