الأنباط -
البطوش: التوفيق بين إعطاء الدروس وتربية الابناء خلال الجائحة شهادة على مرونة المعلمات
الدهون: المعلمات واجهن تحديات نفسية والعزلة وضغط العمل
الانباط – شذى حتاملة
في ظل جائحة كورونا واغلاق المدارس وتحول التعليم إلى نمط التعلم عن بعد واجهت المعلمات تحديات واعباء اضافية مضاعفة بما في ذلك تعلم مهارات جديدة بسرعة تواكب التكنولوجيا الحديثة وتشجيع الطلاب على الدراسة والتعلم في بيئات غير تقليدية، ولم يتوقف عبء التعلم عند هذا الحد، بل امتد إلى ما هو أبعد وهو الحياة الأسرية، إذ وجدت معلمات صعوبة في التوازن ما بين الحياة المهنية والتزامات التدريس ومتطلبات الأسرة ما شكل لديهن ضغوط نفسية واجتماعية واجهاد كبير .
بين التحديات والفرص
وتروي المعلمة ايمان بني سليمان تجربتها في التدريس عن بعد خلال الجائحة موضحة بأن التعلم عن بعد ساهم بشكل كبير في تحقيق التطوير المهني والتنمية المهنية في مجال عملها، مبينة أنه زاد من اطلاعها على مواقع الكترونية وتدريبية ومنصات تعليمية كما زاد التواصل بينها وبين طلابها واولياء الامور من مختلف المواقع الالكترونية وعزز المسؤولية لديها اخلاقيا ومهنيا ولطلابها من حيث متابعة تعليمهم و متابعة تدريسهم المنهاج المقرر.
واشارت إلى التحديات والصعوبات خلال اداء عملها عن بعد ومنها ضعف الانترنت وعدم وجوده لبعض العائلات، وعدم التزام البعض بمتابعة الواجبات والدروس المعطاه للاطفال، مضيفة أن هناك صعوبات اخرى تتعلق بعدم ملائمة المنصات التعليمية للفئة العمرية التي تقوم بتدريسها وصعوبة استخدامها من قبل الأهالي، وعدم توفر اجهزة حاسوب والبعض يستخدم هواتف بسيطة .
واكدت أنها حافظت على دافعيتها باحساسها بالمسؤولية الاخلاقية والمهنية اتجاه اطفالها وحب التواصل معهم وتولي مسؤولية تعليمهم مهما واجهتها الصعوبات فهو واجب ديني واخلاقي والتعامل مع التكنولوجيا تجربة غنية بالمتعة والفائدة والتحفيز المستمر، مبينة أن اساليب التدريس والتقييم تغيرت في تلك الفترة بحيث استخدمت اساليب وطرق تقييم عن بعد اختلفت عن التي نستخدمها في الغرف الصفية .
وتابعت أن التعلم عن بعد ساهم في اعطاء دور كبير للاهل في تدريس وتقييم ابنائهم فأصبح التعليم يشمل الطلاب واولياء الامور ، وبذلك راعت ظروف التعلم عن بعد و ساهم الأهل بتقييم ابنائهم ، مشيرة إلى أن كورونا برغم السلبيات التي واجهناها والتحديات والصعوبات الا انها اثبتت أن المعلم الأردني له دور كبير ومستمر وقادر على العطاء حتى عن بعد.
ولفتت إلى أن التغييرات كان لها اثر ايجابي والتي بدورها ستجعل التعليم اكثر ازدهارا وتقدما كاستخدام منصات التدريب ووجود منصات تعليمية واساليب رقمية وتكنولوجية لتدريس وتقييم الطلاب، مؤكدة انها استطاعت التوافق ما بين حياتها المهنية والاسرية خلال الجائحة كورونا بوضع خطة عمل مدروسة لتدريس الطلاب و التنظيم بشكل مستمر للمهمات والاعمال ضمن الوقت المحدد له وكل ذلك كان له دور كبير في تخفيف العبء وتقليص الجهد كأم و كمعلمة .
استعدادات للظروف الطارئة
فيما قالت المعلمة رانية القاسم أن تجربة التعلم عن بعد خلال كورونا اثرت بشكل ايجابي على حياتها المهنية وذلك عن طريق اكتساب الخبرة عن كيفية ادخال التكنولوجيا في عملية التعليم من خلال اعداد فيديوهات وصور ولقاءات مرئية مع الطلبة، موضحة أن الجائحة ساعدت المعلمات بكيفية الاستعداد للتعلم عن بعد لاي ظرف طارئ قد يحدث .
واوضحت أن هناك تحديات واجهتها تتعلق بوجود طلبة ذوي الاعاقة السمعية لأن بعض المنصات غير معدة بفيديوهات بلغة الاشارة لاصحاب الصم لترجمة وتوضيح المعلومات، لافتة إلى أن المعلمات تقوم باعداد لقاءات وتصوير فيديوهات بلغة الاشارة .
واكدت أن التعلم عن بعد يختلف عن الوجاهي، لأن التقييمات الخاصة به مختلفة وذلك عن طريق ارسال فيديوهات للطلبة باجاباتهم للاختبارات، موضحة أن هناك اساليب تم استخدامها خلال الجائحة تفضل أن تستمر وهي قروبات التواصل لتسهيل عملية التدريس، وهناك جامعات لا تزال تستخدم المحاضرات عن بعد لانها وفرت الوقت والجهد على الطلبة .
وتابعت أن ادخال التكنولوجيا في العملية التعليمية ساهمت في اثراء خبرات المعلمين التكنولوجية وطريقة استخدام المنصات، مشيرة إلى انها استطاعت التوافق ما بين التدريس عن بعد والحياة الأسرية عن طريق التنظيم ووضع خطة
تحول مفاجئ وضع المعلمات أمام تحديات جديدة
واوضحت الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش ، أن الأردن شهدت تحولاً جذرياً في مجال التعليم بجائحة كورونا، حيث انتقل التعليم التقليدي الوجاهي إلى التعلم عن بعد، مبينة أن هذا التحول المفاجئ قد وضع المعلمات أمام تحديات جديدة ومختلفة، تتطلب منهم مهارات ومرونة عالية، كـ تحديات تقنية وتربوية و نفسية وغيرها من تلك التي أثرّت على جودة العملية التعليمية، من أبرزها ان العديد من المعلمات لم يكن مجهزات بالمهارات التقنية اللازمة لإدارة الفصول الافتراضية وتصميم المواد التعليمية الرقمية، والنقص في الأجهزة والتكنولوجيا اللازمة للحصص عبر الإنترنت.
واضافت من المعروف أن التعليم يعتمد على التفاعل المباشر بين المعلم والطالب، لكن في بيئة التعلم عن بعد، أصبح من الصعب تحقيق هذا التفاعل بنفس المستوى، مما أثر على فهم الطلاب للمادة وتقديمهم للمساعدة الفردي، لافتة إلى أنه لم يكن جميع الطلاب يمتلكون الأجهزة أو الإنترنت اللازمين للمشاركة في الحصص الافتراضية، مما حصل فجوة رقمية بين الطلاب، وواجهت بعض العائلات صعوبات في توفير بيئة هادئة ومناسبة للدراسة في المنزل.
وبينت البطوش أن تقييم أداء الطلاب يعد تحدياً كبيراً في بيئة التعلم عن بعد، فمن الصعب التأكد من أنهم يقومون بأنفسهم بالأعمال الموكلة إليهم، كما أن طرق التقييم التقليدية قد لا تكون مناسبة للبيئة الافتراضية، موضحة أن التحول إلى التعلم عن بعد ادى إلى زيادة أعباء المعلمات، حيث أصبح عليهن إعداد المواد التعليمية وإدارة الفصول الافتراضية بالإضافة إلى مهامهن اليومية الأخرى، مما أثر على توازن حياتهن، وبدوره شكل الانتقال المفاجئ إلى التعليم عن بعد ضغطاً نفسياً كبيراً على المعلمات، حيث اضطروا للتكيف مع نظام جديد تماماً في وقت قياسي.
ولفتت إلى أن التكنولوجيا كان لها دوراً حيوياً في دعم المعلمات خلال الجائحة، مما ساهم في استمرارية العملية التعليمية رغم التحديات التي فرضتها الظروف الاستثنائية، ومن أهم الطرق التي ساعدت بها التكنولوجيا المعلمات بتوفير منصات تعليمية متعددة كـ منصات التعلم الإلكتروني مكنت المعلمات من إنشاء فصول افتراضية، وتبادل المواد التعليمية، وتقديم الدروس عبر الفيديو والمحادثات النصية وتطبيقات التواصل كالواتساب، التي سهلت التواصل الفردي والجماعي وتبادل الملاحظات والوظائف،غير ذلك قنوات اليوتيوب التي استخدمتها معلمات لتقديم دروس مصورة وشروحات مبسطة للمادة العلمية.
واضافت أنه تم تنظيم ورش تدريبية عبر الانترنت لمساعدة المعلمات على اكتساب المهارات اللازمة للتعامل مع التقنيات الحديثة، وتصميم الدروس الرقمية، وإدارة الفصول الافتراضية ، وتوفير مجموعة من الأدوات والمحتوى التعليمي المجاني الذي يمكن للمعلمات الاستفادة منه في إعداد دروسهن، مبينة أنه بشكل عام يمكن القول أن كورونا قد عززت من أهمية التواصل والتعاون بين المعلمات وأولياء الأمور، وساهمت في بناء علاقات أكثر قوة ومرونة، إذ ازدادت حدة التواصل بين المعلمات وأولياء الأمور بشكل كبير، وذلك بسبب الحاجة المتزايدة إلى التنسيق المستمر حول سير العملية التعليمية عن بعد، ومتابعة تقدم الطلاب.،وفي بعض الحالات أدى اختلاف وجهات النظر حول أفضل السبل لإدارة التعلم عن بعد إلى حدوث خلافات بين المعلمات وأولياء الأمور .
واكدت أن الحكومات والمؤسسات التعليمية لعبت دورًا حاسمًا في دعم المعلمات خلال الجائحة والتي فرضت تحديات غير مسبوقة على قطاع التعليم ،حيث قدمت الدعم المالي واللوجستي لتوفير الأجهزة والأدوات الرقمية اللازمة للمعلمات والطلاب للتعلم عن بعد،والحواسيب المحمولة والإنترنت، مشيرة إلى ان الحكومات طورت منصات تعليمية إلكترونية متكاملة، توفر للمعلمين الأدوات والموارد اللازمة لإعداد الدروس وتقديمها عبر الإنترنت ، كما نظمت دورات تدريبية مكثفة للمعلمين لمساعدتهم على اكتساب المهارات اللازمة للتعليم عن بعد، واستخدام التكنولوجيا التعليمية بفعالية ، وقدمت حوافز مالية للمعلمين تقديراً لجهودهم خلال هذه الفترة الصعبة.
وتابعت أن المؤسسات التعليمية قدمت الدعم التقني للمعلمين لمساعدتهم في حل المشكلات التي قد يواجهونها أثناء استخدام المنصات التعليمية، كما نظمت المدارس والجامعات ورش عمل وندوات لمناقشة أفضل الممارسات في التعليم عن بعد، وتبادل الخبرات بين المعلمين، مضيفة أن المؤسسات التعليمية قامت ايضًا بتوفير مجموعة متنوعة من الموارد التعليمية، مثل الكتب الإلكترونية والفيديوهات التعليمية، لمساعدة المعلمين على إعداد دروسهم، غير ذلك شجعت على بناء مجتمعات تعليمية عبر الإنترنت، حيث يمكن للمعلمين التعاون وتبادل الأفكار والخبرات.
واشارت إلى الاستراتيجيات التي ربما اعتمدتها المعلمات للتغلب على هذا التحدي وهو التخطيط المسبق من خلال تقسيم المعلمة يومها إلى فترات زمنية محددة لكل نشاط، سواء كان إعداد الدروس أو رعاية الأطفال أو الأعمال المنزلية، كما ركزت على المهام الأكثر أهمية أولاً، مثل إعداد الدروس الهامة أو مساعدة الأطفال في واجباتهم وحولت بعض مهامها التعليمية إلى أنشطة ممتعة للأطفال، مثل قراءة قصة معًا أو حل الألغاز وخصصت وقتًا منتظمًا للعب مع أطفالها للتخفيف من الضغط وزيادة الترابط العائلي ، لافتة إلى أن المعلمات ايضا استخدمن برامج لإجراء الدروس عبر الإنترنت، مما سمح لها بمراقبة أطفالها أثناء العمل، واستخدمت تطبيقات تفاعلية لجعل تعلم الأطفال أكثر متعة وتشويقًا ، كما شاركت المعلمة زوجها أو شريك حياتها في مسؤوليات رعاية الأطفال أو من أفراد الأسرة والأصدقاء عند الحاجة ، و خصصت وقتًا لنفسها للاسترخاء وممارسة هواياتها، مما ساعدها على تجديد طاقتها ومع زملائها المعلمين لمشاركة الخبرات وتبادل الأفكار.
واختتمت حديثها أن قدرة المعلمات على التوفيق بين إعطاء الدروس وتربية أبنائهن في المنزل خلال كورونا هي شهادة على مرونتهن وتفانيهن وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي واجهنها، موكدة أنه رغم هذه التحديات إلا انهن تمكن من الاستمرار في تقديم التعليم لأطفالهن والعناية بهم في نفس الوقت، و تعرضت المعلمات للإرهاق النفسي والجسدي بسبب الضغط الكبير الذي واجهته ، وصعوبة توفير بيئة تعليمية مناسبة في المنزل ، اذ لم يكن من السهل على جميع المعلمات توفير بيئة تعليمية مناسبة في المنزل لأطفالهن.
من الناحية النفسية قال المرشد النفسي محمد عيد الدهون، انه خلال فترة كورونا تأثرت الصحة النفسية للطاقم التعليمي ككل لكن المعلمات وقع عليهن الحصة الأكبر لربما من هذا الضغط النفسي ، لافتا إلى أن ذلك نتيجة للاعمال الأضافية واستخدام الاساليب الجديدة للتكيف مع التعليم عن بُعد مما ادى لوجود تحديات جديدة بالأضافة لتحديات التعليم السابقة ناجمة عن ذلك .
ولفت إلى أن الدراسات اظهرت أن العزلة الاجتماعية والقلق بشأن الصحة والتوتر النفسي كانت من بين العوامل التي أثرت سلبًا على صحة المعلمات خلال هذه الفترة ، ففي فترة الإغلاق والانتقال إلى التعليم عن بُعد واجهن العديد من التحديات النفسية من بينها الشعور بالعزلة وقلة التواصل الاجتماعي، مضيفا أن المعلمات واجهن تحديات اخرى ومنها ضغط العمل الزائد نتيجة لتكييف الدروس والمواد التعليمية واعدادها وكسر حاجز الخوف والتوتر في حال كانت مضطرة لتصوير الحصص وجاهيا عبر الكاميرا، غير ذلك التوتر والقلق بسبب عدم الاستقرار في المحيط الخارجي بسبب الخوف من الجائحة والتغيرات المستمرة في طريقة تقديم المحتوى التعليمي وذلك لقلة الخبرة المتوفرة في هذا المجال .
وبين أن العلاقات الاجتماعية للمعلمات تاثرت بشكل كبير نتيجة التغيير في نمط العمل من التعليم التقليدي المحدد بوقت الذي تم الاعتياد عليه من قبل إلى التعليم عن بُعد الذي يحتاج لتنسيق عمل اكبر ومتابعه اكثر، مما أدى لربما إلى فقدان الاتصال المباشر مع المحيط الاجتماعي الذي ادى لشعور العزلة وقلة التواصل الاجتماعي لدى المعلمة، موضحا كما أن ازدياد الضغوطات الناتجة عن تكييف العملية التعليمية مع التقنيات الحديثة أثر سلبًا على التواصل بسبب اخذ الوقت الكبير في تكييف واعداد الحصص و الدروس الكترونيا .
وتابع أن هناك ضغوط نفسية اخرى التي كان لها الاثر الكبير في التاثير على جودة التعليم المقدم للطلبة فعندما يكون المعلم أو المعلمة تحت ضغط نفسي نتيجة لتحديات العمل أو الظروف الشخصية أو الظروف الصحية أو الظروف المحيطة ، مبينا أن جميع هذه الضغوط تؤثر بالتاكيد سلبًا على تركيزهم وقدرتهم على تقديم المعلومات بشكل فعال ومفيد فكان للضغوط النفسية الدور الكبير في تقليل الحماس والإلهام في عملية التدريس مما انعكس سلبًا على تفاعلهم مع الطلبة وقدرتهم على تحفيزهم وتشجيعهم على التعليم إضافة إلى ذلك قد يؤدي الشعور بالضغط النفسي إلى زيادة الإجهاد والإرهاق.
انتجت هذه المادة ضمن مشروع "متحدون في مواجهة العنف ضد النساء والفتيات أثناء وما بعد جائحة كورونا" الممول من صندوق الأمم المتحدة الاستئماني. والمنفذ من قبل شبكة الإعلام المجتمعي بالتعاون مع موقع عمان نت.