الأنباط -
الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك في الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ يجسّد جوهر السياسة الخارجية للدولة الأردنية في مواجهة حرب الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال في غزّة والضفة الغربية، ويلقي بظلال خيبة الأمل من عجز المجتمع الدولي عن كبحِ جماحِ كيانٍ مارقٍ حاقدٍ يضرب بعرض الحائط كل القيم الإنسانية وقواعد القانون الدولي، وينذر بانهيار دواعي وجود هيئة الأمم المتحدة من أساسها.
ثنائية الاحتراف والصدق الذي رافق البوح الملكي أمام قادة العالم أثمر في إحراج المجتمع الدولي، وأسهم في وضع القضية الفلسطينية في مقدمة القضايا العالقة التي تتطلب حلّاً سريعاً وناجزاً يتجاوز الشَّجب والإدانة، ووضع معالجة متطلبات المعاناة الإنسانية التي يكابدها الأشقاء الفلسطينيين على رأس أولويات المجتمع الدولة، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي بايدن إلى تقريع رئيس وزراء الاحتلال في تحميله مسؤولية الصلف المدان.
الغضبة الهاشمية في التحذير من مخاطر التَّهجير القسري تجاه الأردن رسالة غارقة في التحدّي والرفض، وجريمة حرب لن تكون عابرة في الفضاء الدولي وفي الأردنيين رمق حياة، عبارة كانت أكثر من كافية لتوحّد الأردنيين وإسنادهم للقائد،
وإصرار ملكي على أن تفريغ فلسطين من أهلها هو نهج لا يمكن قبوله ايّاً كانت وجهة التَّهجير، أو هدفه الذي تتبناه حكومة اليمين المتطرفة في كيان الاحتلال.
خطاب الملك في الجمعية العامة وثيقة مهمة يمكن البناء عليها؛ لإعادة بوصلة عمل المنظمة الدولية إلى وجهتها الصحيحة، وتحدد مخاطر تسييس المساعدات الإنسانية وإغاثة اللاجئين، وتُذكر قادة العالم بأولوية وأد الصراع في منطقة الشرق الأوسط من خلال حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، كما وتفضح المزاعم حكومة الاحتلال بكونها دولة ديمقراطية خلافاً لواقع القتل والتدمير والإبادة.
البيانات المساندة لخطاب جلالة الملك والتَّوحد حول قيادته مقبولة ومقدّرة، وبعض البيانات الملتبسة والمشروطة هي عقبة في طريق التَّوحد والشَّراكة الوطنية، والخلاص من التُّقية السياسية، واحترام مضامين الدستور هو شرط ضروري للثقة الوطنية وقبول الآخر، والزهو الفارغ المٌغلف بالانتقائية هو وحده الذي يخدم مشروع الاحتلال، وعلى الأحزاب -كل الأحزاب- والمؤسسات والفعاليات الشعبية والرسمية إسناد موقف القائد؛ فوراً ودون إبطاء.