الأنباط -
عمان الأدنى بأقل من 20% والكرك ومعان والبادية الأعلى بأكثر من 60%
الأنباط – خليل النظامي
تشير الإحصائيات الصادرة عن الهيئة المستقلة للإنتخاب المتعلقة الى تفاوت كبير في نسب المشاركة الشعبية بين المحافظات الأردنية المختلفة، الأمر الذي ربما يعكس تباينًا في أولويات واهتمامات الناخبين بين المناطق الجغرافية، علاوة على أنها تعكس فجوة كبيرة في مستوى الاهتمام بالمشاركة السياسية بين المناطق المختلفة في الأردن.
ففي الوقت الذي شهدت فيه المناطق الريفية والبادية والجنوبية نشاطًا سياسيًا مكثفًا، عانت المدن الكبرى كـ العاصمة عمان والزرقاء من عزوف واضح، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول كيفية تحسين التمثيل السياسي وتعزيز الثقة في العملية الانتخابية لضمان مشاركة أوسع وأكثر تنوعًا، وهو ما سيكون له أثر كبير على استقرار وتماسك السلطات السياسية.
ومن اللافت أن المدن الكبرى مثل (عمان،الزرقاء) التي تعد مراكز سياسية واقتصادية رئيسية في البلاد ومركز ثقل الاحزاب، شهدت نسب مشاركة منخفضة جدًا مقارنة بالمناطق النائية والأطراف.
إذا كانت نسبة الاقتراع في العاصمة عمان، التي تضم أكثر من 850 ألف ناخب موزعة للدائرة الاولى (19.51%)، والثانية بنسبة (18.29%)، وهي من أقل النسب في المملكة.
وهذا يشير إلى أن هناك حالة من اللامبالاة السياسية أو شيء من عدم الرضا الشعبي في المحافظات الكبرى، وربما قد يكون الكثير من المواطنون في تلك المناطق أقل ارتباطًا بالمؤسسات السياسية أو أقل ثقة في قدرتها على إحداث التغيير المطلوب، إضافة الى أنه يمكن تعزية ذلك إلى شعور بأن التمثيل النيابي في تلك المناطق لا يعكس فعليًا أولوياتهم كما ان اداء المجالس النيابية والنواب الذي بات محط انتقاد دائم فضلا عن الظروف السياسية الملتهبة والاوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع نسب البطالة والفقر تعد من اسباب تدني نسبة المشاركة في المدن الكبرى خاصة العاصمة عمان.
وعلى النقيض من ذلك، سجلت محافظات الجنوب مثل (معان والطفيلة والكرك) نسب مشاركة عالية، إذ بلغت نسبة الاقتراع في معان 60.22% والتي تعتبر الأعلى بين جميع المحافظات.
وهذا يعكس حيويةً سياسية أكبر في تلك المحافظات، وما يمكن تفسيره بعدة عوامل، حيث من المحتمل أن يكون هناك ارتباط وثيق بين أهالي تلك المناطق والمترشحين فيها نظرًا للتواصل المباشر والشخصي بين المرشحين والناخبين والتجسيد الحقيقي لمفهوم العشائرية، أو ربما يشعر المواطنون في تلك المناطق أن المشاركة في الانتخابات هي جزء من الممارسة الوطنية، إضافة الى أنه قد يكون السبب في هذه النسب العالية. أن المناطق الريفية تعتمد أكثر على العشائرية والانتماءات الاجتماعية التقليدية، الأمر الذي يدفع الناخبين للمشاركة الكبيرة لدعم مرشحي عشيرتهم أو منطقتهم.
أما في مناطق البوادي مثل البادية الجنوبية التي سجلت نسبة اقتراع 61.54% ، بسبب التركيبة القبلية والعشائرية، إذ يولي الناخبون أهمية كبيرة للتمثيل السياسي، ويُنظر إلى المشاركة في الانتخابات كوسيلة للحفاظ على التأثير العشائري والتفاوض مع السلطات حول الموارد والخدمات.
وتشير هذه الأرقام والنسب إلى وجود انقسام اجتماعي وسياسي في مختلف محافظات المملكة، ففي حين أن المناطق الريفية والأطراف تظهر حماسة أكبر للمشاركة السياسية، تعاني المدن الكبرى من فتور سياسي قد يُنذر بمزيد من التحديات على المدى الطويل، وتعكس ضرورة إعادة تفكير السلطات السياسية في النظام الانتخابي بهدف ضمان تمثيل أفضل للناخبين في المدن الكبرى خاصة العاصمة، والذين ربما قد يشعرون بشيء من التهميش أو اللامبالاة تجاه العملية السياسية.
علاوة على أنه وبناء على هذه النتائج أصبح من الصعب على البرلمان الأردني أن يعكس بدقة تطلعات جميع مكونات المجتمع، وربما يُفضي إلى استقطاب سياسي واجتماعي أكبر في المستقبل، خاصة بين من يرون في الانتخابات فرصة للتغيير وبين من يشعرون بأنها لم تعد تمثلهم، ويتطلب ذلك من السلطات السياسية التفكير في آليات جديدة لتعزيز المشاركة السياسية في المدن الكبرى خاصة، مثل تحسين الثقة بالمؤسسات الحكومية، وتحفيز مشاركة الشباب والنساء، والتعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي قد تؤثر على نسب المشاركة.
وبلغت النسبة العامة للاقتراع في محافظات المملكة كافة 32.13% بعدد مقترعين وصل إلى مليون و632 ألفا و696 ناخبا وناخبة، من أصل 5.1 مليون ناخب يحق لهم الاقتراع ، فيما بلغت نسبة الاقتراع بين الذكور 35.57% بعدد 851 ألفا و693 مقترعا، فيما بلغت نسبة الاقتراع بين الإناث 29.07% وبعدد 781 ألفا و3 ناخبات.