البطوش: أمهات اليوم يواجهن تحديات بتربية ابنائهن مقارنة بالقديم
الدهون: التماسك المجتمعي بالماضي ساعد الأسر على النجاح بتربية الأبناء
الانباط – شذى حتاملة
كثيرا ما نسمع عن النجاح الذي حققته الامهات قديما في تربية الابناء، حيث تمكنت معظم الامهات من نقل القيم والمهارات إلى ابنائهن بفضل الثقافة والتقاليد المتوارثة، حيث كانت الأسرة المصدر الرئيسي للتعليم مما ساهم في تكوين جيل قوي يتحلى بالمسوولية والتفاني.. ومع التحولات التكنولوجية اصبح التحدي اكبر على الامهات في تربية ابنائهن، إذ يواجهن تحديات جديدة ومتعددة قد توثر على قدرتهن في التربية الفعالة لفشل معظم الامهات بنقل القيم والمهارات بنفس الفعالية التي كانت عليها في الماضي .
الاستشارية النفسية والاسرية والتربوية حنين البطوش قالت: إن التعميم حول نجاح أو فشل جميع الأسر في الماضي أو الحاضر يعد تبسيطاً مبالغاً فيه لظاهرة معقدة ومتنوعة، حيث تختلف ظروف كل عائلة وتجاربها، ما يجعل من الصعب وضع أحكام قاطعة على مستوى مجتمعي، مبينة أن القيم والمعايير المجتمعية حول التربية تختلف بشكل كبير بين الماضي والحاضر ، فما كان يعتبر مقبولاً قديماً قد لا يتوافق مع معايير اليوم والعكس صحيح، وبالتالي يصعب تقييم نجاح أو فشل أساليب التربية دون مراعاة هذه الاختلافات وبدلاً من التركيز على أحكام قاطعة، ينبغي علينا تحليل العوامل التي تؤثر على تربية الأبناء، سواء في الماضي أو الحاضر .
واضافت أن الأسر قديما كانت أكثر تماسكاً وتميل إلى العيش معاً لعدة أجيال، مما وفر للأطفال شبكة واسعة من الدعم والرعاية من قبل الأجداد والعمات والأخوال بنقل القيم والعادات، مما وفر للأطفال شبكة دعم قوية من الأقارب الذين شاركوا في عملية التربية، أما حديثاً فنلاحظ كثرة معدلات الطلاق والانفصال مما قد يؤدي إلى شعور الأطفال بعدم الاستقرار والأمان ، موضحة الى قلة المؤثرات الخارجية قديما حيث كان وقت فراغ الأطفال محدودًا، مع قلة الخيارات الترفيهية والتكنولوجية التي قد تشتت انتباههم عن مهامهم ومسؤولياتهم، والعامل الأهم هو تعرض الأطفال اليوم لعدد هائل من المؤثرات الخارجية من خلال وسائل الإعلام والإنترنت، والتلفاز ووجود هاتف محمول والتي قد لا تتوافق دائمًا مع القيم والمعايير التي يرغب الوالدان في غرسها في أطفالهم، حيث أصبح الأطفال يقضون وقتًا كبيرًا أمام الشاشات، مما قلّل من تفاعلهم مع العالم الحقيقي وتواصلهم مع أفراد العائلة.
وتابعت البطوش هناك عوامل اخرى لها علاقة بدور المجتمع قديماً حيث لعب ادورًا هامًا في تربية الأطفال، حيث كانت هناك قيم ومعايير وعادات وتقاليد مشتركة يلتزم بها الجميع يتم نقلها من جيل إلى جيل، مضيفة حالياً طرأت تغيرات في القيم والمعايير، مما قد يجعل من الصعب على الوالدين معرفة كيفية تربية أطفالهم بشكل صحيح وازداد التركيز على القيم الفردية والتحرر الشخصي، مما شكل بعض التحديات في تربية الأطفال على القيم والمسؤولية الاجتماعية .
واوضحت أن أدوار الأب والأم كانت محددة بوضوح، مع تركيز الأم بشكل أساسي على رعاية الأطفال بينما كان الأب هو المعيل الأساسي بتوفير الرعاية المالية والحفاظ على حماية الأسرة، لافتة إلى أنه عند المقارنة حديثاً طرأت الكثير تغيرات في أدوار الأب والأم كدخول الأمهات إلى سوق العمل، مما أدى إلى تقسيم الادوار بين الوالدين ما أدى ضغوطات لديهم بسبب العمل حيث يضطر كل من الوالدين غالباً للعمل لساعات طويلة، ما يقلل الوقت المتاح لقضاءه مع أطفالهم.
واشارت إلى أن الأمهات اليوم يواجهن العديد من التحديات الجديدة في تربية أطفالهن لم تكن موجودة قديما، تعود إلى تغيرات اجتماعية واقتصادية وتكنولوجية طرأت ومنها التوازن ما بين العمل والحياة الأسرية، حيث أن ارتفاع تكاليف المعيشة يجبر العديد من الأمهات على العمل لتوفير احتياجات الأسرة، وتجد بعض الأسر صعوبة في الموازنة بين مسؤوليات العمل ورعاية الأطفال، وقد يؤدي ذلك إلى الشعور باللوم والإرهاق ونقص الوقت الكافي لقضاءه مع أطفالهن ، مضيفة أن هناك ضغوط التوقعات المجتمعية إذ تتعرض الأمهات لضغوطات كبيرة من المجتمع لتكون انموذجاً يحتذى به وقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالإحباط وعدم الثقة بالنفس ممّا قد يؤثر سلباً على صحتهن النفسية، وبسبب تأثير التكنولوجيا يواجه الأطفال كمية هائلة من التحفيز من خلال التكنولوجيا، كـ الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر والألعاب الإلكترونية حيث يؤثر ذلك على انتباههم وسلوكهم وعلاقاتهم ،فتجد بعض الامهات صعوبة في مراقبة محتوى الإنترنت وصعوبة استخدام التكنولوجيا بشكل فعّال لتعليم الأطفال وتنشئتهم وقضاء الأطفال وقتًا زائدًا على الشاشات، قد يؤثر سلباً على صحتهم الجسدية والنفسية.
كما أن هناك تحديات اخرى حيث تواجه العديد من الأسر منها الضغوطات المالية مما قد يؤثر على قدرة الأمهات على توفير احتياجات أطفالهن الأساسية وقد يؤدي ذلك إلى شعور الأمهات بالقلق والتوتر، ممّا قد يؤثر سلباً على علاقتهن بأطفالهن، وقد تواجه الأمهات صعوبة في العثور على مصادر الدعم كمجموعات دعم الأمومة أو مراكز رعاية الأطفال والحضانات، مشيرة إلى أن التنمر عبر الإنترنت مشكلة خطيرة تواجه الأطفال والمراهقين ويعد التنمر الإلكتروني من التحديات الجديدة التي تواجه الأطفال اليوم، مما قد يؤثر سلباً عليهم وعلى الأمهات دورٌ هامٌ في توعية أطفالهن بمخاطر التنمر الإلكتروني وكيفية التعامل معه. لانه قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة والاكتئاب وحتى الانتحار.
وذكرت أن هناك معيقات وتحديات اخرى تتعلق بنقص الدعم الاجتماعي حيث في الماضي كانت العائلات تعيش معاً لعدة أجيال، مما وفر للأمهات شبكة دعم قوية من الأقارب اما الان فتعيش العديد من العائلات بعيدًا عن أقاربها، ما قد يؤدي إلى الشعور بالعزلة والوحدة ، وهناك تحديات لها علاقة بالعنف ضد المرأة حيث تتعرض بعضهن للعنف من قبل شركائهن أو آخرين في الأسرة ، كما تواجه الأمهات مخاوف الأخرى كـ انتشار العنف والإدمان على المخدرات والتحرش الجنسي واضطرابات الصحة العقلية ، وعدم المعرفة التعامل مع سلوكيات الأطفال الصعبة .
وبينت أن على الرغم من هذه التحديات، إلا أنه من المهم أن نتذكر أن أمهات اليوم هن أقوى وأكثر قدرة على التكيف من أي وقت مضى ،حيث يواجهن صعوبات هائلة، لكنهن يواصلن تقديم الحب والدعم لأطفالهن ولا تزال هناك العديد من الأمهات اللواتي ينجحن في تربية أطفالهن بشكل رائع.
ولفتت هناك العديد من القيم والمفاهيم التربوية التي اختلفت عبر الأجيال، مما يوثر على التربية حديثا ،حيث كانت القيم التربوية في الماضي تركز بشكل كبير على طاعة الأطفال واحترامهم للكبار ، أما حديثا فالتركيز على الاستقلالية والتعبير عن الذات وكان استخدام التأديب الجسدي كـ الضرب مقبولاً بشكل عام كوسيلة لتربية الأطفال، وحديثاً الحث باستخدام أساليب تربية إيجابية، مع التركيز على المكافأة بدلاً من العقاب.
وتابعت وحديثا ايضا تشجع القيم التربوية الحديثة على المساواة بين الجنسين وتوقع مشاركة الوالدين في تربية الأطفال ، موضحة أن هذه الاختلافات توثر على تربية الأطفال ،حيث لم يعد هناك أسلوب واحد للتربية، وتتعدد الأساليب وتتنوع تبعًا للاختلافات الفردية والظروف.
واوضحت أن أساليب تربية
.
واوضحت البطوش أن أساليب تربية الأبناء شهدت تغيرات جوهرية خلال العقود القليلة الماضية، وذلك بالتزامن مع التطورات المتسارعة في المجالات الاجتماعية والتكنولوجية مما أدت التطورات الاجتماعية والتكنولوجية إلى تغيرات كبيرة في أساليب تربية الأبناء ،وبينما تقدم هذه التغيرات العديد من الفرص الجديدة، إلا أنها تشكل أيضًا بعض التحديات للوالدين فمن المهم أن يكون الوالدين على دراية بهذه التغيرات وأن يكيفوا أساليب تربيتهم ، لتلبية احتياجات أطفالهم في العصر الحديث ،مما أثر ذلك على مختلف جوانب العملية التربوية ومنها تنوع مصادر المعلومات حيث كانت الأسرة والمدرسة في الماضي هما المصدران الرئيسيان للمعلومات للأطفال ، مبينة أن اليوم أصبح لدى الأطفال إمكانية الوصول إلى كمية هائلة من المعلومات من خلال الإنترنت ووسائل الإعلام الأخرى ،مما يشكل ذلك تحديًا للوالدين في كيفية توجيه أطفالهم وتمييز المعلومات الصحيحة من المعلومات الخاطئة ،حيث أصبح هناك فهم ووعي أفضل لاحتياجات الطفل النفسية والاجتماعية، مما أدى إلى تغيرات في أساليب التربية .
واختتمت البطوش أن تربية الأولاد من أهم الأمور فالولد أمانة عند والديه،وقلبه جوهرة نفيسة خالية عن كل نقش وهو قابل لكل ما نقش ومائل إلى كل ما يمال به إليه ،فأن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ،وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له ومؤدبٍ وإن عُوّد الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القّيِم عليه ،وصيانة الأولاد تكون بتأديبهم وتهذيبهم وتعليمهم محاسن الأخلاق وبحفظهم من قرناء السوء ،وما أكثرهم في هذه الأيام .
في السياق ذاته اكد المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون ان التماسك المجتمعي في الماضي ساهم الأسر على النجاح في تربية الأبناء وذلك استنادا للقيم الاخلاقية والدينية والاعتمادية التشاركية ، إلا أن بفضل الظروف الاقتصادية الصعبة كان على الاطفال مسؤولية بمساعدة الكبار في سن مبكر وهذا زاد من بناء روح تحمل المسؤولية لديهم ، إضافة إلى أن الام كان جل تركيزها على تربية اطفالها ، اما في العصر الحديث اصبحت المرأة اكثر استقلالية حيث تشارك الرجل في العمل والاتكالية في تعليم الابناء ، مضيفا أن التكنولوجيا الحديثة اصبحت تلعب دورا كبيرا في حياة الطفل مما ادى إلى قلة تفاعل الطفل مع المجتمع ومابين الطفل ووالديه ، ومن الجدير بالذكر أن حديثنا هذا ليس قاعدة عام فهناك الكثير من الأسر الحديثة قد نجحت في تربية اطفالها ولكن لا بد من أن يكون لدينا الوعي بعوامل نجاح الأسرة والاستراتيجيات التربوية التي تساعد الاباء والامهات في تربية ابنائهم .
واضاف أن التحديات التي تواجه الأسر الحديثة وهي صعوبة التوازن ما بين العمل والحياة الاسرية وتاثير التكنولوجيا التي اصبحت شريك اساسي في التاثير على تربية الطفل إلا أن كل عائلة تختلف عن الاخرى ولا يوجد نهج واحد يناسب الجميع في مجال التربية ، لافتا إلى أن القيم والمفاهيم التي اختلفت بين الاسرة في الماضي والحاضر أن التربية في الاسر قديما تعتمد على الطاعة والتقاليد بينما الأسرة حديثا تنمي الاستقلالية والتفكير النقدي ، إضافة إلى أن العقاب البدني كان وسيلة شائعة في الماضي بينما الأسر الحديثة تعتمد على الحوار والتفاهم .
وتابع الدهون أن اسلوب التعليم الذي كان قديما يعتمد على الحفظ والتلقين بينما الان يعتمد التفاعل والعمل الجماعي ، مضيفا اما عن دور الأسرة مقابل المجتمع فقد كانت الأسرة هي المسؤولة عن تربية الاطفال بينما الان يتشارك المجتمع بشكل اكبر في التربية الحديثة ، إضافة الى التقنية التي اصبحت جزء لا يتجزء .
Ad