الأنباط -
ربع قرن من الانجاز والتعبِ.. يوبيلك فخر وفرح
وحققنا بك ومعك
الأنباط- قصي ادهم
لم تكن الرحلة سهلة, فالاقليم نشب اظافره في ظهرنا وفي خواصرنا, فكان ربع قرن مليء بالتحديات, لذلك كان العبور منه ومن فجاءاته وتقلباته وارتدادته, معجزة اردنية خالصة, نسجها قائد واسنده شعب, ونفذته سواعد مؤمنة, فكان العبور العظيم.
ليس سهلا تلخيص ربع قرن, معك وبك, كان فيه البحر متلاطما, لكنه بمسحة من وعي تحول الى واحة تنثر الرمال ذهبا, ومن هنا ابدأ ملمح اليوبيل الفضي, الذي نتمناه ذهبيا وماسيا, بإذن الله, وبتسلسل واعٍ, حولنا معجزة زهرة الملح الى واقع, فصان البحر الميت ينبض بالحياة, والاعمارات والبناءات.
لم نستجب لفقه الاقليم القائم على ابعاد الناس, وتقشير جلود وعيهم وعقولهم, وتسطيح طموحهم, باولويات غامضة وملتبسة, فكانت القفزة في الاعوام الثمانية الاولى, فضاءا من تقدم ونماء, ومن يقرأ الارقام في الصحة والتعليم ودخل الفرد, سيدرك كم كانت المسافة المقطوعة هائلة, فجاءت ازمة العقار والرهن التي ضربت العالم, قاسية على الجميع واقلها عندنا.
ولما نستفق بعد منها, داهمنا الخراب العربي, الذي حاصرنا من كل الاتجاهات, فسقطت دول في مستنقع الفشل, ونجت دول من الهاوية, دون شفاء تام, وعبرنا المرحلة, بكل اقتدار, بوعي من القيادة وتماسك من مؤسسات الدولة السيادية, عسكر وأمن, وحس وطني عالٍ من الاردنيين, مسنودا بتاريخ من السماحة والتسامح, وعلاقة بينهم وبين مليكهم, عصية على الفهم.
هل استرسل اكثر, نعم, في رحلة الخوف من الناس, وصمّ الاذان عن هدير الشوارع والميادين, اطلقنا المحكمة الدستورية والهيئة المستقلة للانتخابات, وبنينا مدماكا من الانتخابات الوطنية العامة, التي لا تخضع لاشتراطات غير اشتراطات الوطن, وربطنا قراراتنا على المواقيت الوطنية, فكانت الانتخابات تلو الانتخابات, لم نتلكأ او نتحجج, بوباء او حصار او تداعيات.
وصلت الى الوباء سريعا, فهذا الذي قصم الظهور, وارعب الاكوان, عبرناه بيسر وبأقل خسائر, فكانت هيبتك اول المضادات وجئت بالمضاد قبل الجميع, اغلقنا نعم, لكننا فتحنا باب الحياة لكل فرد من ظهرانينا او من المقيمين عندنا, وقبلها فتحنا ابواب الامان لكل باحث عنه من دول الجوار وما بعدها, اقتسمنا رغيف الخبز وقطرة الماء ومقعد الدراسة مع اللاجئين, رغم نكران العالم وعدم التزام الداعمين.
هل اشتم نفر منا, رائحة الشواء, فحاول تقليد الاقليم او الاستجابة لغوايته, ايضا نعم, لكن الفتنة ردها الله اولا, وردها وعي شعب مسكون بالاستقرار, ومسنود بالعلاقة الموصولة حبا وكرامة, فزالت الغمة واعاد الله الكيد الى نحره, فثمة مستقر في الوجدان, بأن البيعة موصولة والعهد متصل, واستمرت المسيرة بالثقة في الناس اكثر, فكان التحديث السياسي والرؤية الاقتصادية وتطوير القطاع العام.
هل يمكن السير في دروب العبور الكبير, دون الولوج الى مهبط القلب في الاقصى, وما حوله, تجاوز ذلك عيب وعار, وانت الذي اطلقت الصرخة مدوية, نستأذن الشهداء, ونعلن الدولة غرب النهر, والقدس عاصمتها, رفضت صفقة القرن بحزم القادة وطهر القديسين, وضمدت جراح الضفة, ومسحت على رؤوس ايتام غزة, قبل ان تركب الصعب, وتوصل المساعدات وتكسر الحصار, وتقود القافلة, مستهديا بارث النبوة وطهارة الصحابة, هي حرب ابادة, وهي محرقة جديدة, ولا بد للدم الراعف ان يزهر دحنونا ودولة.
جيوبنا ليست منفوخة, لكن قدورنا مليئة بالخير, فاستطلنا معك وبك فوق النخيل نخيلا, فحضنا العراق وحرارة روحه, وياسمين الشام وجفاف روائحه, وسبأة بعد تداعيات انهيار سدّها مجددا, وقلنا لطرابلس الغرب مرحى, وللسودان اهلا.
يا الله كم هي الكتابة مضنية عنك ولك, فلم تترك بابا للخير الا فتحته, ولم يسلم باب للفتنة من محاولة مخلصة لاغلاقه, فكنت كما هي مقادير الرجالل الرجال, يركبون الريح على قلق الوعد, ويمتطون الصعاب بلا وجل, لذلك عبرنا يا سيدي بك ومعك دروب المستحيل, ووننشد مؤمنين, بأن القادم افضل, بالقطع افضل.
مبارك يوبيلك الفضي, ومبارك لمن كانت ظلك وسندك, ومبارك لعضيدك وولي عهدك, ومبار لنا عبورنا العظيم.