الأنباط -
*خويلة: هاجس الهجرة يسيطر على عقول الشباب وعلى الحكومات دعمهم
*عايش: التعليم العالي بحاجة الى مراجعة بالادوات والتخصصات
الانباط – شذى حتاملة
باتت ظاهرة الدراسة في الخارج مقلقة وبحاجة إلى حلول للحد منها خاصة بعد ان تبين في السنوات الاخيرة أن هناك زيادة ملوحظة في عدد الشباب الاردني الذين يختارون الدراسة في الجامعات الاجنبية، بالرغم من وجود نفس التخصصات في الجامعات المحلية وبكلفة قد تكون اقل من الاجنبية وذات كفاءة عالية، الا أنه رغم التحديات المالية والثقافية يفضل الكثير من الطلبة الدراسة في الخارج، والبحث عن فرص تعليمية خارج حدود الوطن ما يؤدي إلى نقص في عدد الطلاب المسجلين في الجامعات المحلية مما يتسبب في تراجع ايرادات الجامعات وبالتالي يواجه القطاع التعليمي المحلي تحديات مالية .
وتعقيبا على هذه الظاهرة، اوضح استاذ علم الاجتماع الدكتور والاعلامي محمد خويلة، أن هاجس الهجرة اصبح هو التفكير السائد والمسيطر على عقول الشباب ، مبينا أن الدراسة ليست هي السبب الرئيسي لدى كثير من الشباب ، بقدر ما أن كثير منهم يكون دافعهم هو البحث عن فرص عمل افضل لتحسين أوضاعهم المعيشية لهم ولعائلاتهم .
واضاف أن هناك اعداد من الشباب يلجأ للهجرة لتحصيل العلم والدراسة في الخارج بتخصصات قد لا تتاح لهم في الوطن أو الحصول على تعليم وفرص بحثية افضل واكبر ، مضيفا أن الشباب لديهم الرغبة لاستكشاف حضارات وثقافات دول اخرى وللشباب أحلام وطموحات تدفعهم للهجرة، حيث يمكن أن تساهم في نقل وصقل المهارات والخبرات .
وبين أن الشباب الأردني المؤهل هو رأس مال البلد الذي يجب أن تعمل الحكومات على دعمه وتشجيعه وتحفيزه ، وتوفير فرص العيش الكريم بدلا من يبقى هاجس الهجرة هو الشغل الشاغل لدى شبابنا .
واشار إلى أن هناك عوامل قد تؤثر على قرار الشباب للدراسة في الخارج منها التعرف على عادات وثقافات متعددة، توسع مداركه ومعارفه، إضافة إلى أن الدراسة في الخارج تجعل الطالب أمام تجربة حياة تستند على الاستقلالية، مضيفا أن هجرة الشباب تساهم في زيادة الثقة في النفس واكتساب الخبرات والتجارب الحياتية والمهارات الشخصية في التواصل مع الآخرين .
واكمل، هناك اسباب اخرى تدفع الشباب للهجرة وهي التعامل مع الأزمات وتدبير أموره المالية والمعيشية، لافتا إلى أن الشباب يلجا للهجرة لتعلم لغة جديدة واتقانها وهو أيضا عامل مهم يدفع الشباب للدراسة في الخارج من خلال التعايش مع اهل بلد مختلف وهي من اسهل الطرق لمعرفة لغة جديدة واتقانها.
ودعا خويلة الحكومات أن تشجع الشباب على الدراسة في الجامعات المحلية بتخفيض الرسوم الجامعية ، وإنشاء مراكز تدريب جاذبة لسوق العمل بحيث عندما يتخرج الطالب يكون قادرا على العمل مباشرة ، مضيفا إلى تخصيص جزء من الدعم الحكومي المخصص للجامعات للطلبة المتميزين ، وزيادة مخصصات تمويل البحث العلمي ودعم الجامعات لتمكينها من ممارسة الأنشطة الاستثمارية والتي يمكن من خلالها توفير فرص عمل لطلبتها .
وفي السياق ذاته قال الخبير الاقتصادي حسام عايش ، هناك اسباب عديدة لهجرة الشباب للدراسة في الخارج ومنها أن فرصة الشباب في دراسة التخصص المطلوب منخفضة، إضافة إلى الكلفة المرتفعة للتعليم الجامعي وبالاخص البرنامج الموازي أو التعليم الاجنبي ، مضيفا أن هناك اسباب اخرى تتعلق بنوعية التخصصات التي يرغب الشباب في دراسته ليس بمستوى العنوان وانما بمستوى المضمون .
واضاف أن الدراسة في الخارج قد تفتح المجال للشباب للعمل في الخارج بعد التخرج ، وتصبح شهادة منافسة في بلده مقارنة مع الجامعات الخاصة ، وبالتالي يجد الشباب أن هناك فرصة افضل للدراسة في الخارج ، مبينا أن هذا يحمل الاقتصاد المحلي كلف كبيرة من خلال تحمل الانفاق على دراسة الشباب في الخارج ، إذ بلغت كلفة انفاق الاردنيين على السفر في الخارج فيما يخص السياحة والتعليم والصحة عام 2023 مليار وثلاثمائة وخمسون مليون دينار ، وكان النسبة الاكبر في الانفاق في الخارج على التعليم.
وبين أن هناك حجم الكبير من العملات الاجنبية التي تهدر على التعليم أو السياحة الخارجية ، حيث أن كلفة التعليم في الخارج أعلى بكثير من الدراسة في الجامعات المحلية ، مبينا أن ذلك يوثر على الأسر حيث يتم اقتطاع جزء من الدخل المحدود لهؤلاء الأسر على الانفاق على الدراسة في الخارج .
واشار إلى أن التحديات التي تواجه الجامعات المحلية تتعلق بالكلفة والمسافة ونوعية التخصصات المتوفرة ، إضافة إلى السمعة المتواصلة عن عدم مواءمة التخصصات مع متطلبات سوق العمل ، مضيفا أن البيئة الجامعية ليست تفاعلية تساهم في تشكيل شخصيات الطلاب ، حيث يشعر الطلاب انهم ينتقلون من بيئة الثانوية الاصغر إلى بيئة الثانوية الاكبر ، مما يشعرون بأن فرصة الاستفادة من الجامعات ضعيفة ، إضافة إلى رغبة بعض الطلاب في خوض تجارب حياتية جديدة تختلف عن الفترة الدراسة في الثانوية العامة .
واكد عايش على ضرورة أن تكون بيئة الجامعات خصبة للنشاط الثقافي والاجتماعي والسياسي ، وبيئة علمية تسمح الطلاب في تنمية مواهبهم وقدراتهم وتعبر عن الروح الشبابية ، مشيرا إلى ضرورة احداث دورة للتعليم الجامعي بحيث لا يجوز أن يكون تعليم كميا وليس نوعيا ، وأن لا تكون التخصصات الجامعية مكررة إذ لا يتم تجديد نوعية التخصصات بحيث لا تستطيع التناغم مع التغييرات المتسارعة التي تحصل في الخارج .
وتابع أن التعليم الجامعي في الأردن يحتاج إلى مراجعة شاملة وتغيير في الادوات والوسائل والتخصصات لتطويرها والتركيز على التخصصات التقنية الرقمية والتكنولوجية ، مشددا على ضرورة تطوير السوق الأردني وتطوير طريقة تدريس التخصصات الانسانية بطريقة تسمح الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والثورة التكنولوجية ، وتطوير معايير سوق العمل بشكل قادر على استيعاب التخصصات الجديدة ، إضافة إلى تجسير العلاقة ما بين المجتمع والجامعات بحيث لا يجوز أن تبقى منعزلة عن المجتمع لكي تصبح سباقة لدراسة الحلول للمشكلات الاجتماعية والاقتصادية والتقنية والمعرفية والسياسية .